رئيس التحرير
عصام كامل

طب ده كلام ؟!


قبل أيام، أحالت محكمة بالشرقية 400 إخوانى لدوائر الإرهاب الجديدة. التهمة التظاهر والتجمهر بدون ترخيص.. يعنى اختراق قانون التظاهر.لاقى القرار استحسانا بين محسوبين على "شباب يناير" وبعض شباب الأحزاب الجديدة. أشعلوا مواقع التواصل الاجتماعى.. زغردوا للحكم كما في فرح بلدى. قالوا: "الإخوان يستاهلوا".. والإخوان "يستاهلوا فعلا".


الحكم صحيح في الجون. هي العدالة التي نريدها. أحكام ناجزة..وقرارات قاطعة. لا تهاون ولا تساهل ولا مواءمات. لكن الملاحظة أن كثيرا من الذين أيدوا إحالة الإخوان لدوائر الإرهاب بتهمة اختراق قانون التظاهر.. استغلوا المناسبة وجددوا مطالباتهم بإطلاق "شباب ثورة" يحاكمون أيضا في "التجمهر دون ترخيص بالمخالفة لقانون التظاهر"!

اسمه إيه ده ؟ تقول عليه إيه ؟
تقدر تقول "خيار وفاقوس سياسي".. مراهقة من نوع غريب. تستطيع تسميتها انتقائية مصيبة لو ترسخت في ذهن أوساط سياسية.. وشبابية تشكل بعضها جزءًا من الرأى هنا.. وأجزاءً من الرأى هناك، في ظروف لم تعد تنفع معها "رفاهيات الاختلافات غير المنطقية على المبادئ".

صحيح الإخوان يستاهلوا.. لكن هناك من يستاهلوا المحاكمات أيضا على الجانب الآخر..هناك من يستاهلوا رغم أنهم ليسوا إخوانا. يستاهلوا لافتئاتهم بمسالك وأفكار ضد النظام..ضد مفهوم الدولة. يستاهلوا لاعتقادهم حتى الآن أن على "رءوسهم ريشة"..بينما الأصح أن على رءوسهم طيرًا.. أغشيناهم فهم لا يبصرون.

ماذا ينقصنا في دولة ما بعد يونيو ؟
تنقصنا اعتبارات واحدة.. ومبادئ واحدة. لا يصح إلا الصحيح.. لو التوى المنطق ضعنا.. لو تنوعت المفاهيم حسب "الهوى والكيف" باظت.. لو ختمناها كده لا تنتهى بنا الطريق سريعا إلى "ستين داهية".

ينقص بعضنا في ما بعد 30 يونيو اعتبار غطاء اجتماعى وقانونى واحد للأحداث.. ولتفسيرات الوقائع.. وتعليل السلوكيات. غطاء اجتماعى واحد للإخوان ولغير الإخوان. مفهوم سياسي واحد لا يمنح صكوك غفران سياسي لعلاء عبد الفتاح بين مناصريه باعتباره "حامل لواء الحريات"، بينما يجرمون شباب الإخوان على نفس مسالك علاء !

بعد قرار محكمة الشرقية أشعل أنصار علاء نار التأييد لمحاكمة الإخوان في اختراق "قانون التظاهر".. في الوقت نفسه جددوا المطالبات بالإفراج عن علاء !

واحد منهم وصف نظام 30 يونيو في مقال كتبه قبل يومين بالنظام الخشب. نفس ما يمارسه الإخوان من أحكام. لا يعتد الإخوان بالظهير الشعبى لـ30 يونيو.. تماما كما لا يصدق صاحب وصف "النظام الخشب" التأييد الواسع لـ30 يونيو.

أهم ما ينقصنا فيما بعد 30 يونيو هو حل معادلاتنا بمعايير واحدة ومفاهيم مستقرة. مثلا ما هو السبيل لحلول سهلة لظاهرة ينحاز بموجبها حزبيون لضرورة الإفراج عمن يسمونهم "متظاهرى التظاهر" من تيار الثورة.. وإلغاء القانون، في الوقت نفسه يؤيدون إحالة الإخوان إلى دوائر الإرهاب لاختراقهم "قانون التظاهر" !!

أزمة كبيرة لو تعلمون. المنطق معيوب لو تلاحظون.. سهل مع تلك المقدمات التكهن بنتائج غير منطقية.. لأن المدخلات "معيوبة أيضا".

طيب.. شباب الإخوان ضد الدولة وضد 30 يونيو وإرادة أغلب المصريين في 30 يونيو والرئيس المنتخب بعد 30 يونيو. في الوقت نفسه بعض المحسوبين على تيار يناير هم الآخرون ضد الدولة وضد 30 يونيو وإرادة أغلب المصريين في 30 يونيو والرئيس المنتخب بعد 30 يونيو.

يعنى الضرر واحد.. والأزمة واحدة.

تأييد التعامل بحسم القانون مع هؤلاء.. ثم المطالبة بإطلاق هؤلاء "منطق حليمة".. سياسة "سوسن".
يعنى إيه سياسة سوسن؟ يعنى معايير مقلوبة.. مفاهيم مغلوطة خطير أن تصدر عن ساسة ورؤساء أحزاب وحقوقيين ورءوس منظمات مجتمع مدنى.

أهم موقدات يناير كان "الاعتدال". جاءت 30 يونيو لترسيخ سياسة الاعتدال والنظر للأمام بـ"طبة" ميزان واحدة. تعدد "طبات" الميزان صورة من صور نضال "الخيار والفاقوس".

في آخر جلسات محاكمته في اختراق قانون التظاهر سب أحمد دومة الدولة والمحكمة والمؤسسة العسكرية. قال إن القضاة مسيسون.. وصف أحكامهم بسابقة التجهيز. حبسته المحكمة لإهانتها عامًا.. هب رؤساء أحزاب الثورة دفاعا عن "دومة".. جددوا مطالبهم بالإفراج عنه.. وقتها. مطالبتهم بالإفراج عنه قائمة بنفس القوة حتى الآن باسم الحريات.. طب ده كلام ؟؟
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية