رئيس التحرير
عصام كامل

الواقع المصري على أعتاب العام الجديد


تهنئة لكل الشعب المصري، ولكل المصريين مسلمين ومسيحيين بقدوم العام الجديد (2015م)، ويهدف هذا المقال إلى تحديد موقعنا وتحليل واقعنا بين الفرص والتحديات والتهديدات قبل الدخول للعام الجديد.

مبدئيا أعتقد أن العام الجديد يجدر أن يكون إشارة لإغلاق الكثير من الصفحات التي طال امتدادها، وأثارت الكثير من الجدل والحيرة، صفحات تمتد في تاريخها لما بعد الانفتاح الاقتصادي، وصولا للمشهد الحالي منذ يناير (2011م)، ولا يعني طي هذه الصفحات التغاضي عما فيها من أخطاء ومن مسئوليات، وإنما يعني ألا نعيش لفترة طويلة أسرى هذه الصفحات وهذه المواقف، فنستهلك المستقبل في محاولة فهم وتوضيح الماضي، المفروض أن يحدث العكس، أن نستغل الماضي لإصلاح المستقبل، وليس المستقبل للانتقام من الماضي.

لدينا ما يجعلنا نشعر بالفخر في هذا العام تحديدا، فقد أسدل الستار على محاولة اختطاف مصر وترويعها وأخذها في نفق مظلم، باكتمال الإرادة الشعبية باختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر، وأيا كان الواقع المصري الحالي نتفق أو نختلف معه، فبالتأكيد نريد وضعا أفضل مما هو موجود، لكن القراءة الميدانية للوقائع على الأرض تشير إلى أننا نمتلك فرصة ورؤية يهيئان لمصر أن تنطلق للمستقبل الذي تحلم به.. فنحن ندخل عتبات العام الجديد (2015م) ولدينا وضع أفضل من الاستقرار ومن الانتصار على الإرهاب، وفرض الإرادة المصرية على العالم.

دلائل هذا الوضع الأفضل تتمثل في زيادة مقدار الأمان، في مقابل انحسار الإرهاب، ونجاح الدبلوماسية المصرية في معالجة العديد من القضايا التي أثيرت ضد مصر خارجيا، فضلا عن إرساء سياسة توازن العلاقات الدولية مع أطراف العالم المختلفة، وفتح جسور الصداقة من جديد مع القارة السمراء، وتوافر دعم عربي مميز لمصر، وانحسار مد الفكر المتطرف في تونس، وخسارته انتخابيا بفضل الإرادة الشعبية التونسية، كل تلك أمور تشير لوجوب التفاؤل والانطلاق للعام الجديد بقدر من الأريحية والبهجة.

لكنه لا شك تفاؤل حذر، وأمل يجدر أن يصاحبه المزيد من التخطيط والعمل الجاد، فما تزال أيضا هناك نقاط توتر في المشهد الحالي، أهمها الوضع الليبي المأساوي، الذي يمثل تهديدا على الحدود الغربية لمصر، ورغم التقارب المصري الأثيوبي، وتطوير العلاقات على المستويين الشعبي والرسمي ما يزال سد النهضة يتم بناؤه دون تغيير في تصميمه أو إحداث تقدم في هذه القضية، وما يزال موقف حماس غير واضح تجاه الدولة المصرية والسيادة المصرية، وكذلك أيضا ما تزال سيناء رغم النجاحات المتحققة فيها، إلا أنها بقعة ساخنة، تستوجب اهتماما خاصا، وفضلا عن ذلك تربص قوى دولية وعالمية بالشأن المصري.

وأضف إلى ذلك غموض الرؤية بشأن الأحزاب والقوى السياسية التي يمكن أن تكون مفتاحا لتحقيق الغلبة والسيادة في البرلمان القادم، خاصة أن هذا البرلمان يوصف بأنه أخطر برلمان في تاريخ الحياة النيابية المصرية.

على مستوى أكثر إجرائية، لا تُظهر الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة نجاحا في ضبط السوق والسيطرة عليها، ويعاني الكثيرون من ارتفاع الأسعار، فضلا عن البطالة التي تمثل هما كبيرا للعديد من الشباب الذي يقف في طابور ممتد طويل في مواجهة واقع يقضي على أحلامه وطموحاته.

من ناحية أخرى، كمراقب للوضع يمكن أتبين خطوات تتخذها الدولة يتوقع أن يكون لها مردود على مدى قريب نسبيا، مثل مشروع قناة السويس الذي يمثل بجانب كونه مشروعا قوميا لتحقيق دخل في الموازنة المصرية، يمثل أيضا رسالة تحدٍ ورسالة إرادة من كل المصريين للعالم، خاصة مع قدرة الشعب المصري على تمويله ذاتيا، وتوجيه الرئيس السيسي للانتهاء منه في ظرف عام، ومع حرص القوات المسلحة على إعلان ما تم إنجازه يوميا من معدلات الحفر، فإن الأمور تشير لقرب تحقيق الإنجاز المصري الجديد، فضلا عن طرح العديد من الرؤى الجديدة كتطوير منظومة الطرق ومشروع المركز العالمي اللوجيستي للحبوب، وغيرها.

في اعتقادي الشخصي، أن أهم قرار نحتاجه في العام الجديد هو قرار عودة الأخلاقيات والقيم والسلوكيات، فنحن كمواطنين علينا أن نعرف أن لنا دورا كبيرا في مسيرة التقدم والتنمية، وبجانب مطالبة الحكومة بالسير الجاد والسريع في الإصلاحات الاقتصادية، مطالبة المواطنين أيضا بالمساعدة وتوحيد الصفوف والتضامن معا حتى يمكننا فعليا أن نغير الواقع الذي نريده، إلى مستقبل نكتشف فيه من جديد ذاتنا وقدراتنا وإمكاناتنا.
الجريدة الرسمية