رئيس التحرير
عصام كامل

عندما اشتغلت مأذون


في بلاد العم سام يستطيع الرجل والمرأة أن يذهبا إلى مكتب السجل المدني ويقفا أمام شباك الزواج ويسحبا استمارة وبعد ملئها يقدماها مع نتيجة تحليل الدم إلى الشباك ويعودا بعد يومين لاستلامها بعد أن يعتمدها قاضي الولاية.. وكان الله بالسر عليم.. ويصبح زواجا رسميا قانونيا ملزما..أما من كان يريد زواجا مسيحيا أو إسلاميا فعليه أن يفعل نفس الشيء وبدلا من أن يقدم استمارة الزواج إلى الشباك فعليه أن يعطيها إلى القس أو الإمام الذي يقوم بمراسم الزواج ويرسلها بدوره إلى القاضي لاعتمادها وتصبح رسمية.


كنت قد انتخبت إماما لمسجد بوسطن وكان حاكم ولاية ماساتشوستس قد عيني محلفا وكنت أستاذا مساعدا بجامعة بوسطن فتم اختياري مسجلا لزواج المسلمين يعني مأذونا وفي أمريكا يسمونه Justice of Peace وهذا يعتبر مركزا أدبيا عاليا ومصدر رزق لا بأس به وطبعا قابلني القاضي وذكرني بمسئولية هذا الاختيار وكوني أستاذا جامعيا يقدر الأمور..

وفي أحد الأيام جاءني شاب يطلب عقد قرانه وحدد الزمان والمكان وذهبت إلى منزل عائلته خارج مدينة بوسطن وهالني أن المنزل قصر منيف واستقبلني والد العريس بحفاوة بالغة وأدب جم وكذلك كافة المدعوين وكان جليا أنهم من علية القوم وأنهم من إيران وبعد إتمام عقد القران استوقفني المضيف وأشار إلى أحد الخدم الذي ذهب وأحضر ملاءة سرير وفرشها على السجادة الإيراني الشنواه العتيقة وتمتم ببعض كلمات وبدا كل من الضيوف في إلقاء بعض الدولارات على الملاءة ثم احكم ربطها الخدم على ما فيها من المال واعطنيها ولما شاهد خجلي الشديد ربت على كتفي وقال لي إنها تقليد إيراني..ووضع الخدم الملاءة في سيارتي وانطلقت عائدا وكان كل تفكيري كيف أحمل الملاءة بالمال من مكان انتظار السيارة إلى سكني وكنت أسكن وسط البلد..

وجمعت المال في شنط ورق وكذلك الملاءة الفخمة التي فحصتها ووجدت مطبوعا عليها قطن مصري مجهز في نيويورك..وطبعا احتفظت بها..يا لها من مفاجأة..قطن مصري وصناعة مصرية..أين صناعة النسيج الآن؟؟..ألسنا في حاجة إلى إحيائها..أنه الطريق لإصلاح جزء من السوق.
الجريدة الرسمية