رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الصنمان


أخشى أن يكون الرئيس السيسي، قد اقترب، من خطأ فادح، يعيد إلى الأذهان خطيئة أول جاسوس مدني منتخب، هو محمد مرسي، حين خرج على الناس بإعلان دستوري فاضح فاجر، حصن به نفسه، وقسم الأمة إلى فسطاطين، فسطاط الإخوان المؤمنين، وفسطاط المصريين الكفار، خارج الأهل والعشيرة. بالطبع يختلف مضمون الإعلان الجريمة، عن مضمون مشروعي القانونين اللذين طلب الرئيس إلى مجلس الوزراء إعدادهما لتجريم إهانة سيدنا خمسة وعشرين يناير، وستنا ثلاثين يونيو، رضي الله عنهما، وأرضاهما.
من المعروف أني أمقت خمسة وعشرين يناير، كرهتها، لا لأنها أجبرت الرئيس مبارك على التخلي عن الحكم، بل لأنها انطوت على خطط أجنبية لإسقاط الدولة المصرية، وشارك مواطنون ساخطون، وشباب حالمون، ونخبة فيها أغبياء، وفيها وكلاء لقوى دولية، وعملاء مأجورون، فهي خليط غير مبرأ، وجنين سفاح لألف أب.

ولقد كنت مستعدا أن أتقبل التغيير لو لم يرتبط بالإرهاب الذي كان من سماتها الأساسية، متمثلا في اقتحام السجون، وأعمال الحرق والسلب والنهب والقتل والخطف، والغزو الأجنبي، ومن ثمن فإن قانوني السيسي لحماية هذا المولود المسخ، هو تحصين لعاهة وطنية، يفخر بإنجابها كل من سافح شرف الوطن وأسال طهارته!

على الطبطاب، جاءهم حكم براءة مبارك، ولست في معرض الكلام عنه، لكنه صار بمثابة الملطمة، التي آوي إليها الطابور الخسيس، ممن انفضح أمرهم، عمالة أو غباوة، أو سفالة، ولسوف يحاكمون، والحق أن من حقهم إحداث جلبة، والقيام بخبط جامد في كل أواني المطبخ، وتفزيع الناس، لكن لا أرى مبررا لدى رئيس قوي شجاع، هو أعلم من غيره بعدم نقاء بذرة ذلك اليوم المهين لتاريخ الوطنية المصرية، أن يرضى قطاعا طاهرا من شباب شارك بنية وطنية في تغيير لحساب المستقبل، فإذا به مجرد أنفار في جيش من العملاء والمرتزقة والجواسيس، الغبي وسطهم، هو أشرفهم !

نعم لابد من حماية دور الأنقياء، لكن ليس بتكميم أفواه، من رأوا الوطن يساق إلى الهاوية بالسذج والإرهابيين، فخرجوا في يونيو محترمين طاهرين، ولم تسفك دماء !

لم يحصن جمال عبد الناصر ثورة يوليو التي بدأت انقلابا بحتا، آزره الشعب. وتحول لثورة إصلاحية شاملة ومشروعا وطنيا، ولم يسقط فيها سوى قتيل واحد ليلة الاستيلاء على مقر وزارة الدفاع، لم يصدر ناصر قانونا، بل الشعب وحده هو من احترمها وأحبها، واختلف حولها، حتى بعد رحيله، لكن تقديس يوليو، لم يقع، ولا تقديس الثورة الفرنسية حصل، فما كان بشريا، لا يجوز بقانون يريده الرئيس، أن يصير إلهيا! لا يناير اللات، ولا يونيو العزى! إنا مسلمون مصريون وطنيون فحسب!
Advertisements
الجريدة الرسمية