رئيس التحرير
عصام كامل

حضارة 7000 سنة تكسيها القمامة


لقد ترك لنا أجدادنا إرثًا لم يترك لأحد بالعالم أجمع، ولكننا تعاملنا معه بأسلوب لم ولن يتعامل به أحد في العالم أجمع، إنها حضارة بلدنا الجميلة المتمثلة في أرضنا وآثارنا ونهرنا، ميراث نظيف لديه كل المقومات التي تجعل من وطننا الغالى جنة الله في الأرض، كثير من دول العالم تفتقر لما نمتاز به نحن، لقد حبانا الله عز وجل بنهر النيل الذي يعتبر أفضل أنهار العالم، كذلك لدينا بحران بهما أجمل شواطئ العالم ورمالها النقية التي تجتذب السياح من بقاع العالم للشفاء، وأرضنا التي تمتاز بتربتها الخصبة، وفوق هذا كله آثارنا التي تعد من أكبر مصادر فخرنا ويأتى لها السياح من جميع بلدان العالم، تستحقين، يا بلادى، أن تكونى جنة الله في الأرض.


من الوهلة الأولى لافتتاحية المقال، أترك في خيالك، أيها القارئ، صورة خيالية عما كانت عليه مصر، أما الآن فلنكشف وجه الحقيقة لما حدث لهذا البلد الجميل على أيادى بعض الفئات من الشعب المصرى الوريث الوحيد لهذه الهبات الإلهية، لقد تحول نهر النيل للون الأخضر واحتلت ضفافه القمامة وأصبح مغسلا لجميع أنواع الحيوانات، لقد رأيت بعينيّ سيدة تبصق في نهر النيل ولم أصدق ما أراه، أتبصقين في مياه شربنا ؟ بل الكارثة يتبول به الكثير من الأشخاص وتستخدمه بعض ربات البيوت مغسلا للصحون والسجاجيد، ما هذا السلوك غير السوى الذي تتعامل به هذه الفئات ولا تجد لها الرقيب أو الردع الحازم من المسئولين.

فلنترك نهر النيل ولنذهب لشوارع المحروسة التي لا تختلف كثيرًا عن شوارع باقى مصر، بل هي أرقاها، فهى شوارع العاصمة، كانت مدينة القاهرة في حقبة الاحتلال الأجنبى من أنظف مدن العالم، والآن تصنف من أكثر مدن العالم احتواءً للقمامة، لم أجد في عاصمتى طريقًا يخلو من القمامة الملقاة على أرصفته، لقد احتلت النواصى والجزيرة في المنتصف ولا ننسى هنا نابشى القمامة فهم العامل الأساسى في انتشار القمامة بعد نبش الحيوانات لها، ما هذا الذي أصبحنا نراه يوميًا، نترك الجميع يلقى ما فى جوفه على المارة بالطريق ونظل مكتوفى الأيدى، تحتل أكوام (الحجر والطوب) الكبارى ولعل الطريق الدائرى خير دليل، حيث يستخدمه يوميًا ما يقرب من العشرة ملايين مصرى ولا أجد منهم من يعترض عربات نقل القمامة التي تتخلص من حمولتها.

لقد أصبحنا في حالة لا مبالاة لما يحدث، ليس نحن فقط، بل المسئولون عن شركات النظافة وكذلك رؤساء الأحياء والمحافظون، الجميع ترك ميراثنا يغرق في فيضان القمامة غير عابئين بأضراره على أنفسنا، أين المسئولون في الدولة عن حل مشكلة القمامة في الشوارع ؟ أين إعلامنا الذي يصدع رءوسنا بالشائعات ولماذا لم يتناول ملف القمامة بالشوارع؟ ولماذا أغلقت عدساتهم عن رصد الفاعلين ؟، إن الروتين اليومى لأهرامات القمامة التي تعلو يومًا بعد يوم، لن ينتهى مادام كلا الطرفين دون تحرك.

لذا فإن حل هذه الكارثة لن يحدث إلا بتعاون الطرفين، الشعب والحكومة، على الشعب أن يترك هذه العادات بل ويحاربها من خلال تصوير كل واقعة إلقاء قمامة تمر أمامه وإرسالها على صفحات ومواقع تقوم الحكومة بإنشائها خصيصًا لهذا الغرض لسهولة وصول شركات النظافة لهذا المكان بأسرع وقت ممكن لتنظيفه، سن القوانين وفرض الغرامات المالية المرتفعة وتطبيقها بكل حزم وتركيب كاميرات مراقبة لأكبر عدد من الطرق كمرحلة أولى لرصد الفاعل وتعقبه لتنفيذ القانون على كل من يثبت تورطه متلبسًا بإلقاء القمامة بالطريق بشكل فورى، حتى نستطيع في خلال عام واحد تنظيف الطرق من أكوام القمامة وكذلك تخليص بعض الفئات من عاداتهم السيئة، فيرتقى وطننا ويتجمل من أجلنا نحن وأجيال المستقبل.

أرجو أن يصل صوتى للمسئولين وينال جانبًا من الاهتمام لإيجاد حلول سريعة قد تكون أفضل بكثير من حلولى هذه ولكنها ستحقق النتيجة المرجوة، حفظك الله يا بلادى يا جنة الله في الأرض.
الجريدة الرسمية