رئيس التحرير
عصام كامل

الأشخاص الأكثر حقارة في المجتمع

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أراه يفوح أكثر فأكثر ويقترب حتى يصل غلافى الحيوى.. يُشعِرنى بالاختناق وبدايات الوعكة، وكأنها لدغة مميتة من الأفعى "ذات الأجراس" يسرى سمها حتى تتغير معها مكونات الدم ممتزجة بشوائب قاتلة لا تقوى الغدد الليمفاوية على فلترتها، لتجعلني أحتاج فور تمدد هذا الشذى القاتل بالهواء إلى أنبوب أكسجين وإلا احتبست أنفاسى لدرجة تفضى إلى الموت اختناقًا.


أتحدث عن أنماط بشرية لها كل الخصائص السابقة ومرورها العابر قد يطيح بك أرضًا من فرط سُميته، تتعكر معه الأجواء وتهب رياح عدم الارتياح وكأنها عاصفة رملية غادرة يمكنها أن تصيبك بسدة رئوية وتعتم رؤيتك بشبورة من الاصفرار الذي يتقطر من تلك الطلة اللعينة.

هل صادفك هذا النمط البشرى العجيب؟ إنهم أصحاب النفوس المعتلة والضمائر البلاستيكية والشخصيات المطاطية التي يتضخم طولها وعرضها لينتهى أمرها بالانفلات في وجهك ضئيلة منكمشة وملتوية لترتطم بالأرض بعد أن كانت تتأهب لاجتياح أضعاف مساحتك.

أكاد أراهن بأنه لا يخلو دفتر أحوال كل شخص من حالة مرضية كهذه قد يكون موطنها في العمل، بين الجيران.. وقد تكون تعيس الحظ لو صادفت أكثر من حالة، فحالة واحدة تكفى !!.

فقط أتساءل لمَ هذا التلون المفتعل وخلط العطر بالسم ؟ أهو فخ الاصطياد أم تَجمل الذئاب ؟ قد يكون لا هذا ولا ذاك، ويكون الأمر ببساطة اعوجاجًا نفسيًا يُرثى له لدى هؤلاء ممن يرفضون الاعتراف بضآلتهم لتظل نقائصهم تصهر السم وتعتقه فيفوح قسرًا بعبقه الخبيث يفترشون الابتسامات الصفراء ويتزينون بملامح بشوشة يكسوها التيبس كاشفًا عن تكلفها.. يفترضون بك الغباء وأنك ستبتلع الطُعم سريعًا، يفتعلون الود ولكن لسواد قلوبهم ألف دليل ودليل.

حينما تحاول الابتعاد لا يتركك، يظل يحوم حولك بزنبقه الشيطانى، حيث يبدو ناصعًا فواحًا ولكنه مليء بتركيزات بالغة السُمية، ينشر كل فيروساته على سطحك.. ينتظر ساحة انتصار زائف، يداوى به إخفاقاته متراقصًا على جسمانك.. وإذا ما نجح، لملم أدواته سريعًا لإعادة الكرة، فجسده لا يحتمل سمومه ويتوسله أن يتخفف من بعضها بزرعها في دماء الآخرين.

قد يُخَيل للبعض أننى أُبالغ في تقبيح من أصف، ولكنها حقيقة، وما أقوم به فقط تجريد هذه الحقيقة من قناعها لتروها كما أراها، فما أجمل أن تستطيع قراءة الملامح وتفك شفرات لغة الجسد الواشية التي لا تحتفظ بسر مرضاها، فقط صدق حدسك ولا تدع البهرج الخداع يخطف ضى عينيك، فقد يكون أكثرهم قربًا هو أكثرهم غدرًا وأكثرهم تبسمًا هو أكثرهم حنقًا.

ما عليك سوى الارتطام بأول انفعال غاضب وستقرأ منه الكثير ويا حبذا لو تقاطعت المصالح، ستقرأ أكثر وأكثر، فقط احمِ أنفاسك، فأشدهم فتكًا من لا يجاهر بعدائك ويظل محتفظًا بمساحة تبقيه بجوار مجالك الحيوى كى تتجرع سمه ببطء ويوخزك بأشواكه الملوثة.

فهناك طريقة واحدة وإن جاز لى اعتبارها "روشتة" أو قناعا واقيًا من هذا العطر الفتاك، إليك تلك الخطوات لعلها تفيد:
• لا تدعه يقرأ عينيك فيرى ما يدور بهما من كشف ستره وريائه.
• احتفظ بهدوء يجعله يصدق نجاحه في خداعك وفى الاقتراب دون حذر.
• احرص على ألا تكون صاحب المبادرة، فلتكن مجرد رد فعل وليس أكثر.
• كن هلامى الردود ولا تفضى بكلمة واحدة ذات مغزى. 
• دع الفتور عنوانك حتى يمل ويعزف عنك بما أنك بغير نفع له.
• احذر من إظهار نجاحك أمامه، فهو وقود لهبه يدفعه لمزيد من التربص.
• حاصره بحب واحترام الآخرين لك ليزداد تضاؤلا في أعماقه.
• حاربه دون العلن بتجاهل كل أقواله وأفعاله وإساءاته. 
• وأخيرًا أتمنى أن يغادرك بلا رجعة لتتخفف من عبء الاحتماء الدائم من نفحاته القاتلة ومن كبت انفعالاتك الحقيقية، درءًا لسمومه المتناثرة.
Advertisements
الجريدة الرسمية