رئيس التحرير
عصام كامل

عندما تدخل الحمير الجنة


وجه مذيع إذاعة القرآن الكريم لضيفه الأستاذ بجامعة الأزهر؛ حيث أرسلت مستمعة إليه سؤالًا عويصًا حول من ستختاره ليكون زوجا لها في الجنة.. هل زوجها الأول أم الثاني أم الثالث؟

اهتم الأستاذ بسؤال المستمعة، وأخبرها بأنها ستختار أيهم كانت تحبه أكثر.. وصلت إلى مبتغاي، ونزلت من سيارتي، وجلست أتصفح بعض مواقع الإنترنت، وعلى شبكة "سي إن إن" العربية، كان الغرب مشغولًا بقضية أخرى أكثر جدية.. هل سندخل الجنة ومعنا حيواناتنا الأليفة التي كنا نحبها في الدنيا؟

الموقع ناقش القضية من جذورها، وعلاقة باباوات الفاتيكان بحقيقة دخول الحيوانات الجنة من عدمه، وانتهى به المطاف إلى أن البابا السابق قال ذلك، وبالتالي فإن كل واحد منا قد يصحب كلبه معه في الجنة، ويتجول بين أشجارها وعنبها وأنهارها دون أن يفارق قطته أو كلبه أو حماره، إن كان على علاقة حب بهذا الحمار.

أما الدواعش فإنهم مشغولون بما ملكت أيمانهم من سبايا الحروب.. أما الشيعة فإنهم يجزمون بأنه لا يدخل الجنة إلا من كان معه جواز من سيدنا علي بن أبي طالب!!

والناس مشغولون بالجنة دون الانشغال بالطريق إليها، والإعلام يجري وراء تفاهات لا علاقة لها بما ستئول إليه الحياة الأبدية.. الإعلام لا يحدثنا عن العمل الدءوب، وإعمار الأرض، والخلاص من دنس الدنيا بجهاد النفس، ولا يحدثنا عن العالم النوراني الذي لا علاقة له بجسدٍ فانٍ.. يصرون على الذوبان فيما تصوره عقول لم تعِ، ولم تفهم، ولم تدرك حقيقة الروح الأبدية النورانية، وذلك العالم الذي تحكمه قواعد غير القواعد وقوانين غير القوانين..

مشغولون نحن بعنب وحور عين لا تسقط عنهن بكارتهن أبدًا وبالغلمان المخلدين، وبالهوس الجنسي اللامتناهي.. لم يشغلنا أحد بالتدبر والتأمل والخلاص البدني من قوانين الأرض، وأعباء الأرض، وسجن الأرض.. مشغولون بكلاب وقطط ومشغولون بأي الأزواج سنختار دون أن نعي أن من أبواب الجنة إخلاص العمل، والخلق الحسن، والتواصل الإنساني الراقي.. وبناء المصانع، وزرع الأرض، وتنظيف الشوارع، والتعامل بالحسنى، ومناصرة الضعيف، وإطعام الفقير، والنظافة الشخصية، والابتكار والاختراع وكلها طرق إلى الخلود، وإلى قواعد لا يمكن لبشر أن يتصورها «ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»، فكيف تتصورون ما لا يخطر على عقولكم؟

أليس الأجدى بأن يصعد الإمام إلى منبره، ليسأل الناس لماذا تظل القاذورات أمام المسجد وفي الشارع؟.. لماذا لا نسقي الشجر على الطريق؟.. لماذا نزوغ من العمل ونهرب من المسئولية؟.. لماذا يعيش بيننا جائع؟

أليس حريا بنا أن نشغل أنفسنا بالمهمة الأولى لنا على الأرض، وهي التسامح، وإعمار الكوكب، ونشر الحب، وبناء علاقات إنسانية لا تنفي أحدًا، حتى الكافر الذي منحه الله القدرة على إنكار خالقه والكفر به دون أن يرجمه أو يجلده أو يذبحه تاركا إياه إلى يوم الحساب؟
الجريدة الرسمية