رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الوراء الذي يؤرقنا يا سيادة الرئيس


يبدو أن هناك مسافة كبيرة بين ما يقصده الشعب ويخشاه في نفس الوقت وبين ما يعنيه السيد الرئيس بمفهوم ( الرجوع للواراء ).... ففى لقاء الرئيس الأخير بالإعلاميين والصحفيين عقب افتتاح مطار الغردقة، انفعل سيادته مؤكدا أنه لا عودة للوارء.. لكن يبدو أن هناك أكثر من (وراء ) يؤرق الشعب موجود بالفعل وفي المقدمة يا سيادة الرئيس لكن لا يسلط أحد من أبواق النفاق الإعلامي الضوء عليه، لأنهم جزء منه ولعدم اكتراثهم بهموم الشعب الحقيقيه قدر اهتمامهم بتحقيق أكبر ربح مادى ممكن على حساب الوطن والدولة والنظام!


إذا كان الرئيس يقصد بالوراء عودة رجال الأعمال ربائب عصر مبارك إلى الساحة السياسية مثل الحديث المتواتر عن عودة أحمد عز مهندس الصفقات السياسية في عهد جمال مبارك والمسئول الأول عن مهزلة برلمان 2010 المزور، فإن ذلك لا يعنى الناس بقدر عودة عز وأمثاله فعليا للحياة الاقتصادية والعامة واللعب في أقوات الشعب والعبث بما تبقى من القطاع العام والذي تصر حكومة محلب على تكرار نفس نظام مبارك ببيعه بأبخس الأثمان وفي المقابل تخصيص ما تبقى من أراضى الدولة لمن ترضى عنهم حكومته !

وبصراحة أكبر، فالوراء الذي تحدث عنه الرئيس أصبح في المقدمة جهارا ودون خجل، فها نحن نرى طرح مصنع (بيسكو مصر) للبيع، أي خصخصته وفي المقابل تخصيص أرض (زراعية) للمدعو محمود بدر لإقامة مصنع بسكويت عليها، أليس تلك ردة للوارء جعلت الجميع، حتى مؤيدى الرئيس والحكومة وكل شىء، يتساءل: هل هذه مكافأة أم تسديد فواتير أم محاباة أم ماذا؟.. ثم انظر لوزارة الزراعة التي تخصص أرضا زراعية لإقامة مصنع !... جريمة متشعبة هي إذن في حق الوطن، محاباة واضحة لمهندس حركة تمرد والتي شارك فيها ملايين نحن منهم، ثم تبوير أرض زراعية بقانون المزاج الوزارى، بينما نفس الوزارة تقر قانونا بالحبس خمس سنوات والغرامة لمن يبور أرضا زراعية يبنى عليها حجرة سكنيه، ثم تخصصها دون مزايدة علنية أي بفساد يزكم الأنوف، وفي نفس الوقت الدوله تبيع ما تمتلكه من مصنع ينتج نفس السلعة.. بالطبع ملايين من علامات التعجب لا تكفى... ثم يقول مسئول الزراعة إن هذا حدث بقرار جمهورى !

هل يوجد ( وراء ) أكبر من هذا يا سيادة الرئيس، الناس لا تعنيها رؤية وجه فلان أو غيره من عصور مبارك بعدما شاهدوا رجال مبارك يحقرون من الثورة يوميا على شاشات تتمسح بكم وتدعى أنها تتكلم باسمكم وباسم الوطن معا!

لا يمهنا ظهور آلاف منهم يوميا لأن الحياة بواقعها المرير تغطى على كل هذا اللغو الشيطانى الذي يستهوى كل من له قلب مريض وعقل فاسد تافه، ما يهم الناس يا سيادة الرئيس هو رفع الدعم عنهم ثم رفع أسعار السلع يوميا عليهم ثم التغنى بالحنو على الشعب والرحمة به من قبل حكومة المهندس محلب، وانقطاع الكهرباء مع مضاعفة الفواتير، وعدم وجود العلاج في مصر إلا للأغنياء فقط والمشاهير، والظلم المتفشى في معظم قطاعات الدولة والذي أصبح هو القاعدة بينما صار العدل مجرد استثناء !

( الوراء ) الذي يهم الشعب وينغص حياته هو العنصرية والفساد والفجر في التعينيات في مراكز الدولة المهمة منها أو حتى البسيطة والتي تهمل الكفاءة والتخصص والتميز العلمى والعقلى وتهتم فقط بالأسرة والمال والقرب من الكبار حتى صرنا نعيش في وراء دائم يتقهقر بنا لجحيم وانفجار قادم لا محالة، ندعو الله أن يجنبنا إياه لكن لن نتجنبه سوى بالعدل الغائب والمغيب عمدا عن حياتنا.

الوراء الذي نخشاه جميعا، الرئيس والثوار وكل الوطنيين، هو سقوط الوطن والدولة أو ما رفض الرئيس تسميته بـ ( النظام )... دعنا من الجدل حول المسمى السياسي الآن ولكن إسقاط الدولة الذي يمر حتما بإسقاط النظام الحاكم ثم النظام العام ثم مؤسسات الدولة... وبالطبع الجميع لا يتمنى حدوثه أو يسعى إليه، لكنه يحدث جبرا بغير إرادتنا مع تفشى الظلم والفقر والفساد وهذا بحق هو الوراء الذي نعنيه!
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية