رئيس التحرير
عصام كامل

موطن الشيطان..!

فيتو

عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة، يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول: كذا وكذا، فيقول (إبليس): لا والله ما صنعت شيئاً، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، قال: فيقربه ويدنيه ويقول: نعم أنت».


هل قرأت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم جيدا، من خلال الحديث السابق للرسول عليه الصلاة والسلام تتضح لنا حقائق عدة هي:

أن عرش «إبليس» على البحر، وذكر الرسول عليه الصلاة والسلام لكلمة البحر، واتخذ من مكان العرش قاعدة لتنطلق منها سراياه نحو تنفيذ أعمال الشرّ في عالم البشر.

إذن فهناك عرش والعرش حوله سرايا، ومعني هذا أن هناك مملكة والعرش والسرايا كانا أهم ما يميز الممالك في العصور الأولى، وكأن الرسول يوضح لنا بذلك وجود مملكة لشياطين الجن بزعامة «إبليس» في البحر، وهذه المملكة قديمة قدم الزمان.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام عن البحر الذي به مملكة الشياطين؟ ربما هذا يعود لأحد سببين: إما أن موقع هذه المملكة في علم الغيب، وإما أن عالم الجن الغير مرئي يمنعنا من الاطلاع على أسراره، فلم يرد الرسول عليه الصلاة والسلام أن ينشغل المسلمون بما لا ينفعهم أو يعرضهم للهلاك.

ولو بحثنا في بحار الأرض عن الموقع الذي يشتبه بوجود مملكة شياطين الجن به، لوجدنا أن منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين هما أكثر منطقتين تثيران الشكوك حولهما، نظراً لما تحويانه من شرّ وغموض وأسرار لبني البشر منذ آلاف السنين.

عدد لا يحصى من السفن المختفية على مر السنين في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين، وعقود من الزمن مضت على الاعتراف الرسمي بها، ولا زال الغموض يكتنف الأمر وعقول البشر في حيرة بل عاجزة تماماً عن تقديم أي تفسير منطقي لهذه الظاهرة؛ سوى بعض النظريات التي أوردها بعض الباحثين.

لكن يبقى إصرار العامة على احتمال وقوف شياطين الجن وراء الاختفاءات في برمودا والتنين هو الاحتمال الأكبر بعد فشل العلماء والباحثين في تقديم التفسير العلمي المقنع لهذه الاختفاءات، فهل لشياطين الجن علاقة بأمر الاختفاء في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين؟، بالفعل لدى شياطين الجن الدوافع للقيام بإخفاء أو بالأصح باختطاف المركبات العابرة في منطقتي برمودا والتنين، كون هذه المركبات تشكل خطراً عليهم وعلى مملكتهم وذلك بافتضاح سرهم للبشر.

وكما أن لدى شياطين الجن الدوافع للقيام بذلك، لديهم أيضاً القدرة على القيام باختطاف هذه المركبات، والقرآن الكريم يؤكد على ذلك من خلال القصة التي حكاها لنا وحدثت قبل آلاف السنين.

تقول القصة: كان نبي الله "سليمان" عليه السلام أحد ملوك الأرض العظماء، وكان قد حكم بني إسرائيل وبنى له مملكة في مدينة القدس .. وحدث وأن طلب "سليمان" من رب العالمين طلباً لم يُجاب لأحد قبله أو بعده: "رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب" آية 35 سورة ص.

وحقق له الرب ما أراد، فأعطاه من النعم ما لا يُعد ولا يُحصى، من تلك النعم علمه منطق الطير، وسخر له الجن، وجعل الرياح تجري بأمره، وفي ذات يوم وبينما "سليمان" عليه السلام جالس في خيمته، أتاه طائر الهدهد أحد جنود جيشه، وأخبر الهدهد "سليمان" عليه السلام بأنه رأى في دولة سبأ قوم تملكهم امرأة لها عرش عظيم ويسجدون للشمس من دون الله.

فأرسل "سليمان" كتاباً بواسطة الهدهد لملكة سبأ التي تدعى "بلقيس" جاء فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين" آية 29 سورة النمل.

ووصل كتاب "سليمان" لـ"بلقيس" .. واطلعت "بلقيس" على الكتاب، وبعد مشاورات مع مستشاريها وبعد أن علمت أن لدى "سليمان" جيشاً عظيماً لا يقدر أحد على تحديه يتشكل من البشر والجن والوحوش والحيوانات والطيور، قررت الذهاب لـ"سليمان" خشية القتال.

وعلم "سليمان" بأن "بلقيس" قادمة إليه بالطريق، فأراد أن يعد لها مفاجأة لعلها تكون لـ"بلقيس" المعجزة التي تثبت لها نبوته لتكون من المسلمين.

فجلس "سليمان" في مجلسه المعتاد الذي يبتدئ من أول النهار إلى قريب الزوال، وجمع أتباعه الجن من حوله وقال لهم: "يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين"، فعرض أحد عفاريت الجن الحاضرين قدرته وخدمته قائلاً: "أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك" آية 39 سورة النمل، أي قبل أن ينقضي وقت انتهاء مجلسك هذا الذي كان سينتهي بغضون الساعتين فقط، مختصراً بذلك رحلة تستغرق عدة أشهر.

وعرض آخر من مؤمني الجن قدرته وخدمته على "سليمان"، قائلاً: "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" آية 40 سورة النمل، أي قبل أن يرجع إليك طرفك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته.

واستعان "سليمان" بالأخير في إحضار عرش "بلقيس"، وأحضر مؤمن الجن العرش كما قال أمام أعين "سليمان" عليه السلام.

وبهذا يتضح لنا من خلال هذه القصة التاريخية التي ذكرها القرآن الكريم مدى القدرات الخارقة التي وهبها الخالق سبحانه وتعالى للجن، وأن مسألة اختطاف المركبات العابرة في منطقتي برمودا والتنين ليست بالأمر العسير عليهم، فقدرتهم على نقل عرش عظيم لا يقوى على حمله إلا بضعة رجال من سبأ في اليمن إلى القدس في ظرف زمن خيالي أليس بقادر على اختطاف طائرة بالسماء أو سفينة على البحر أو غواصة تحت الماء ونقلها إلى أي مكانٍ يشاء.
Advertisements
الجريدة الرسمية