رئيس التحرير
عصام كامل

سموم مؤتمر السموم


أتساءل دائمًا عن الغرض الذي من أجله تقام المؤتمرات العلمية في مصر؟ وخصوصًا تلك المؤتمرات الدولية التي يشترك بها علماء من كل دول العالم ومن تخصصات مختلفة. والكل يستمع ويناقش لا من أجل شىء إلا الاستفادة وتبادل الخبرات بين علماء الدول والتخطيط لعمل بروتوكولات تعاون وأبحاث مشتركة ومحاولة تفعيل بعض الأبحاث المهمة التطبيقية في كل المجالات.


وقد صدمت عند مشاركتى في المؤتمر السادس للسموم الطبيعية الذي أقيم في جامعة قناة السويس بمدينة الإسماعيلية والذي حضره لفيف من العلماء في جميع التخصصات من طب وعلوم وصيدلة وزراعة وغيرها من التخصصات من عديد من دول العالم "أمريكا وفرنسا والصين ومصر"، وتابعت عن كثب كل العروض البحثية المطروحة وحاورت كثيرًا من العلماء الذين أبهرتنى أبحاثهم، ولذلك استأذنت معظمهم في أخذ نسخة من العرض البحثى (البور بوينت) فسمحوا لى ولكن فوجئت برفض السادة العلماء الأفاضل القائمين على تنظيم المؤتمر وسبب الرفض أن العرض البحثى من حق الجمعية المصرية لعلم السموم وهى المنظمة للمؤتمر فقط.

فكيف للمشاركين في المؤتمر وهم ليسوا من العامة بل من العلماء الأفاضل أن يتواصلوا مع غيرهم من العلماء في نفس تخصصاتهم أو من تخصصات أخرى لعمل أبحاث مشتركة تطبيقية لعلاج ظاهرة أو مرض أو أي شىء من هذا القبيل بدون أن يكون لديهم ما يمكن به أن يسترجعوا كل ما قيل ويذكرهم بالحلقات النقاشية في المؤتمر والتي يمكن أن تفتح ذهن الباحث لأفكار جديدة.

وكيف يمكن للمشتركين التواصل ببعض بدون أن يكون للمؤتمر دليل لكل المشاركين والمدعوين من كل أنحاء العالم يشمل أرقام تليفوناتهم وبريدهم الإلكترونى ويوزع هذا الدليل مجانيًا لكل السادة الحضور المشاركين وأيضًا "سى دى" يشمل كل محاضرات المؤتمر.

فقد عرض كل المحاضرين وألقوا الضوء على المشاكل التي نواجهها في المجتمعات النامية ولكنهم لم يقترحوا الحلول..فمن أين تأتي الحلول التي يحتاجها مجتمعنا بدون أن يدرس كل العلماء أفكار بعضهم البعض ويتواصلوا إلكترونيًا أو تليفونيًا بعد انتهاء فعاليات المؤتمر.

فكأن هذا المؤتمر كان للشو العلمى فقط وليس لشىء آخر ولم تُستغل فرصة وجود كل هذا الكم من العقول المصرية والعقول الأجنبية المشاركة في المؤتمر من أجل فعاليات أخرى أقوى في طرح الحلول. فمؤتمر كهذا يقام كل سنتين..أي بدءًا منذ اثنى عشر عامًا كان المفروض - لو هناك عقول تحب مصر - أن ينتظر هذا المؤتمر العالم أجمع وتصب نتائجه في قلب مصر للنهوض بها.

ولكن كيف ينهض الوطن وعلماؤه لا ينسون عشق أنفسهم أمام عشق تراب الوطن ؟!

فلن تنهض مصر إلا إذا تغيرت سياسة وأيديولوجية البحث العلمى وسياحة المؤتمرات وأقول هنا سياحة لأن المصريين يذهبون المؤتمرات للسياحة بحجة العلم.

فلماذا لا يناقش كل عالم من أي جامعة أو مركز بحثى حضر مؤتمرًا أن يعود ليلخص كل ما جاء به لزملائه ويثاب على ذلك ليعم التنوير على الكل ويزداد النور نورًا، وهناك كثير من السلبيات لا أحب أن أذكرها فكلها صغائر يمكن تداركها وإنما أتكلم فيما يخص العالم الباحث في علمه وبحثه داخل جامعته ومركزه العلمى فقط.
فهل من يسمع؟ وهل من يجيب؟ وهل من يفعل؟ وهل سنتغير؟ ومليون هل تبحث عن إجابة، فلك الله يا مصر حماكِ الله ورعاك.
الجريدة الرسمية