رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إنهم يفشلون دائمًا !


في أحد أفلام الكارتون للأطفال يدور حديث بين بطلى الفيلم يحذر أحدهما الآخر من قدرة مجموعة أخرى تتنافس معهما على الحصول على الكنز المدفون في قمة أحد الجبال، فيرد عليه صديقه، قائلا: "لا تنزعج إنهم يحاولون أحيانا ولكنهم لا يحققون النجاح دائما، ويفشلون في كل مرة، إنهم ليس لديهم نية صادقة في العمل لقد أدمنوا الفشل"، توقفت كثيرا أمام هذا الحوار الذي يعبر عن حالنا، وكيف عبر البطل "الكارتونى" عن واقعنا الذي نعيشه، فنحن نريد أن ننجح ولكن لا توجد نية صادقة لترجمة هذا النجاح على أرض الواقع، فجميع المسئولين يغرقون المصريين بـ"مراهم الحنية" صباحًا ومساءً وقبل الأكل وبعده.


إن المصريين تحملوا الكثير وجاء وقت الحصاد، ولكن لا يوجد محصول حتى نتقاسمه، رئيس الوزراء تحول إلى خبير تنمية بشرية، لا يوجد عنده مستحيل، وكل مشكلة ولها حل، وإننا لا بد أن نقدم أفكارًا خارج الصندوق، ولم يقل لنا ما هي الأفكار وما هي نوعية الصندوق الذي يريده؟..وإن الحكومة لا تعرف لغة المستحيل، وأنا لا أنكر مجهوده في كثير من الأمور، ولكن الواقع أشد قسوة.

فنحن نحاول أحيانا ولكن لا نكمل ما نفعله فنحن نعمل بالقطعة لمواجهة مشاكلنا اليومية، وليس من خلال خطة مدروسة جيدًا للمشاكل التي تواجهنا، فقد اعترف المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة قبل أيام قليلة أن 50 % من المستشفيات الحكومية تحتاج إلى تأهيل بشكل عاجل، فما الفائدة من زيارة رئيس الوزراء للمستشفيات وتأكيده على تقديم خدمة جيدة للمرضى، وحديثه للأطباء "اللى مش شايف شغله يمشي"..رئيس الوزراء يكذب على نفسه، فهو يعلم جيدًا أنه لا توجد منظومة صحية في مصر ويستخدم "المسكنات" لحل المشكلة كما فعل غيره ومعنى هذا أن المشكلة ستظل قائمة ولم يفتح لنا رئيس الوزراء صندوقه الذي يتحدث عنه أمام الفضائيات، ويقول لنا ما هي خطة النهوض بالصحة.

مشكلة أخرى هي البطالة التي تحدث رئيس الوزراء قبل أيام عن تراجعها بشدة خلال الفترة الماضية، هذا يعود لمجهود الحكومة المخلصة، وأننا قريبًا سنحتفل بتوفير فرصة عمل لآخر عاطل في مصر، إلا أن الرد جاء سريعا على "تفاؤل" رئيس الوزراء حيث حاصره الآلاف من العاطلين خلال افتتاحه مؤتمر توفير فرصة عمل للمعاقين، حتى إن عددًا منهم حاول تقبيل قدمه لتوفير فرصة عمل، ولم يكن أمام محلب سوى الانسحاب سريعا من المكان.

أما القضية الأخطر فهى التعليم الذي نتعامل معه بمنطق "ليس في الإمكان أبدع مما كان"، فقد نشرت الصحف خلال الأيام الماضية صورة لتلاميذ إحدى المدارس الابتدائية بكفر الشيخ وهم يتلقون تعليمهم بجوار المقابر في الهواء الطلق والمقاعد عبارة عن شواهد القبور، وللأسف الشديد لم نسمع ردًا من الحكومة وكأن هذه هى القاعدة وليس الاستثناء وكنا ننظر أي تعليق من جانبها حتى لو كان من عينة أن التلاميذ كانوا يؤدون درسًا عمليًا في فن الترحم على الأموات وتذكر الآخرة ولم نسمع صوتًا لوزير التربية والتعليم الذي يدافع عنه رئيس الوزراء دائما ويعتذر عن عدم حضوره اجتماعات مجلس الوزراء بحجة أن "نفسيته تعبانة شوية"، من هجوم الإعلام عليه، فما هو المستقبل الذي يتحدث عنه رئيس الوزراء ؟

صورة أخرى من صور الفشل أننا نبدأ المشوار ولكن لا نكمله حتى النهاية، وهى الباعة الجائلون فقد ملأ المهندس إبراهيم محلب الدنيا ضجيجًا قبل شهرين عن إعلان منطقة وسط البلد خالية من الباعة الجائلين، وأن هذا أبسط صفوف المواطنين، وأن هيبة الدولة عادت وصفقنا له كثيرا على إنجازه، على اعتبار أن هذا إنجاز أصلا، ولم تمر أيام قليلة حتى عادت جحافل الباعة الجائلين مرة أخرى، تقتطع الطرق على المواطنين دون أي تدخل من الحكومة النشيطة.

أما المشكلة الكبرى التي تعطى انطباعًا سيئًا عن مصر وأنها عنوان للفوضى والعشوائية وأنه لا يوجد أمل من الإصلاح، هي أزمة المرور وضحايا الطرق التي تحتل المرتبة الأولى في وفاة المصريين وأصبح يضرب بنا المثل في التفوق على أنفسنا في القتل على الطرق، ويحسب للحكومة خلال الفترة الأخيرة أنها نجحت في دخول منظومة قتل المصريين داخل البحر بعد غرق العشرات بخليج السويس قبل أيام.

منظومة المرور ليست عسكريًا وضابطًا يضع قدمًا على أخرى ويطالبك بإبراز رخصتك في منتصف الطريق ويكون سببًا في تعطيل حركة المرور، منظومة المرور ثقافة وإدارة واقتصاد واستثمار وكل ما فعلته الداخلية خلال الفترة الأخيرة في هذه المنظومة أنها أعلنت عن بيع لوحات مميزة لمن يريد أن يدفع أكثر.

منظومة المرور السيئة في مصر كانت سببًا في هروب استثمارات كثيرة على مدى السنوات الماضية وللأسف الشديد الحكومة تصر على نجاحها في مواجهة المشكلة بزيادة اللجان على الطرق.

هذه عينة من المشاكل التي تواجهنا يوميًا وفشلت الحكومة في مواجهتها وعلى المهندس إبراهيم محلب أن يفتح صندوقه لنرى ما فيه.
Essamrady77@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية