رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أمين القومي للإعاقة سابقًا: رفضونى في الخارجية لعدم صلاحيتى لتمثيل مصر دوليا

فيتو

  • *«بعد 20 سنة من الرفض أصبحت أحمل اسم مصر في المحافل الدولية 
  • * رفضت كليات القمة بسبب القانون.. وموظف بكلية الحقوق قالي لي: «إنت حمار ياد؟»
  • * أمي مدرسة في الرحمة.. وتعلمت من والدي الاعتماد على النفس
  • * عرضت على «ميرفت» الزواج وحين وافقت.. قلت لها: «إنت مجنونة يا بت»
  • * أتحدث بـ3 لغات.. وزملائي في هولندا أطلقوا عليّ: الطالب الدولي


بين الدموع تكمن التفاصيل، وفي عيون ذوي الاحتياجات الخاصة ستقرأ دائمًا ملامح البراءة والعزيمة، طفولتهم رحمة وبسمة وشبابهم حيوية وطاقة تدفعهم دائمًا للأمام، وعلى أرض المحروسة يقدر يقول التاريخ ما يشاء عن هؤلاء.

خرج «حسام» إلى نور الحياة مصابًا بضمور في جزء من المخ تسبب له في حركات اهتزازية لا إرادية بالجانب الأيمن، بالصبر تقبل والداه إعاقته وتعاملا معه بروح «استثنائية»، فكانت المعجزة.

«لم يفرقا بيني وبين إخوتي، المساواة في الخطأ والثواب مع الجميع شعارهما، بسببها أشعر بقوتي الآن.. أنا مؤمن بأنني لست أقل من أي شخص في الكون».. بهذه الكلمات أطلق الشاب المعاق عنان الإبداع اللغوي عن والديه، وخلال حديثه لـ«فيتو» تكلم حسام المساح الأمين العام للمجلس القومي لذوي الإعاقة سابقًا عن رحلة طويلة من الذكريات الطفولية والإبداع المهني.

*كيف كانت تجربتك مع الإعاقة في طفولتك؟
«تخيل طفل في الصف الأول الابتدائي بمدرسة عاطف بركات الابتدائية بالمنيل يقع من مقعده مرات متكررة، وبطبيعة طفولية تجهل الواقع يضحك بعض زملائه فيما يساعده البعض الآخر.. كيف يكون حاله؟» و«لم أنس حتى وقتنا هذا ما فعلته معي ناظرة مدرستى بتخصيص المدرسة مقعد يحول دون سقوطي على الأرض، وتمسكت ببقائي في فصل إعمالا بمبدأ الدمج التعليمي في المدارس، والذي ينادي به ذوو الاحتياجات الخاصة حتى وقتنا هذا»، ووحالتى في الطفولة كانت سيئة للغاية فلم يكن أستطيع وقتها أن أسير بمفردى.

*ماذا عن علاقتك بزملائك؟
«كنت محبوبًا بين زملائي، وفي مرة كنا في حصة الإملاء بالصف الرابع الابتدائي، وتعمدت معلمة اللغة العربية قراءة الإملاء ببطء، وحين سألها زملائي عن السبب، أجابت: (عشان حسام) ما زاد من حب باقي التلاميذ لي، تخيلوا ممكن الحصة تتأجل لحد ما أوصل للفصل».

*احك لنا عن تجربتك بالمدرسة في مرحلة الشباب؟
مرت السنوات سريعًا وتغير الوضع وتحولت من الطفل الصغير إلى شاب في المرحلة الثانوية، متخصصًا في القسم الأدبي.. «كنت بادخل الامتحان بمرافق لي، اخترت جارتي التي تصغرني بسنوات قليلة، حتى اجتزت المرحلة الثانوية بتفوق وحصلت على مجموع 83%».

*كيق اخترت كليتك؟
«لن أنسى أول مرة تعرضت فيها للسب في حياتي، وكانت من موظف شئون الطلاب، فعندما كنت أقدم أوراقي بكلية الحقوق كأول رغباتي، الموظف بص لي وقالي: (إنت حمار ياد؟) بسبب اختياري هذه الكلية رغم إمكانية التحاقي بواحدة من كليات القمة، لكن هذه الجملة أسعدتني وتمسكت بكليتي الجديدة»، و«بعد أن أنهيت مرحلة التعليم الجامعي، حضرت الماجستير، واجهتني عقبة اللغة الفرنسية، لكني توجهت لدراستها في أحد المعاهد المتخصصة المشتركة مع جامعة القاهرة حتى حصلت على منحة من المعهد للسفر والدراسة في هولندا.. زمايلي في هذه الدولة الأوربية كانوا يصفونني بـ(الطالب الدولي).. كانوا يتعجبون من حديثي بثلاث لغات (العربية والإنجليزية والفرنسية) وبعد ذلك عدت إلى مصر وحصلت على الدكتوراه في القانون الدولي».

*احك لنا عن تجربتك في وزارة الخارجية؟
«لم أنس موقف الوزارة معي حتى الآن، ففي عام 1993 أعلنت وزارة الخارجية عن حاجتها لموظفين، وحددت كل الشهادات والمؤهلات المطلوبة والتي كنت حاصلا عليها جميعًا بل أكثر منها، وبعد التقديم رفضت الوزارة تعييني، وقال لي أحد القيادات الدبلوماسية حينها (كل الشروط تنطبق عليك بالكامل لكن لا يمكن لشخص مثلك أن يمثل مصر في المحافل الدولية»
«خرجت من الوزارة أبكي في الشارع، فإعاقتي سبب حرماني من الالتحاق بالسلك الدبلوماسي وليس موقفي العلمي»، «بعد 20 سنة من هذه الواقعة أصبحت أحمل اسم مصر في المحافل الدولية.. لو قابلت هذا الدبلوماسي لقبلت يده إن كان حيًا، فهذا الموقف قوى من إرادتي وعزيمتي وحفزني على تحقيق نجاح بعد آخر».

*وهل صمت تجاه ما حدث معك في وزارة الخارجية؟
لا و«أرسلت خطابًا للرئيس الأسبق حسني مبارك، ذكرت فيه درجاتي العلمية التي حصلت عليها، وطلبت من رئاسة الجمهورية تعييني في وظيفة»، ووزارة القوى العاملة وجهت لى خطابًا بعد ذلك تخيره للعمل إما في مصلحة الضرائب أو الجمارك، واخترت مصلحة الضرائب وعينت بها وترقيت بالعمل حتى وصلت إلى درجة مدير عام.

*كيف تعرفت على شريكة حياتك؟
حياة جديدة كتبت لى مع ظهور «ميرفت - طالبة الفرقة الأولى بكلية التجارة» في حياتى، والتي التقيت بها صدفة في عمارة يسكن بها صديق لها، وتشتعل شرارة الحب الأولى ومنها إلى الزواج.. «بداية حبنا لم تكن بالرومانسية المعهودة في الأفلام بل كانت تعتمد على المشاكسة والغلاسة»، «قلت لها: تتجوزيني؟!.. ردت: آه.. فقولتلها: إنت مجنونة يا بت».
«ذهبت إلى أهلها لطلب الزواج بها، وهي الابنة الوحيدة المدللة لأبيها، ولا تعاني أي إعاقات، بالإضافة إلى ثلاثة أولاد يكبرونها من أسرة ميسورة الحال.. والحمد لله وافق أهلها.. تزوجنا ورزقنا الله ببنتين (مها ومرام) والاثنتان بلا إعاقات».

*ماذا عن دور الوالدين في التربية؟
«أم الطفل المعاق قادرة أن ترفعه لـ"سابع سما" أو تحوله إلى شحات»، وأمى لها دور كبير فكانت تحملنى حتى الصف الرابع الابتدائي في صغرى، وساندتنى ماديًا عند الكبر كذلك.
أما والدى،مافيش زيه.. لما كنت أطلب من أمي كوب ماء كان يرفض ذلك، ويطلب مني إحضاره بنفسي كى أعتمد على نفسي»، ووالدى كان يعمل مديرًا عامًا لشئون العاملين بالبنك العقاري المصري، وكان يحرص دائمًا على تحفيظى القرآن الكريم.. ولذلك حفظته بالكامل، وحصلت على جائزة من الدولة في مسابقة كبيرة عام 2002».

*كلمة أخيرة؟
أدعو كل زوجة وزوج من ذوي الإعاقة إلى عدم الاعتراف بإعاقتهما، ومحاولة حل أي مشكلة بينهما بالتفاهم، والتوكل على الله، حتى يتمكنا من بناء أسرة قوية ويكونا علاقات أسرية ناجحة قائمة على الحب والاحترام.

Advertisements
الجريدة الرسمية