رئيس التحرير
عصام كامل

دستور "عز" ومجلس نواب السلطة والثروة


بموجب أحكام دستور 2014، سيتولى مجلس النواب المقبل سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.


وبموجب نفس الأحكام سيقسم "النائب" الذي يختاره حضرة "المواطن" بعد ثورتين غابت معهما الكثير من استحقاقاته، على احترام الدستور والقانون ورعاية مصالح الشعب والحفاظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، وخلال جلسات علنية سيرفع النائب الذي يختاره المواطن يده للموافقة على القوانين والتشريعات المنظمة للحقوق والحريات الواردة بالدستور والمكملة له، والمؤثرة في عمل كافة مؤسسات الدولة، كما يوافق أو يعترض على أوجه الإنفاق الواردة بموازنتها السنوية وإيراداتها.

كما ينوب عن المواطن في الموافقة على قروض ومنح واتفاقيات خارجية أو رفضها، واستجواب الحكومة ووزرائها وتحديد مدى ثقته بأدائها أو سحبها، والاطلاع على تقارير الأجهزة الرقابية بشأن إنفاذ القانون داخل دواوين الدولة أو إهدار المال العام، وتشكيل لجان تقصي الحقائق للاطلاع على واقع معيشة المصريين والتأكد من صحة مزاعم الحكومة بشأنها.

أعتقد أن ملامح وسمات الرجل القادر على إنجاز هذه المهام، يحددها المواطن وحده في اختيار حر، ولا نحصر معني "الحرية" في ذهابه إلى الصندوق وإدلائه بصوته لصالح من يمنحه ثقته، إنما مفهوم الحرية يمتد إلى شعوره باستقلالية قراره وعدم ابتزازه واستغلال سوء ظروفه، أو جهله بطبيعة دور "النائب" عنه وعدم ارتباط رسالته بأداء خدمات أو صلوات.

هكذا تكون رسالة الراغبين في إنهاء سيطرة محتملة عائدة مجددًا لأتباع الحزب الوطني والإخوان، إلى المواطن المصري، وتلك هي قواعد مساءلة المترددين على الصناديق حال تكرار شكواهم من ضياع حقوقهم وحرياتهم على أيدي نواب اختاروهم بأنفسهم.

وقتها لن يقلق أحد المؤمنين بثورتي يناير ويونيو من استعادة أمين تنظيم الوطني "المنحل" أحمد عز، فرصه المزعومة في الجلوس تحت قبة مجلس النواب مجددًا، نظرًا لغياب أحكام جنائية نهائية بحقه، أو انتعاش آمال أقطاب وأتباع "منظومة" مبارك في السيطرة على الحياة السياسية، عقب تبرئته وشركائه من اتهامات بقتل متظاهري يناير، واستعطاف أعضاء الإخوان الشارع بخطابات مشبوهة من عينة "نحن ضحايا انقلاب برأ قضاؤه مبارك"، و"نعتذر عن أخطائنا بحقكم وتكفيرنا لكم وتفريطنا في حلمكم بحكم الثورة".

"وثيقة" استدعاء الناخب اليائس إلى صندوق التصويت مجددًا، تستلزم حثه على ضرورة النظر إلى أهل "السلطة" و"الثروة"، باعتبارهم أطرافا في مجتمع تحكم موازين القوة به نتائج العملية السياسية، فلا هؤلاء يمكن إغفال دورهم في إدارة مؤسسات الدولة بطرق لابد من ابتعادهم معها عن حسابات التشريع والرقابة، ولا أولئك تتضمن أجنداتهم سوى تضخم ثرواتهم بزواج مشبوه تكررت مشاهد نتاجه الحرام، وحصدت الملايين بسببه الفقر والجوع والمرض والتهميش منذ أربعة عقود.

هذا دستورهم الذي عاشوا به "عز" الثراء والحكم، وهذا دستورنا الذي نبتغي به بناء دولة مؤسسات قائمة على الفصل بين السلطة والثروة، والتشريع، وتلك رسالة تخاطب ضمائرنا جميعًا قبل تطاحننا مجددًا على "الفتات" بعد موسم الانتخابات.. قبل الأخيرة.. في مشهد المرحلة الانتقالية الأكثر صعوبة في ظل الخلط الشديد والمتعمد لأوراق السياسة والسلطة والثروة.. والثورة.
الجريدة الرسمية