رئيس التحرير
عصام كامل

لا أسبح وحدي في هذا التيار


منتهى الحكمة أن تكتم غضبك حتى لا تثير غضب محاورك الذي يرى الحل الأوحد في المعادلة الصفرية قولًا واحدًا..إما هو ومن معه في خندقه وإلا فلا.


جمعتنى الصدفة بصديق قديم عزيز من نخبة اليسار المصرى، ولقاء صديق من هذا الفصيل لا يمكن أن يكون الحوار معه عن تكنولوجيا الطعمية المحشية أو ميكانيزم آخر رقصة لصافيناز.. بطبيعة الحال كانت الحالة السياسية حاضرة بقوة في حوارنا..اتفقنا أولًا أن البلد في مأزق، ثم طرحنا السؤال المنطقى وكيف السبيل إلى الخروج من المأزق؟..بدأت أنا بطرح وجهة نظرى التي لن أحيد عنها..فالعبد لله من أنصار السلام والوئام والتراحم والاستمتاع بوطن هادئ مستقر، قلت له علينا بالتسامح والصفح والمصالحة مهما بلغ حجم التنازلات من كل الأطراف لاسيما الطرف القوى..أما هو فكانت وجهة نظره جِوَالًا من اللاءات..لا تسامح لا مصالحة لا تنازلات، والبقاء للأقوى، وهكذا يستقيم حال الوطن.

حاولت إقناعه بأننا معًا في فسطاط واحد..أخاف على الوطن كما يخاف..ربما يكون الفرق أننى لا أتعصب لحزب ولا لفكرة ولا لفصيل، أي إننى غير"مؤدْلَج" بحسب تصنيف أهل النخبة..واجتهدت لكى تصل إليه فكرة أن حب الوطن مشترك ولا خلاف عليه، وليكن السلم الاجتماعى هو خيارنا الاستراتيجي الحتمى..فقال بكل استهانة واستعلاء وقد وصل إلى حد تسفيه مشاعرى أنت تغرد خارج السرب يا صديقى العزيز..فقلت له بل أنا على يقين تام بأننى لا أسبح وحدى مع تيار الوسطية..

فهناك ملايين البسطاء الذين يأملون في حياة هادئة ولا ينتمون لأى فسطاط من فسطاطَىّ المعركة..لن تهتز قناعتى بأن الاقتتال خيانة وعصيان وتمرد على أوامر الإله..وأجزم أن تقسيم الوطن إلى فسطاطين خيانة للتاريخ وتآمر على جينات الأمة..لهذا سأستمر في مقاومة فكر التقسيم، وأقف في مواجهة القادمين من اليمين والزاحفين من اليسار لاختطاف الوطن..وسأبقى مواطنًا مصريًا أدافع عن يمين الوطن وعن يساره من المخلصين الذين يسعون إلى وحدته وسلامته وأمنه..واختتمت موجهًا كلامى إليه بعد أن صمت كصمت الحملان، قائلًا: ولتعلم يا صديقى أننى لا أسلك هذا الدرب وحدى.

فاجأنى بالسؤال هل تستطيع عرض وجهة نظرك هذه في جريدة "فيتو"؟..قلت بالتأكيد..قال أتحداك..وقبلت التحدى ولكن بعد أن نبهته إلى أن تعصبه الشديد أعماه عن استيعاب فكرة الليبرالية وروعتها، لأنه حتى الآن لم يدرك أن "فيتو" تكاد تكون الإصدار الصحفى الوحيد بنسختيه الورقية والإلكترونية الذي يمكن أن تطلق عليها صحافة ليبرالية بامتياز.
الجريدة الرسمية