رئيس التحرير
عصام كامل

الأُمَّةُ "المَلْطَشَة".. بيان على سوريا


يبدو أننا تحولنا إلى شواخص أو خُشُبٍ مُسَنَّدة بلا حراك، تستهدفها النيران من كل حدب وصوب.. لقد صرنا المسرح الجاهز والمفتوح لصراع كوني لا يعلم إلا الله متى ينتهي.. ونبقى نحن الشعوب العربية ندفع فاتورة التخاذل والتشتت والخلاف، حتى تغرق كل المدن والقرى والشوارع والميادين والأزقة بالدماء.


ربما نضع أيدينا على تفسير قريب لما أقول لو تأمَّلنا "الحالة السورية" بشيء من التدقيق.. نهر الدماء لا يجف.. جثث يتعثرون فيها بالشوارع والطرقات، أرقام الضحايا لم تعد تثير الانتباه، في وطن صار خارج السيطرة وعلى وشك التحول إلى أشلاء.

هناك في سوريا..دخلت داعش على الخط منذ عدة أشهر.. قبل داعش على الأرض هناك جبهة النصرة ولواء التوحيد والجيش الحر.. هناك الجيش السوري الرسمي.. في اللوحة السورية هناك أيضًا أسطول روسي تطل فوهات مدافع بوارجه على شوارع وقرى ومدن سوريا، ومن مهامه تأمين مرور السلاح.. على الأرض أيضًا أحذية إيرانية ثقيلة وكوادر عالية المستوى من عناصر الحرس الثوري الإيراني، ووجود مُعْلَن للحزب القادم من الجنوب اللبناني "حزب الله" الحليف الإستراتيجي للأسد.. هناك بالطبع تركيا الجار الأول والأكبر والباحث عن دور إقليمي طليعي.. الدور التركي يتغير وفقًا لمعطيات المشهد ومسار أحداثه، من تدخل لتسهيل مرور كل شيء وأي شيء، إلى توفير ملاذات آمنة للاجئين الفارين من النار.

الصورة على المسرح السوري مربكة ومرعبة.. بيد أن السؤال الذي أظنك تنتظره منذ البداية هو أين الدور الأمريكي؟.. في تقديري أن جميع الأوراق والخيوط المُمَهِّدة والمُحَرِّكة للأحداث بيد أمريكا، وكل شيء تحت السيطرة في الكواليس.. لكن لماذا تأخر الظهور الصريح على المسرح؟.. فيما يبدو أن الرئيس الأمريكي ليس جاهزًا الآن لأي مغامرة من أي نوع في المستنقع السوري والمنطقة العربية بعدما تورط إلى حد الغرق في مآلات مغامراته السابقة بأفغانستان والعراق، فضلًا عن ضبابية المشهد وعدم توحد المعارضة السورية على فصيل موال للبيت الأبيض، ناهيك عن هواجس احتمالات الصدام المباشر مع الثالوث الإيراني السوري والحزب القادم من الجنوب اللبناني لظروف قد تولد من رحم الفوضى.

الخلاصة.. هناك قرار كوني بتفتيت المنطقة العربية.. البداية بالدول المتماسكة.. وذلك بإنهاك السلطة المركزية ومن ثم إضعافها، والفرصة الآن أكثر من أي وقت مضى.. إذ لا يوجد مجتمع مدني حقيقي يضمن تماسك الكيان السياسي للدولة، مع ضعف الشعور الحقيقي بالهوية الوطنية المشتركة والولاء للدولة الأُمَّة.

في البدء كانت العراق.. والآن سوريا.. وفي الطريق ليبيا واليمن.. واللهم احفظ مصر من كل سوء.
الجريدة الرسمية