رئيس التحرير
عصام كامل

تاريخ مين يابو تاريخ ؟!


تداعيات براءة مبارك مستمرة. تشنج..وصوت عالى بلا مبرر.. ولا داعى. أغلبهم وقف عند الحكم. مع أن المهم ما بعد الحكم. أكثرهم تسمر عند "الثورة".. مع أن الأهم ما بعد الثورة. 

الأهم المستقبل. جدليات ثورة ولا مش ثورة ؟ 25 يناير ولا 30 يونيو ؟ جدليات مدرسية. مازلنا نتعاطى السياسة.. ونتداول مصير الوطن ونستشرف المستقبل على طريقة مشجعي كرة القدم.. ومرتادى القهاوى البلدى أيام نهائيات الدوري.. ثم نطالب بالديمقراطية. 

أين الثورة ؟.. فين الديمقراطية ؟
ياسيدى حقول الديمقراطية على الجانب الآخر من غيطان الشعارات.. واحتجاجات جماهير "ورق العنب". حمدين صباحى في تويتة تاريخية قالك: حكم المحكمة صدر.. يبقى حكم التاريخ. ثوريون آخرون جزموا بحكم التاريخ. في المقابل اعتبر أنصار مبارك أن البراءة من عند الله... قالك: نزل حكم السماء. 

لا هؤلاء يعقلون.. ولا هؤلاء عندهم حق. 
لا يعرف حمدين صباحى، ولا شباب الثورة حكم التاريخ. لا يدرى أنصار مبارك بما ستحكم السماء. خلينا في حكم القضاء. صدر حكم محكمة. ما تفوه به القاضى حكم دنيا. خلينا في حكم الدنيا. الارتكان لحكم التاريخ "كلام عوانس".. إحالة القضية لحكم الله "قلة حيلة". دعنا نفكر في الدنيا قبل التاريخ.. النزول إلى الواقع أول أحكام الدنيا في الطريق لدولة جديدة يطلبها صباحى.. وجمهورية ثالثة نادي بها شباب الثورة. 

الكلام عن التاريخ رفضا للواقع مثله مثل الحديث عن أشباح أشجار الجميز في الأرياف.. والجنيات ذات الأجنحة في قصص وليم شكسبير. لا نعلم ثوارا ملائكة.. ولا ساسة منزلين من عند الله. الآن نتكلم عن التاريخ يا ولاد الذين؟ 

الواقع براءة مبارك من قتل المتظاهرين. الواقع أن مبارك من أبطال أكتوبر. الواقع أن نظام مبارك لم يكن ملائكيا لكن الواقع أيضا أن مبارك ليس قاتلا.. ولا عميلا. الواقع أنه مقابل الندب على حكم البراءة.. هناك ارتياح على الجانب الآخر. الواقع أيضا أن الثوار ليسوا هم وحدهم المصريون وأن جميلة إسماعيل وعمار على حسن ليسا فقط هما الشعب. لا يصح لصباحى الكلام باسم الشعب لأن واقع صباحى 750 ألف صوت. 

الواقع أن مبارك لن يعود مثلما الواقع أن رئيس الجمهورية الآن عبد الفتاح السيسي. الواقع تأييد شعبى كاسح للرئيس السيسي.. والواقع أيضا أن هناك نظرة ازدراء لا يمكن إنكارها لمن قالوا إنهم شباب ثورة، فتربح بعضهم.. وتآمر آخرون.. ليركبوا مرسيدس بعد "الزنوبة".. و" متنساش الملف بتاعى يا سوكة". 

الحكم الآن للسيسي.. "سوكة " لم يحكم. "سوكة" مش ممكن يحكم. ما يحكمش. لا يجوز أن تحكم شلة سوكة. لو قامت الثورات لأجل سوكة ما تبقاش ثورة. تبقى "ميضة". لو جاءت شلة سوكة بديلا لحكم العسكر ما تبقاش بلد.. تبقى بقالة.. سوبر ماركت. محل منور بالنيون لدومة ووائل غنيم وشركاه. 

نفلح لو ركزنا في الدنيا وأحكام الدنيا. حكم المستشار الرشيدى ببراءة مبارك عنوان الحقيقة. لا يعلم غير ذلك إلا الله. لن نتكلم عن المنطق.. ولا داعى لاجترار أيام سوداء كاد الوطن فيها أن يخطف خلف الأشجار. السؤال: امال مين اللى قتل ؟ عودة لكلام العوانس مرة أخرى. ليس الرئيس مبارك هو وحده الذي لديه القدرة على القتل بين البشر. سذاجة السؤال لا تمنح أصحابه شرعية ركوب المصريين، وفرض الرأى والحجة والفهم. العنف والتكسير وقلة الأدب في الشوارع ضد حكم قضائى بقانون قالوا إنهم ثاروا لإعلائه لا يمنح أبناطا للثورة ولا لشباب الثورة.

ليس هؤلاء رضى الله عنهم. لم يذكرهم الله في أم الكتاب. لا حق لهم بأى حجة شدنا للماضى.. وتسمير أرجلنا بمسامير لنولى وجهنا شطر ما فات. اللى فات فات. الهروب من الواقع ليس في صالحنا ولا في صالحهم. لم نتخطى الحاضر بعد. لماذا إصرارهم على البقاء في الذي مضى؟ ماسكين فيه بأيديهم وأسنانهم. 

ثم إن براءة مبارك ليست سببا في الـ 750 ألف صوت لصباحى. ليست سببا في سقوط شباب الثورة في ذهنية الشارع، ولا هي التي تعوق أكثر من 100 حزب سياسي ظهر بعد يناير عن الظهور في الشارع. 

معظم أحزاب ما بعد يناير.. مازالت تحت التأسيس.. رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على يناير. على أبواب انتخابات نيابية ما زال ساسة الثورة يقضون أغلب ساعات النهار في الحديث عن التحالفات، وأكثر ساعات الليل في الكلام عن الاندماجات.. بينما لا يعلم عنهم الشارع شيئا. 

حكم المستشار الرشيدى ليس السبب في انكشاف البرادعى ولا نبز الشارع لعمرو حمزاوى ومعتز عبد الفتاح. 
قل لى ماذا فعل الذين ينددون بالبراءة قبل البراءة ؟ ما الذي قدمه الذين يندبون البراءة ثم جاءت البراءة لهدم ما يصنعون، وقطع ما يغزلون.. وإيقاف ما يبنون؟ 

لا يجوز محاكمة رئيس جنايات القاهرة على حكمه. محاكمة أنفسنا أولى.. وأقسط عند الله من الكلام عن التاريخ. تاريخ مين يا أبو تاريخ منك ليه له لها ؟ 

لم يعد المصريون يأكلون من الشعارات. ملوا منها. لفظوها. الكلام الذي ليس مفهوما عن الثورة وطريقة الحكم والمفترض واللازم ده يقولوا طارق الخولى لأهل العروسة. يتحدث به في قعدة عائلية يرسم بها نفسه بين أهله وناسه. لم يعد بنا طائل ولا طاقة لمزيد من كلام سقط كله في أول اختبار. لم يعد مناسبا استغلال المناسبات للقفز داخل أثواب "وطنية" مزعومة تبين أنها غلاف لمطالب وطموحات ورغبة في الظهور. 

يا راجل.. بقى حمدين صباحى له عين يتكلم باسم الشعب بعد الـ 750 ألف صوت ؟! 
تبين أن أكثرهم ثار على الفساد طلبا لفرصة في الفساد. لما فشل.. تكلم عن التاريخ. الكلام عن التاريخ مثل الحديث للمراية.. يجنن. 
قال تاريخ قال ؟! 
الجريدة الرسمية