رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رجل من مصر


لم يكن المستشار أحمد الزند وحده ممن خاضوا المعركة ضد الإخوان مكرهين، وكما يقول المثل الدارج: «يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين»، كان الرجل ملتزما بما آلت إليه صناديق الاقتراع حتى فوجئ مثل غيره بتغول مؤسسة الرئاسة، وتجرئها على منصة القضاء فلم يكن هناك بدٌّ من خوض معركة لا هوادة فيها.


والحق أقول أن الرجل لم يحسب حسابا إلا وتوقع ما يمكن أن يجنيه هو أو أسرته، فأعلن موقفه الصريح والصادق مع النفس من أنه لن تكون هناك دولة لمن يختطفون الدولة دون حساب المكسب والخسارة، وفي الوقت الذي داهن فيه البعض وهادن فيه آخرون كان صلبا، صامدا، قويا فى معركة سيذكرها التاريخ له وللقضاة الشرفاء الذين رفضوا الخضوع لغير ضمائرهم أو لغير القانون.

فضل المستشار أحمد الزند أن يكون جهوري الصوت، قوي الشكيمة، معلنا عن موقفه أمام سلطان جائر؛ فكان نصيبه محاولات التشويه من الإخوان ومريدي الإخوان ومحبي الإخوان ومنافقي الإخوان.. بحثوا في أوراقه، في سجلاته، في ممتلكاته، في حياته الشخصية بكل ما يملكون من أجهزة كان بيدها أمر كل شيء فلم يجدوا شيئا.

ولأنهم لم يجدوا «مستمسكات» على الرجل فكان التهديد بالقتل له ولأبنائه، فلم يهن، ولم يحزن، ولم يهرب، ولم يغير سكنه أو تحركاته وظهر أمامهم في كل المناسبات المعروف منها وغير المعروف مصرًا على موقفه انطلاقًا من ضمير القاضي الذي لا يهاب الموت في سبيل الحق.

أقول ذلك وأنا على يقين أن الكثير يعلم ويدرك حجم تضحيات الزند فى وقت كان البعض فيه يتلمس النجاة من حصار الجماعة التي عاثت في الأرض فسادا فكشف عن نياتهم وعن مخططاتهم، وعن مؤامراتهم الدنيئة التي كانت تحاك للقضاء وللقضاة، والحق أقول أيضا أن شباب القضاة وشيوخهم التفوا حول الرجل في معركته فكانت شعاراتهم تزلزل شارع النيل؛ حيث يقع ناديهم الذي شهد وقائع أشرف معركة تاريخية قادها المستشار الزند مع رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ومع سقوط الإخوان لم تسقط مخططاتهم فكان اسم المستشار أحمد الزند قاسما مشتركا في كل قائمة اغتيالات صدرت عن الجماعة، وهو كما هو يمارس حياته الطبيعية، ويتنقل بين زملائه ورفاقه تحرسهم عناية الله، وهو الأمر الذي يقوم الآن نادى القضاة بتسجيل وقائعه في موسوعة وثائقية للأجيال القادمة، وهي ذات الوثيقة التي ننتظرها على أحر من الجمر لتكون نبراسا لأجيال قد تخدعها الجماعة مرة أخرى كما خُدِعَت أجيال لم تعش ماضيها الدموي الطويل.

Advertisements
الجريدة الرسمية