"إسماعيل": علم الفقه المصدر الأساسي في دراسة التاريخ الإسلامي
أكد الدكتور محمود إسماعيل، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة عين شمس، أن الكثير من الكتابات التاريخية عن العصور الوسطى مبنية على آراء شخصيات عن خصومهم في تلك الفترات كما هو الحال في العصر العباسي.
وأضاف أن كتابة التاريخ بالاعتماد على مثل تلك الشهادات المجروحة، تؤدى إلى تشوية التاريخ وتضليل الأجيال عن حقيقة ما حدث، مطالبًا المؤرخين بتحرى الدقة في الأدلة التي يعتمدون عليها في كتابة التاريخ.
جاء ذلك خلال ندوة "إشكالية المنهج في دراسة التاريخ الإسلامى والوسيط" والتي نظمها قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس في بداية فعاليات الموسم الثقافى للكلية للعام الدراسى 2014-2015، بحضور الدكتور عبد الرازق بركات عميد الكلية، ووكلاء الكلية، وشملت ثلاث جلسات قام بإدارتها الدكتور إسحاق عبيد تواضروس، الأستاذ بالقسم وأحد كبار المؤرخين في مصر والعالم العربى.
وأضاف خلال البيان الذي أصدرته الجامعة، اليوم الخميس، أن الباحثين المصريين على وجه التحديد يعجزون عن الفهم الصحيح لمصطلح المنهجية، بل إن علماءً كبارًا في مجال التاريخ يزعمون أنهم بدءوا في أبحاثهم من نقطة الصفر متناسين تلك الأبحاث السابقة والتي ارتكزت عليها أبحاثهم في الأساس، مؤكدًا أنه لا يوجد منهج بلا فائدة ومنهج أفضل من آخر، حيث إن طبيعة الموضوع هي التي تفرض على الباحث اختيار المنهج.
وأشار إلى أن إشكاليات المنهج في دراسة التاريخ الإسلامي تتمثل في خطأ القول بواحدية المنهج، مشيرًا إلى أنه سواءً وصل الباحث إلى الحقيقة المطلوبة أم لم يصل فإن اتباع الأسلوب المنهجى في البحث العلمى سيؤدى إلى كشف حقيقة تساعد الباحثين فيما بعد للوصول إلى الحقيقة المجردة.
وأشار إلى أن الوقت الحالى يشهد ثورة منهجية في دراسة التاريخ على مستوى المادة، بعد أن تأكد للمؤرخين أن المصدر الأساسي في دراسة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية هو علم الفقه وأصوله وشملت تلك الكتابات الخاصة بالشريعة جميع جوانب المجتمع والبيئة والفكر العربى في ذلك الوقت.
وتناول الدكتور طارق منصور أستاذ تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب بجامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، مشكلات المصطلح في الكتابات التاريخية في العصور الوسطى، مشيرًا إلى أنه خلال العصر المملوكى وجدت آلاف المصطلحات التركية التي دخلت على اللغة العربية، ما أوجد مصطلحات لا يوجد لها مرادف في العربية ولذلك اعتمد المؤرخون على أنفسهم في تفسيرها وشرحها، كوظيفة الشماشرجى.
وشدد على أهمية الفهم الصحيح للمصطلحات عند كتابة الأبحاث وتحرى الدقة عند تحويلها إلى العربية، بالإضافة إلى تجنب "فرنجة" المصطلحات مادام أن هناك مرادفات لها خاصة في مجال التاريخ الأوربي عند تحويل المصطلحات الأجنبية من اللغة اليونانية القديمة واللاتينية إلى العربية، مؤكدًا أنه كلما اقتربنا من كتاب مثل ابن رشد سنجد أن العلماء أصبحوا أكثر فهمًا ووعيًا للمصطلحات اليونانية واهتمامًا بوضع مصطلح عربى مرادف له.
واستعرض الدكتور وسام عبد العزيز فرج، أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة المنصورة، بعض المشاكل المتعلقة بإشكاليات المنهج في دراسة التاريخ البيزنطى، مشيرًا إلى أن البعض اعتاد على أحادية المنهج العلمى ومن المفارقات أن كثيرا ممن يكتبون عن مناهج البحث، يؤكدون أن الأحادية في منهج البحث تعد وهمًا وأن لكل علم من العلوم منهجًا خاصا به.
وأوضح المراحل والضوابط المنهجية التي ينبغى على الباحث الالتزام بها عند إعداد بحثه في مجال التاريخ بطريقة علمية، مشيرًا إلى أنها تبدأ من اختيار موضوع البحث وتحديد الإشكالية وبيان الدراسات السابقة، ووضع خطة موضوعية لدراسة بحثه والتي ستكون قابلة للتعديل طوال مراحل جمع المادة، وصولا إلى جمع المادة العلمية من الأصول التاريخية والدراسات ذات الصلة.
وشدد على أن جمع المادة العلمية يجب أن يتم بالتزامن مع توثيقها بشكل دقيق، وأخيرا الالتزام بضوابط الأسلوب العلمى في كتابة البحث.
