رئيس التحرير
عصام كامل

الأمريكان يشتهون "بسكو مصر"!


منذ نعومة أظافرنا ونحن نسمع عن اسم شركة "بسكو مصر" من خلال الإعلانات بكافة أشكالها، ونتعامل مع منتجاتها حتى تعودنا على طعم كل ما ينتجه لنا هذا الاسم المخضرم.

وليس من الغريب أن نتعامل مع هذا الاسم باعتباره واحدا من التراث المصري، لاسيما أنه من الأسماء الاقتصادية القليلة التي تحمل اسم مصر حتى الآن.

"بسكو مصر" تعتبر واحدة من أهم شركات القطاع العام المنتجة للسلع الغذائية وتحديدا المرتبطة بالأعياد والمناسبات السعيدة كالكعك والبسكويت وغيرها من هذه السلع، وذلك بأسعار جيدة تناسب الطبقة المتوسطة، وتغلبها على الأسعار الخرافية لهذه السلع من الشركات الخاصة والعالمية.

وبالرغم من أن الحكومة المصرية ولأسباب غير معلومة، قامت ببيع الشركة رغم تحقيقها لأرباح إلا أن الشركة مازالت تحت السيطرة المصرية؛ حيث يملك النسبة الحاكمة فيها مجموعة من صناديق الاستثمار وهيئة الأوقاف المصرية وتحتفظ الحكومة فقط بنسبة 5%.

إلا أنني ومنذ عشرة أيام تحديدا، قرأت خبرا منشور على كافة المواقع الإلكترونية حول تقديم المركز العربي للنزاهة والشفافية بلاغا احترازيا للنائب العام ضد رئيس الوزراء ووزير الاستثمار، يحذر فيه من اعتزام هيئة الرقابة المالية بيع الحصة الحاكمة التي تقدر بـ 51% من الأسهم على الأقل، وأن إحدى الشركات الأمريكية وتدعى شركة "كلوقز" تقدمت بعرض للشراء بقيمة 79 جنيها للسهم.

وحمل هذا البلاغ اتهامات لتك الشركة المزعومة بأنها مملوكة للكيان الصهيوني، وأن سمعتها سيئة في مجال غذاء الأطفال؛ حيث تؤدي أطعمتها إلى السرطان، بالإضافة إلى أن الشعب الأمريكي ومنظمات المجتمع المدني هناك يرفضون منتجات الشركة لضررها الكبير على الصحة.

وجاء بالبلاغ أن الشركة أصبحت توجه أنشطتها إلى شعوب الدول الفقيرة، لتحقيق أرباح خيالية على حساب صحة الأطفال، إضافة إلى استعانتها بمنتجات شركة "مونسانتو" المتخصصة في المنتجات الزراعية المعدلة وراثيا والمواد الكيميائية التي استخدمت في حرب فيتنام، ورفع ضدها آلاف القضايا لأخطار منتجاتها على الصحة، وهو ما يمثل ضررا بالغا على صحة أطفالنا بجعل شركة كلوقز أمينة على صحة أطفالنا.

لم أبال بهذا البلاغ على الإطلاق، في ظل أنه احترازي وأن عملية البيع لم تتم بعد وأن أمامها على الأقل حتى أول يناير المقبل، إلى أن قرأت بيانا أرسله لي المناضل الحقوقي والعمالي كمال عباس، بخصوص نفس الشأن يحذر فيه الحكومة من نفس الأمر، معللا تخوفاته بأن شركة "كلوقز" تحمل تاريخا سيئًا بالنسبة لطريقة تعاملها مع العمال، حيث سرحت في عام 2013 نحو 226 عاملا بولاية "تينيسي" الأمريكية، و300 عامل في مصنعها بـلندن بحجة غلق مصنعها رغم مكاسبها، وتحت الضغوط قررت صرف مكافآت نهاية الخدمة بشروط تعسفية.

الحقيقة أني لا أعترض إطلاقا على دخول القطاع الخاص والشركات الأجنبية إلى السوق المحلية، بل إنني مع بيع الشركات الخاسرة حتى تحقق مكاسب مالية وبيع الشركات الرابحة أيضا لتحقق أرباحا أكثر في ظل تطبيق قواعد العدالة الاجتماعية.

ولكني أوجه مجموعة من الأسئلة للمهندس إبراهيم محلب، ووزير استثماره الدكتور أشرف سالمان، الذي من المفترض أن يكونا حاميين للمواطن والوطن قبل أن يكونا حاميين للاستثمار، لماذا لم تصدر الحكومة بيانًا توضح فيه حقيقة بيع الشركة ولماذا لم تقم الأجهزة الأمنية بإجراء التحريات الكافية حول تلك الشركة قبل الموافقة المبدئية على عرضها، وإن كانت قد أجرت تلك التحريات فما هي نتيجتها ولماذا لا نعلنها للرأي العام للرد حول ما يثار ولطمأنة المواطنين؟

وما حقيقة تواجد المحاسبين بالشركة الأمريكية في مقر شركة بسكو مصر؛ للاطلاع على موقفها المالي بالمخالفة للقانون، ولماذا لم يقم رئيس هيئة الرقابة المالية بالتحقيق في البلاغ المقدم ضدها.. وهل حقا أن أحد المسئولين السابقين بهيئة الرقابة المالية يعمل مستشارا اقتصاديا لتلك الشركة؟، وهل هناك علاقة بينه وبين ما يدور في الخفاء في تلك الصفقة؟، وهل هناك ضغوط تمارس على الحكومة من أجل إتمام تلك الصفقة؟

أسئلة عديدة دارت بخاطري أطرحها على رئيس الوزراء ليجاوب عنها بشفافية قبل إتمام عملية البيع، ويبقى أن صحة المصريين يا باشمهندس "محلب" ليست بتلك المهانة التي يتعامل بها رجال حكومتك.

facebook.com/mohamed.samy.923
الجريدة الرسمية