رئيس التحرير
عصام كامل

ثورة في فنجال!


لا أجد أي سبب مُقنع للقلق من الدعوة الساذجة للثورة يوم الجُمعة المُقبل، والموافق 28 نوفمبر إن شاء الله، إلا إذا خرج علينا الإخوان وتياراتهم المؤيدة المُنقادة خلفهم، ليؤكدوا أن هذه الجُمعة ربما رفضت التوافق مع 28 نوفمبر، ولا تسألنى عن المنطق، أو التقويم المنشور فوق كُل حائط أو كمبيوتر أو تليفون، فهذا كلام يصلُح مع العقلاء، لا مع الإخوان وأتباعهم البصمجية السائرون نيامًا!


الموضوع ببساطة هو دعوة جديدة عبيطة للتظاهُر، أو قال إيه الثورة الإسلامية، وهى فكرة في ُمنتهى السذاجة مُنذ بداية الثمانينيات عندما قام مجرمو التيار الإسلامى باغتيال الرئيس (السادات)، وكان من المُقرر اتباع ذلك بالإعلان عن ثورة إسلامية بعد الاستيلاء على ماسبيرو، لكن أخونا الجهبذ (عبود الزُمر) شاف مُدرعة في التحرير أثناء توجهه للاستيلاء على المبنى، فخاف على نفسه، وراح استخبى في بيتهم، وفشلت الخطة، لكن الإرهابى المُحترف المجرم (عاصم عبد الماجد) أسال أنهارًا من الدماء بعدها في أسيوط وأيضًا باسم الإسلام، والثورة الإسلامية، ومع ذلك انتهى كُل شيء، وبقى الإسلام إسلامًا، والإرهاب إرهابًا!

وفى العصر الحديث، تجددت تجربة الثورة الإسلامية، خاصةً عن طريق أكبر حنجرة في مصر في السنوات الأربع الأخيرة، وهى حنجرة (حازم أبو إسماعيل) نجل الأمريكانية، والذي خرج مرارًا ليهدد ويتوعَّد، وفى كُل مرَّة يخلا بأتباعه ويهرب، مرَّة علشان حاجة بتوجعه، ومرَّة علشان شاحن الموبايل، ويتعرَّض الأتباع الغلابة للضرب من عموم المصريين الرافضين الإرهاب والتكفير قبل الشُرطة أو الجيش، وفى النهاية سكن (أبو إسماعيل) في المكان المُناسب له.. لأ مش مستشفى المجانين، السجن، وإن كان حل المستشفى مش وحش أبدًا!

الغريب إن دعوات الثورة الإسلامية المُنتشرة في أماكن كثيرة جاءت متواضعة جدًا، وغير قادرة على إقناع طفل، يعنى قال لك: علشان الإسلام مظلوم في مصر، والمساجد مقفولة، طيب حضرتك الإسلام مظلوم إزاى؟ يعنى أيام المقبور (مرسي) كُنا بنصلى الظهر 5 ركعات، وحاليًا بنصليه 3 علشان ننجز؟! هل يُطالبنا الإسلام بصوم رمضان من الفجر للمغرب، لكننا بنصوم لحَد العصر فقط، عكس أيام الطرطور اللى كُنا بنصوم أسبوعا متتاليًا؟! وما علاقة الإسلام بالإرهاب داخل بيوت الله، وقتل الأبرياء، واستخدام مسجد زى الفتح (بعد فض رابعة) أو النور (بعد فض اعتصام وزارة الدفاع) في إطلاق النار على الناس؟ أو (عمر مكرم) لتعذيب المُخالفين في الرأى قبل كُل ذلك؟!

لماذا ليست ثورة؟ ولماذا ليست إسلامية؟ لأن الداعين لها لا علاقة لهم بالدين إلا عن طريق التجارة، وتكفير الآخرين، والكذب والإجرام والنفاق، وكُلَّها أمور لا تمُت للدين بصِلة، كما أن الثورة تستلزم تحرُّك شعبى، لا زحف على البطون لبعض قطعان خرفانية يتم تحريكها ببعض القبيضة، وبصُحبة مجموعات مُحترفة من الشباب الأرزقى، من أجل إثارة الشغب وحرق المنشآت.. الثورة تكون باندفاع شعبى حقيقى زى ثورة يناير، وثورة يونيو، ضد ظلم أو فقر أو فساد أو فشل، لا ضد محاولات حقيقية لإعادة بناء الدولة، والتخلُّص من تيارات إجرامية خائنة كما يجرى الآن!

ولماذا هي ثورة في فنجال؟ لا يُمكن أن تكون تظاهرات الجُمعة مُثيرة للقلق لسبب بسيط، هي مُجرد مسيرات إرهابية لبعض المقاطيع، يعنى شوية أقلية، دون تأييد شعبى، أو غطاء بشرى مُناسب، ولو نزل الإخوان بمفردهم في يناير، أو نزل معاهم حتى أرزقية 6 إبريل، ومُنظرو كفاية، وشوية نشطاء الغبرة، والتحفجية أمثال (حمزاوى) و(حمراوى) و(بردعاوى) و(قرضاوى) لكان في مقدرة الشُرطة القيام بتعبئة الجميع في شوال، وإرساله لأقرب مقلب زبالة، ولانتهى الأمر، لكن الثورة الشعبية الحقيقية كانت موجودة، ولم يكُن بمقدرة أي قوة التصدى لها، لأنها كانت ثورة الناس أصحاب البلد الحقيقيين، مش ثورة المتآمرين والمستفيدين بعد ذلك ماديًا وإعلاميًا!

وهى نفس الثورة التي تكررت في 30 يونيو ضد كُل هؤلاء الخونة وأمثالهم، وضد رئيسهم الطرطور، ومكتب إرشاده الفاشل، وضد كُل مستفيد من بلاوى الوطن، وبالتالى لا يُمكن أن يثور الشعب على سُلطة اختارها بنفسه بعد أن وعى الدرس جيدًا، وعلى مسار قرر السير فيه طوعًا من أجل تنظيف البلد من هؤلاء، ومن التيارات الإرهابية التي أساءت للإسلام، وقتلت أبناء الشعب والجيش والشرطة (بالتساوى) باسم الدين الذي لا يعرف عنه المجرمون إلا أنه أداة للقتل وسفك الدماء والنكاح واستغلال المصاحف وإهانتها كدروع لمعارك يظنونها خبيثة لكنها خائبة وفاشلة جدًا زيهم بالضبط!

ثورتا يناير ويونيو لا يُمكن أن تتكررا لمُجرد رغبة بعض الصيَّع في البحث عن المزيد من المال، أو لمُجرَّد إن الخونة في قطر وتُركيا عاوزين يرجعوا مصر على جثث المئات من أبناء الشعب أو الشرطة والجيش، ومن الواضح أن قطر رغم ثرائها الفاحش، وتُركيا رغم التقدم الاقتصادى فيها زى ما بيقولوا مش عارفين يشتروا بطاطين كفاية، ما تسبب في أن أصحابنا الهربانين هناك بيناموا من غير غطا، فبيحلموا كتير بثورة ترجَّعهم للبلد على أكتافها.. صدقونى الحَل مش في الثورة، الحَل إنكم تتغطوا كويس!
الجريدة الرسمية