رئيس التحرير
عصام كامل

السخرة في الصحافة المصرية


هل تتحول الصحف الخاصة في مصر إلى فتنة في الصحافة المصرية، بدلا من أن تكون نوافذ لإطلاق الحريات وتوسيع رقعة الديمقراطية؟.. هذا السؤال يحتاج إلى إجابات واضحة لنصل إلى حقيقة ما يحدث حاليا.


بعدما أسدل الستار تقريبا على محاولات عدد من الزملاء رؤساء تحرير الصحف الخاصة، إنشاء كيان تحت مسمى غرفة صناعة الصحف الخاصة.

وبعد أن كشفت النوايا عن رغبة حقيقية لتأسيس كيان موازٍ لنقابة الصحفيين، وبدافع ليس من أبناء المهنة ولكن بإيعاز من ملاك الصحف، وجميعهم لا يخرجون عن طبقة رجال الأعمال التي وجدت في نقابة الصحفيين عائقا أمام تنفيذ رغبتها في تحويل الصحافة إلى مخلب قط وتحويل العمالة بها إلى نموذج من نماذج السخرة!

فكان دفعهم لعدد من الزملاء بشن حملة مضادة لنقيب الصحفيين ومجلس نقابتهم، لمجرد صدور بيان يحذر من مشاركة الصحفيين أعضاء النقابة في هذا الكيان، باعتبار إن كان ولابد من تأسيسه فليكن من خلال ملاك الصحف فقط وبالتالي فهو من غير الصحفيين.

ومع إسدال الستار على هذه الفتنة، وبعد أن أصبح الشطب عقوبة واجبة ضد من يتمادى في هذا التوجه.. انتقل الجميع تجاه إنشاء ما يسمى رابطة صحفيي الصحف الخاصة.. ومن خلال بيان تم إصداره من اجتماع من نفس الزملاء أعضاء النقابة ورؤساء تحرير الصحف، أشاروا إلى توجههم إلى النقابة للسماح لهم بإنشاء تلك الرابطة، ومن هنا نكتشف الرغبة التي تعتري أصحاب الصحف مستخدمين رؤساء التحرير كستار، في تحقيق هدفهم بإنشاء أي كيان والسلام.. المهم أنه يحقق لهم قوة إن لم تكن مجزئة لنقابة الصحفيين، فهي معرقلة لدورها في مواجهة عمليات السخرة التي بدأت بوادرها تظهر في تلك الصحف، ومن خلال عمليات فصل تعسفي وفرض رؤيتهم على المحررين وتوجههم؛ لشن الهجوم على خصومهم في السلطة إذا ما أرادوا منع عمليات ابتزاز الدولة، وهو الأسلوب الذي يجيده رجال الأعمال في مصر.

ورابطة الصحفيين بالصحف المستقلة يستهدف تقسيمهم على أساس عنصري، وهو ما واجهته نقابة الصحفيين سابقا عندما كان يتم إعداد كشوف الجمعية العمومية في انتخابات مجالس النقابة سابقا، على أساس كل صحيفة أو مجموعة صحف على حدا، وتم إلغاؤها بحكم قضائي ليتم تحديد الكشوف بالحروف الأبجدية.

الرابطة التي يرغب ملاك الصحف الخاصة في إنشائها تشبه الفيروس؛ لتفكيك وتفتيت وحدة الصحفيين لأنه تقسيم ليس على أساس مهني مثل روابط المحررين الرياضيين أو الاقتصاديين أو البرلمانيين أو رابطة محرري الاتصالات وغيرها، ولكن على أساس عنصري أسود، سوف يُسن سُنة سيئة تنشأ بسببها روابط للصحف القومية ثم الحزبية ثم تكتلات الصحفيين الصعايدة وأخرى للبحراوية وهلم جرا.. وليبدأ نزاع من نوع يفتت ويفكك مفاصل وحدة الصحفيين.

والدافع وراء الرغبة في إنشاء أي كيان والسلام ليس المهم فيه الاسم باعتباره تحولا من غرفة إلى رابطة وربما إلى شيء آخر!، ولكن ليحقق أهدافا يسكنها الشيطان، وهو مخطط لضرب قوة النقابة التي تتصدى طوال تاريخها لأي تجاوز يقع ضد الصحفي سواء من السلطة حتى لو كان رئيس الجمهورية أو قيادات المؤسسات الصحفية.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت عمليات تجديد دماء الصحف على طريقة رجال الأعمال بفصل الصحفيين والعاملين تعسفيا وإحلال آخرين محلهم رغم أنف الجميع، لينتهك القانون ومعه حقوق وحريات الصحفيين فلا نجد التزاما بقانون ولا بأخلاقيات ولا بأي شيء.

وهو ما حدث من بعض الصحف، ومنها من قام بفصل عدد من الصحفيين بدون مبرر موضوعي، وعندما تواصل أعضاء المجلس مع رئيس مجلس الإدارة قال لهم بالحرف الواحد: سوف أرسل لكم قريبا خمسين صحفيا جديدا مفصولا!

وكأن عقود العمل بالصحيفة على طريقة عقود زواج المتعة!.. وفي نفس الوقت الذي يتم فيه الفصل بالجملة في الصحيفة يقوم رئيس مجلس الإدارة بإرسال أعداد من المتدربين الجدد للنقابة؛ لقبولهم في عضويتها.

الخطير في الأمر، أن تتفاوض النقابة مع هؤلاء لأن التفاوض على زيادة حقوق المفصولين تعسفيا هو إعطاء شرعية للفصل.

أتمنى أن تؤدي نقابة الصحفيين واجبها في حماية المهنة، وأن يعيد الزملاء رؤساء التحرير التفكير في قراراتهم التي يسنون بها سنة سيئة سوف يتحملون وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
الجريدة الرسمية