رئيس التحرير
عصام كامل

هو الله أحسن الخالقين

فيتو

"ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ.. "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ" صدق الله العظيم.


هو الله أحسن الخالقين، فهل نفهم من النص القرآني أنّ هناك خالقين غير الله سبحانه؟ أقول: "إن كان الإنسان، وهو سيد الخلائق، هو المقصود هنا بقدرة ما لديه على الخلق والصناعة، فبماذا يمتاز خلق الله وصنعته عن خلق الإنسان وصنعته؟"

هناك نقطتان أساسيتان للردّ على مثل هذه التساؤلات:
الأولى: إن الإنسان يخلق الأشياء من أشياء، أي أنه إنما يعيد صياغة وتشكيل الموجود، أمّا الله "أحسنُ الخالقين" فهو يخلق من عَدَم.

الثانية: إنَّ ما يخلقه الإنسان غالبًا ما يَعطب ويحتاج صيانة وترميمًا ومعالجة، كما أنه لا يدري في وقت صُنعه للشيء أفيه إفساد للبيئة وإضرارٌ بالحياة على الأرض أم فيه النفع الخالص؟! أمّا الله سبحانه "أحسن الخالقين" فإن صنعته لا تحتاج إلى صيانة أو ترميم، فإنها مُيسرةٌ لما خُلِقت له فإذا ما انقضت مهمتها على صورتها الأولى، يَسّرها الله على صورة أخرى لتؤدي وظيفة أخرى لها في الكون، وهكذا هناك تدوير دائم وآمن للمادة التي لا دخل لأيدي الإنسان فيها.

نقول إنّ صنعة الله لا تعطب أو تكسل أو تخرج عن الأوامر والمنهج، إلاّ الإنسان فهو المخلوق الوحيد الذي يعطب ويحتاج لمعالجات مادية وروحية، وكثيرًا ما كان ذاته سببًا في الفساد في الأرض كما هو سبب في إعمارها، وهذه القابلية للإفساد ترجع إلى: أن الخالق الأعظم قد خلق الإنسان وجعل له منهاجًا يسير عليه..

وهو في ذلك يختلف عن كل المخلوقات الأخرى المسخرة والمذللة لأداء دورها في الكون بلا كلل أو ملل أو كسل، إذ إنّ الإنسانَ حاملٌ بفطرته للأمانة من دون سائر المخلوقات، ومفكرٌ، وقادرٌ ولديه خيارات كثيرة في التقوى والفجور، كما لديه آليات تعلُّم وتفكير وتخيّل، وهذا كله يزيد من احتمالية خروجه عن المنهج الذي وضعه له خالقه!!

ولهذا جاء القرآن الكريم دائمًا هاديًا وناصحًا ومرشدًا، ففي سورة الرحمن يقول عزّ من قائل: "ألا تطغوا في الميزان" فكأنّما وضع الخالق للكون بما فيه ميزانًا دقيقًا لا يقدر على الإخلال به سوى الإنسان إذا طغى وخرج عن المنهج الربانيّ!! "فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".
الجريدة الرسمية