رئيس التحرير
عصام كامل

الإسهال التشريعي والبرلمان المؤجل!


معضلة قانونية ستعيشها مصر وسوف تضاف إلى كم المشاكل والكوارث التي تعانيها في الوقت الراهن، تتمثل تلك المعضلة في المادة "156" من الدستور الذي تم إقراره منتصف شهر يناير الماضي بأغلبية ساحقة تعدت 99% وتنص على:


" إذا حدث في غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه. وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار".

من صاغ تلك المادة لم يخطر في باله ولم يكن يتخيل أن يمر عام من إقرار الدستور دون أن يكون لدنيا برلمان منتخب صاحب الحق الأصيل في التشريع.

وبالرغم من أن سلطة التشريع الممنوحة للرئيس مقيدة بحالة الضرورة إلا أن الرئيسين عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي قد أصدرا منذ إقرار الدستور وحتى الآن 136 قانونا تم نشرها في الصحيفة الرسمية ومن المؤكد أن هذا الرقم مرشح للزيادة في ظل عدم وجود برلمان واحتفاظ الرئيس بسلطة التشريع فمن المتخيل أن هذا الرقم يصل إلى 200 قرار بقانون حتى انتخاب البرلمان وانعقاده قبل مارس المقبل.

أعلم أن هناك حالات ضرورية استجوبت وألزمت الرئيس بضروة إصدار تشريعات منها عندما لجأ الرئيس إلى إصدار قرار بقانون بالحد الأقصى للأجور بما لا يتجاوز 42 ألف وذلك لتطبيق أولى خطوات العدالة الاجتماعية بالإضافة إلى قانون رقم 103 الخاص بتنظيم الأزهر وأقر عقوبة الفصل النهائي لكل من يشارك في الشغب داخل الجامعات وهو ما ساهم بشكل كبير في تحجيم طلاب الجماعة الإرهابية داخل الجامعات، وكذلك قانون انتخاب القيادات الجامعية بعد أن سيطر عليها الإخوان وغيرها من القوانين الملحة مثل قانون كادر المهن الطبية والذي ساهم بشكل ما في تحسين أوضاع الأطباء والعاملين بالقطاع الطبي..، لكني لا أنكر أن هناك قوانين لم تكن ملحة في إصدارها وكان من الممكن تأجيلها حتى انعقاد البرلمان.

المعضلة يا سادة تتمثل في أن البرلمان القادم غير المعروف توجهه السياسي وتركيبته الأيديولوجية مطلوب منه أن يراجع ما يقرب من 150 قرارا بقانون خلال 15 أيام فقط من انعقاده وهو ما يستحيل فعله عمليا على أرض الواقع إلا في حالة سلق تلك القوانين، ما يترتب على هذا في حالة عدم قدرة البرلمان على مراجعة القوانين سيتم إلغاؤها بأثر رجعي فمثلا قانون الحد الأقصى للأجوار إذا لم يتم إقراره بعد انعقاد البرلمان يعتبر لاغيا بأثر رجعى من إقرار يوليو الماضي وأن السادة المسئولين ممن تضرروا من القانون يمكنهم صرف ما تم خصمه منهم بأثر رجعي، كما أن قانون تنظيم الأزهر أو الجامعات ينطبق عليه نفس الحالة.

لذلك أطالب الدولة ممثلة في الرئيس بضرورة التوقف عن حالة "الإسهال" التشريعي التي نعانيها وأن نسارع بضرورة إجراء انتخاب البرلمان حتى لا نظل في هذا الفراغ الدستورى الذي نعيشه.
للتواصل مع الكاتب
facebook.com/mohamed.samy.923


الجريدة الرسمية