رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إحنا فاهمين غلط !


لما تكون المعارضة للمعارضة وليست لمصلحة الوطن، ولما تخرج علينا دائما رافعة شعار أن السلطة تحاصرها وتضيق عليها ولا تجتمع بها رغم أن السلطة تجتمع وتتشاور مع أطياف كثيرة في المجتمع.. مع العلماء والمبدعين من الشباب ورجال الاستثمار والأعمال ورموز المعارضة، ومع ذلك يظل خطاب المعارضة كما هو لا يتغير رغم الحديث عن ثورتين وعن حرية غير مسبوقة في تاريخ الأمم لدرجة أنها – الحرية – تحولت إلى فوضي وأصبح من يقترب منها أو يقومها هو عدو للثورة والحرية وينادي بدولة القمع !! عندما تكون المعارضة بهذا الشكل يبقي إحنا فاهمين غلط ! 

المعارضة..أن تنتقد سياسات من خلال سياسات بديلة جاهزة ومدروسة وقابلة للتطبيق.. المعارضة أن تكون جاهزا لتحمل المسئولية عندما تصل إلى السلطة.. المعارضة أن تعمل لدفع الوطن إلى الأمام وليس لهدمه تحت دعاوي حرية المعارضة في فعل أي شيء وفي أي وقت.. المعارضة أن تري بقع الضوء لتزيدها اتساعا كما تري بقع الظلام وتعمل على تقليصها.. المعارضة أن تشتبك مع الشارع.. مع الناس في مشاكلهم لكي تحصل على دعمهم.. المعارضة أن يعرفك الشارع من خلال مواقف وطنية وليس من خلال مواقف نفاق حسب الحالة والمصلحة، أو مواقف عداء على طول الخط لتثبت أنك معارضة !! 

الحديث عن شباب الثورة تحول إلى تميمة أو أيقونة دون أن نحدد من هو الشباب المقصود، ودون أن نحدد عمره، ودون أن نحدد مهارته وكفاءته وإمكاناته وإمكانياته.. هل المقصود بالشباب هو هذا الشباب صاحب الصوت الزاعق وصاحب صفحات الفيس وحساب التويتر الذي لا يغادرهما إلى أي عمل مفيد ؟ هل هو الشباب الذي ينتمي إلى مراكز حقوقية ومراكز دراسات مجهولة تستضيفه فضائيات النميمة وصناعة الأوهام فاكتسبوا ألقاب الناشط والباحث والخبير في علوم السياسة والاجتماع والاستراتيجية بكل أنواعها بالإضافة إلى مصطلح ليس له مثيل في العالم هو"ناشط ثوري".

هل الحديث عن شباب السبوبة أم الشباب الذي يعمل في مختلف مواقع العمل وشارك في كل استحقاقات الوطن، ويسقط منه الشهداء يوميا في معركة الشرف التي يخوضها ضد الإرهاب ضباط وجنود، ومن يعملون في بلاد نائية بحثا عن لقمة عيش شريفة بعيدا عن مستنقع إغراء المال الذي هوى فيه البعض !! وإذا كان المقصود بتمكين الشباب هو تمكين الشباب الزاعق الذي لا يجيد غير الكلام في البرلمان والوظائف العليا بحجة أنه شباب الثورة الذي نزل الميادين وغير النظام.. 

إذا كان الأمر كذلك يبقي إحنا فاهمين غلط، ونردد كلام غلط.. التمكين يكون للشباب الواعد الفاهم صاحب الرؤية والتجربة الذي يملك علما ونشاطا في مجالات متعددة، الذي يري العمل قيمة ومسئولية.. الذي يسعي للمساهمة في تشكيل مجتمع أفضل يعيش في دولة قوية وليس دولة فاشلة !

لما يكون مؤشر النجاح هو الطنطنة من بعض الإعلاميين حول استطلاع للرأي يقول إن 88% راضون عن سياسة السيسي يبقي إحنا فاهمين غلط !! النجاح هو نجاح المجموع وليس نجاح فرد، لذلك كنت أتمني أن تكون النسبة هذه معبرة عن رضاء الناس عن أنفسهم بعد أن يكونوا قد أدوا ما عليهم تجاه عملهم ووطنهم والتحديات التي تواجههم خصوصا ومعهم رئيس يقدر المسئولية ويتميز بإرادة سياسية ووطنية تحتاج التفاف وطني حولها للإنجاز.

لما يكون دور الإعلام في أوقات الأزمة والخطر متطرفا في تناوله للقضايا المهمة أو السطحية بنفس القدر من الصوت العالي والتشنج غير المبرر يساهم في زيادة الاستقطاب فيصرف الناس عن الاصطفاف خلف الوطن ليحشرهم حشرا في زوايا ضيقة تستنزف الوقت والجهد والعقل وتثير قضايا خلافية ليس أوانها متعلقة بفتاوى دينية أو قضايا جنسية أو أمور تافهة كمشكلات الزواج والطلاق والرقص والتحول الجنسي !! أو التشنج الزائد في طرح القضايا الوطنية عبر قنوات ومقدمي برامج يظنون أنهم يخدمون الوطن ويعضدون مواقف القيادة السياسية وهم يسيئون للوطن ويحملون القيادة السياسية أوزارهم وجهلهم بما يقدمون بشكل مبالغ فيه وغالبا تكون رؤية القيادة السياسية مغايرة لما يقولون !.. عندما تكون صورة الإعلام في مراحل الخطر كذلك يبقي أحنا فاهمين غلط، لكي نفهم ربما أمامنا وقت وبذل مزيد من الجهد والتخلص من مفهوم أن الرئيس يفعل كل شيء ويفعل المستحيل ونحن نلوك الكلام كما نلوك الطعام الذي لا يفيد البدن في شيء.
Advertisements
الجريدة الرسمية