رئيس التحرير
عصام كامل

أدهم العبودى: جابر عصفور وزير سلطة ينفذ ما يملى عليه

فيتو

  • سيأتي اليوم الذي سأنال فيه جائزة نوبل
  • وزير الثقافة له زمرة من الأتباع ينهاهم فينتهون يؤمرهم فيمتثلون
  • جوائز الدولة عطنة ورائحتها لم تعد تطاق
  • صابر عرب من أكثر مفسدي الثقافة المصرية
  • زمن عمالقة الأدب لم ينته بعد
  • بعض الكتاب يعتبرون أنفسهم آلهة الإبداع ونظرتهم دونية للآخرين
  • ليس لأحد فرض ألوهيته على واقع ثقافي متكامل
  • القمع الأدبي طبيعي في دولة تُغلب الأمن على الحرية
  • الصراعات سوف تُنهي على أدباء العاصمة قريبا
  • كبار الكٌتاب يتمتعون بقدر كبير من الغباء
  • الفساد تفشي في وزارة الثقافة.. وأصبحت أكثر عقما

بروح الغيور على وطنه ومستقبله الثقافي، وبرؤية ثاقبة، وبجرأة إعتدناها منه، كشف الكاتب أدهم العبودي، أن الفساد مستشري في الوسط الثقافي المصري، وبرعاية وزير الثقافة الذي نهب روح الثقافة، وأكد أن القمع الأدبي هو واقع طبيعي في دولة تغلب الأمن على الحرية، في ظل وجود نخبة تصارع من أجل المصالح.

ماذا تحتاج الثقافة لتستعيد دورها؟، والعلاقة بين أدباء العاصمة والأقاليم، كل هذا وأكثر جاوب عليه العبودي في حواره مع "فيتو"، إلى نص الحوار...


*بداية من "جلباب النبي" وحتى "الطيبيون".. 4 محطات في مشوار العبودي أثاروا جدلا كبيرا.. ألا تخشي القمع الأدبي؟

في الحقيقة القمع طبيعة سائدة في المجتمعات العربية الثقافية نظرًا لسيادة مفاهيم مثل الأمن القومي، ونظرًا لتغليب نظرية الدولة الأمنية، اليوم لا توجد هذه المفاهيم في الدول التي استطاعت أن تنجو خارج هذا الإطار، واستطاعت بشكل حقيقي الانحياز للثقافة والحريات التي ينبغي أن توفّرها الدولة للقطاع الثقافي، أمّا المجتمعات التي ينتصر فيها مفهوم الأمن على الحرية، فهي مجتمعات لم تنج بعد، ما زالت عالقة بكل ما هو قمعي، ومنذ وقائع طه حسين ومحفوظ وحيدر حيدر ومحمد شكري، والروايات الأدبية التي أثارت حفيظة الدولة الأمنية، عندما شعرت بفقد سيطرتها، والثقافة تنحدر، لابد من منح حرية المثقف والأديب كاملة، وإلاّ نحن مصيرنا لهلاك فكري، أذكر أنّ جلباب النبي، وكانت أولى أعمالي، أثارت الكنيسة وكان ذلك في عام 2011، لكن ثمّة وجه آخر لموضوع القمع، وهو الانتشار، تعال انظر للأعمال التي حوربت، انتشرت أكثر في قطاعات المجتمع، ربما لولا ضجّة الكنيسة حول جلباب النبي، وبعدها الأثريين حول الطيبيون، ما وجدت هذه الأعمال قارئها، وربما ما عرف أحد أدهم العبودي ولا سمع عنه، القمع سلاح خطير ذو حدّين، والكاتب لابد أن يمتلك قدرًا من الذكاء كي يستطيع تغليب حدّ على حدّ.

*أدباء العاصمة ينظرون للمبدعين الآخرين نظرة تعالٍ ويعتبرونهم درجة ثانية.. فما تعليقك؟

أدباء العاصمة يتآكلون الآن، نظرًا للصراعات الاختيارية التي يدخلون فيها وتستهلكهم، هم يتصارعون على مناصب في الصحافة، وفي الثقافة، يتصارعون على ندوة، وعلى نشر كتاب، يتصارعون على نشر قصيدة في مجلة أو حفل توقيع، الأمر الذي جعلهم ينصرفون عن جدوى الكتابة الحقيقي، وهو الرسالة، الأدب رسالة، وليس استقطاع مبلغ من المال من هنا أو هناك، وكلّما غفل أدباء العاصمة عن جدوى الكتابة، طفت الكتابة الحقيقية ذاتها على السطح رغمًا عنهم، أؤكّد أنّه لم تعد هناك إقليمية، تلك اندثرت من بعد ثورة يناير، المجال الآن مفتوح، يتّسع للجميع، والجيّد يغلب في النهاية، الآن يحسدنا أدباء العاصمة على انتشارنا، في الأقاليم كتّاب ذاع صيتهم وبلغ عنان السماء، يوسف زيدان مثلًا – ورغم تحفّظي على بعض ممّا يذهب إليه في آرائه- هو كاتب من إقليم ويعيش في إقليم، مثله محمّد المنسي قنديل، وأحمد خالد توفيق، وأحمد أبو خنيجر، وأشرف الخمايسي، ويوسف فاخوري، حتّى على مستوى الكتابة الشبابية، شباب كثيرون يعيشون في أقاليمهم وأعمالهم تجد صدى كبيرًا لدى القارئ، السؤال هو أين كتّاب العاصمة الآن؟

*هناك العديد من الكتاب الذين يعتبرون أنفسهم آلهة الإبداع.. لذا لديهم نظرة دونية لكل من حولهم..فكيف تري هذه الظاهرة؟

ثمّة كتّاب كثيرين لديهم هذه النظرة الدونية، يعتقدون حقًا أنّهم آلهة الإبداع، لكنّ هؤلاء لديهم قدرة غريبة على البلادة والغباء، لا يمكنهم قراءة الواقع الثقافي بشكل فاعل، لا يدركون أنّ الآخرين يضحكون عليهم ويتندّرون بهم، هذا هو الواقع، ليس لأحد أن يفرض ألوهيته على واقع ثقافي متكامل، يشمل كلّ غث وسمين، وما يبدو صادمًا اليوم، يبدو مضحكًا غدًا، والذي لم ينل حظّه اليوم، سيفعل في المستقبل، من يمكنه الجزم باستقرار الواقع الثقافي؟ إنّه واقع متحرّك، لا يصمد أمام التقلّبات المجتمعية، ولا يحفل بأحد، واقع مرير أحيانًا، سرعان ما يستنزف البعض في سبيل آخرين، ويستهلك آخرين، هكذا علينا أن ننظر له، أين كان أحمد مراد في عهد الأسواني وزيدان؟ وأين الأسواني وزيدان الآن من الخريطة؟!

*وزارة الثقافة تجمدت في قالب واحد وتأبي الخروج منه.. فماذا تحتاج لتعود لدورها؟

تحتاج إعادة برمجة، وترميم، تحتاج أن نطيح بالكيان كلّه، ثم ننشئه على مهل وصبر، المنظومة بأكملها باتت ملوّثة وتفشّت فيها الأوبئة السرطانية، سلسلة من الفساد والمهازل، لا يوجد دور الآن لوزارة الثقافة، هي وزارة عقيمة، وتزداد عقمًا يومًا بعد يوم، ومن يرى غير ذلك فهو متواطئ بالضرورة وذو مصلحة ومنفعة، إذن ينبغي إعادة إحياء الكيان والحلّ في الشباب، على الوزارة أن تستعين بالشباب، هم أصحاب الكفاءة الحقيقية الآن، ولو أخطئوا، لا بأس أن يخطئوا قليلًا ونقوّمهم، لكنّ الشباب لديه صياغة مستقبلية مختلفة للواقع الثقافي الراهن، البائس.

*وهل الثورة المصرية فشلت في إنجاب وزير يمثل الثقافة الجماهيرية؟

قطعًا فشلت الثورة في تحقيق مآربها، جابر عصفور وزير سلطة، في المقام الأول، ما تمليه عليه السلطة ينفّذه دون تراخ أو تراجع، كيف نثق في وزير لم يستشرف مستقبل المجتمع المصري الثقافى، فهو واحد ممّن حملوا على أكتافهم عبء إفساد الثقافة، ونجح في ذلك إلى حدّ بعيد، له زمرة من الأتباع ينهاهم فينتهون، يؤمرهم فيمتثلون، في النهاية علينا أن نقرّ بأنه نهب روح الثقافة وما زال يفعل، لأجل مكتسبات لو أدركها المجتمع لثار ثورة كبرى ضدّه وضدّ أمثاله.

*وماذا عن الضمير الثقافي للنخبة المبدعة ودورهم في تحديد ملامح المستقبل الثقافي في مصر؟

أيّ نخبة تلك التي تتحدّث عنها؟! وأيّ دور؟! النخبة غافية لأجل غير مسمّى، النخبة نفسها هي التي تهرول خلف المكتسبات، وخلف فتات الموائد، لا داعي أن أذكر وقائع بعينها، فالوقائع أكثر وأرذل ممّا يتخيّل أحد، تحديد ملامح مستقبل ثقافي يجيء بتغيير دواخلنا أولًا، علينا أن نصفو تجاه دورنا، وأن نفهمه، علينا أن نخلص تجاه المجتمع، لكي نستعيد تأثيرنا المبتغى.

*ترى شريحةٌ كبيرة من المثقفين أنّ تعثّر عملية النهوض الثقافي تبدأ من الموظف العادي الذي يختلط عليه المعنى الوظيفي المهني أكثر من كونه مثقفا موظفا؟
طالما دخل المثقّف المطحنة فلن يمكنه أن يؤدّي دوره كما ينبغي، لا يوجد مثقّف موظّف، فهو إمّا مثقف حقيقي، وإمّا موظف تقيّده القرارات العليا والمصالح الشخصية والأوامر والإداريات، كم من مثقّف أحرقته نار الوظيفة!

*منذ فترة والقائمون على العملية الثقافية مصابون بهوس البناء وقص الأشرطة وافتتاح مبانٍ فقط..في رأيك هل كان ذلك سببًا لاتجاه المواطنين للمراكز الخاصة؟

ذلك حتمي، عندما فقدت المؤسّسة الثقافية الرسمية دورها، بات على المواطن أن يلجأ لخيار آخر، لأنّه يريد أن ينهل من تيار الثقافة المتغيّر بتغيّر المجتمع، فإذا نظرنا للمؤسّسة، وجدناها بلا حراك، كأنّها جثّة هامدة، فلا لوم على المواطن إذا نظر للمؤسّسة على أنّها كانت ولن تصبح بعد ذلك أبدًا.

*أيّهما تفضل حصد الجوائز أم الطموح للعالمية وترجمة أعمالك بمختلف اللغات؟

الجوائز ليست معيارًا، لكنّها وبصراحة شديدة عامل شديد الأهمية من أجل الارتقاء بحياتك العملية على الأقل، فهي توفّر بعض الأموال التي يحتاجها أيّ كاتب كي يشعر أنّ كتابته مجزية ومجدية، لكن طموحي الشخصي هو العالمية دون شكّ، حيث أنّي أشعر أنّه سيأتي اليوم الذي سأنال فيه جائزة نوبل، هذا هو مشروعي، العالمية، وسوف أترجم للغات عديدة، لديّ يقين بذلك، قال الله تعالى "أن ليس للإنسان إلاّ ما سعى"، وأنا أسعى للعالمية، وهي وشيكة بالمناسبة، مجرّد القليل من الجهد وسيحدث هذا.

*صرح وزير الثقافة من قبل إن جوائز الدولة بها شبهة مجاملات.. فكيف تراها؟

المجاملة كلمة أقل من وصف جوائز الدولة، فالجوائز عطنة، رائحتها لم تعد تطاق، تخيّل أن وزيرًا يستقيل ليحصل على جائزة الدولة التي يمنحها هو بنفسه، فلمّا يحصل عليها يستعيد وظيفته كوزير للثقافة، أتحدّث عن صابر عرب، وهو من أكثر مفسدي الثقافة المصرية، ربما صار قدرنا –نحن المثقفون- أن نصمت على مثل هذه المهازل، التي تحدث علنًا ودون حياء، إذن جوائز الدولة مهلكة، ومعركة لصالح الأفسد.

*العديد من الأعمال أصبحت لغرض تجاري.. كيف تري هذه الظاهرة؟

من المشروع أن يدخل الغرض التجاري في عملية الكتابة، لأنّ الكتاب سلعة، ولابد أن يتحصّل مروّجها على مقابل مادي، لكن أن يدخل النصب والاحتيال في هذه التجارة فهذا الذي لا يمكن أن نقبله أبدًا، لابد أن يكون لهذه التجارة بعض النزاهة، وإلاّ فقدت الغرض الحقيقي من ورائها.

*هل بالفعل انتهى زمن عمالقة الأدب.. أم سوف نشهد عمالقة جدد؟

- لا لم ينته زمن العمالقة بعد، ثمّة عمالقة على الساحة الآن، لكنّهم يفضّلون الانطواء والوجود في خانة الظلّ، والأسماء كثيرة، ولا داعي أن أذكر البعض كي لا أنسى فأجيء على حساب البعض، لكنّهم كثيرون، يكفي أن أقول لك أنّ أدهم العبودي في حدّ ذاته واحد من هؤلاء العمالقة الجدد.
الجريدة الرسمية