رئيس التحرير
عصام كامل

الذين اغتنوا بعد فض رابعة!


سيستمر فض اعتصام رابعة لوقت طويل مثارا للجدل في تجارة إلهاب الحماس والرغبة في المقاومة حتى آخر مدى لدى المستخدمين له، على أمل إسقاط الدولة المصرية وإدخالها في حالة اللادولة حتى يمكن تشكيلها من جديد، دون أن يسأل الكثيرون أنفسهم لماذا رابعة وليست النهضة مثلا؟ رغم أن من كان في النهضة هم أنصار الجماعات الجهادية الذين من المفترض أنهم أكثر عنفا، لكنهم كانوا أسرع رحيلا، ورغم تردد شائعة أنه لم تكن هناك طرق آمنة للخروج، فلن يسأل أحد منهم نفسه مثلا من أي طريق هرب صفوت حجازي وباقي قيادات الإخوان؟


وعلى أن أسجل أن الإعلام المصري بكل طاقته لم ينجح إلى الآن في التعامل المهني مع هذه القضية وكشف الحقيقة بما لا يدع مجالا للتشكيك أو الاحتقان عند البعض، رغم وجود مادة أرشيفية وفيديوهات وتوثيقات تكشف الحقيقة بما لا يدع مجالا للتباكي حول رابعة، لا محليا ولا دوليا فمثلا لم تذهب هذه القنوات لإجراء الحوارات المباشرة وجمع الشهادات من الأهالي الذي كانوا أول الفرحين بإنهاء اعتصام رابعة، والذين كانوا أكبر المتضررين منهم، وكانوا شهود عيان على ما حدث، بل لدى هؤلاء الأهالي رصيد ضخم من الفيديوهات التي لم يتم تجميعها حتى الآن، مما يحسم الأمر لدى الكثيرين ممن غلبت عليهم عاطفتهم واندفعوا لمناصرة من يعتقدون أنه مظلوم.

فلا تزال جماعة الإخوان الإرهابية وقادتها قادرون على أن يقدموا أنفسهم بصورة الضحية بامتياز، بينما هم الجاني سواء على أبنائهم وأفرادهم، أو على الدولة والمصريين الأبرياء، على أي حال، هذا الملف الذي لا يزال يحيرني كثيرا وأتعجب من تعامل الإعلام المصري معه، سيظل نقطة تحتاج للكثير من التوضيح واتخاذ الإجراءات الحاسمة.

النقطة الثانية المحيرة أكثر هي التعامل مع التمويل الخاص بما أنفق وينفق على الاعتصامات وعلى المظاهرات، حتى أني أذكر في إحدى قنواتهم أن قيل: توجد أموال لا نهاية لها لتمويل هذا الحراك. ورغم تشكيل لجنة لمتابعة هذه الأموال إلا أن أيضا قدرا من الغموض يحيط بعمل هذه اللجنة، وقراراتها متأخرة كثيرا، متأخرة بشكل يسمح بنقل الكثير من الأموال من هنا إلى هناك، بل بدأت أنتبه لظهور جمعيات أهلية كانت قد أُسست من قبل يونيو بوقت يسير، وأودع في أرصدتها مبالغ بسيطة، لكن يتم تفعيلها الآن بنفس نهج جمعيات سابقة من التركيز على سيارات تكريم الموتى، وإعانات الزيت والسكر والإعانات للأيتام بأوجه جديدة إلى حد ما لكنها مؤيدة لهذا التوجه، ربما لهذا النشاط الذي بدأ يظهر الآن تحديدا علاقة بالانتخابات القادمة، وبالطبع أنا داعم ومؤيد للأنشطة الخيرية طالما لم يكن وراءها مقصد سياسي أو أيديولوجي.

لكن الظاهرة الغريبة اللافتة فعلا هي الطفرة المادية التي نلمسها الآن على البعض، خصوصا من كانت له مشاركة في اعتصام رابعة، فهناك العديد من شركات الحج والعمرة التي تم افتتاحها مرة واحدة وبرأس مال كبير من قبل أناس لم يكونوا يملكون شيئا قبل فض الاعتصام، فضلا عن تجارة أراض وظهور العديد من مظاهر الثراء على من له تأييد لهذا الفصيل دون مبرر، هل هناك عملية تدوير وغسل أموال للجماعة من قبل هؤلاء البسطاء؟ أتمنى أن تلتفت الدولة لهذا الملف، مما قد يعني أنه فعليا أموال هذا الفصيل بعيدة عن رقابة الدولة وموجودة في مسارات لا يمكن تعقبها. 

الأمر يحتاج للتحقيق والتحريات خصوصا لمن كان له فقيد أو جريح أو شراكة في هذه الاعتصامات، ثم فجأة ظهرت عليه آثار الثراء وتحسن الأحوال والدخول في تجارة أو شراء عقارات أو أراض، أو تأسيس شركات ومحال جديدة برءوس أموال كبيرة لا تتناسب مع طبيعة ثروة من يؤسسونها، أتمنى أن تتم من جديد مراجعة الجمعيات الأهلية خصوصا تلك التي كانت في حالة كمون، وبدأت تنشط بشدة حاليا، وفي أنشطة تلامس الفقراء بالذات، بما يعني أن هناك نية لاستخدام هؤلاء الفقراء في توجيهات معينة في الانتخابات القادمة. أرى هذا الملف خطيرا ويستحق الالتفات له.
الجريدة الرسمية