رئيس التحرير
عصام كامل

البوسطجى.. اشتكى من قلة مراسيله

البوسطجى - صورة تعبرية
البوسطجى - صورة تعبرية

على دراجة متهالكة أقر بأنها عهدة، يجوب الشوارع والحارات بحثا عن المستلم، إذ يكون في انتظاره متلهفا لكلمة مخلوطة بشوق يرسلها حبيب لـ «حبيب»، أو رسالة من بلاد الغربة تطمئن الأهل أن الحال على ما يرام.. هكذا اعتاد « البوسطجي» معاناة هذه المهنة ليرسم الابتسامة والأمل على ملامح الناس، فرغم مشقة المشاوير والطرق البعيدة غير الممهدة وحرارة الفصول ورطوبتها يفنى عمله طريقا يلى طريقا وخطوة بعد خطوة ورسالة من وراء رسالة.


عبد الله عبد الحميد، أشهر «بوسطجية» بريد مدينة الخارجة بالوادى الجديد، يعد واحدا ممن كانوا لهم بصمة كبيرة في ذلك المجال الذي طوت صفحاته التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة.

يقول عبد الحميد: قضيت أيام عملى متنقلا بدراجتى التي استلمتها كعهدة من هيئة البريد المصرية بين الأحياء والدروب القديمة، بحثا عن المستلم أو صاحب النصيب كما كانوا يطلقون عليه قديما، فعلى الرغم من متعة عملى، وحبى الشديد له، إلا أننى كنت ألقى الكثير من الصعاب أهمها مشقة المشوار فضلا عن عملى في ظل درجة الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، والطرق غير الممهدة التي كنت أسير بها، وغيرها من المواقف التي كانت تواجهنى خلال عملى.

وأضاف: متعة عملى كنت أستمدها من المواطنين واحتكاكى بهم كل يوم، حيث كانوا يعتبروننى صديقا لكل عائلات المنطقة، وذلك لترددى على منازلهم كثيرا لأؤدى مهام عملي، فضلا عن أننى كنت بمثابة «وش السعد» إذ حملت لهم الأخبار السارة كخطابات التعيين ورسائل التهنئة والمباركات، حيث كانوا يستبشرون خيرا بقدومى إلى منازلهم.

يستكمل عبد الحميد حديثه: كنت أبدأ يومى منذ الساعة السابعة والنصف، أذهب إلى عملى لاستلام الخطابات الخاصة بى من المكتب التابع له، وأوزعها في منطقتى، بعدما انطلق بدراجتى بحثا عن صاحب النصيب، حيث كنت أبدأ بالأماكن البعيدة بمدينة الخارجة، وأدخر جهده للأماكن القريبة في نهاية اليوم حتى لا يصيبنى الملل والأرهاق.

وفى لفتة لطيفة تؤكد مدى ارتباطه بدراجته يقول «البوسطجي»: أعرف أن اليوم سيئ إذ تعطلت دراجتى، وقتها أستكمل يوم العمل سيرا على الأقدام أو أجلب دراجة أخرى من أبنائى أو أصدقائى لحين إصلاح دراجتى الخاصة، حيث كنت أقطع يوميا 20 كم بدراجتى بين الأحياء والشوارع، وأحيانا أقطع تلك المسافة سيرا على الأقدام في حالة تعطل دراجتى.

ويضيف عبد الحميد: أن تكون ساعى بريدا فهى مهنة كتبها عليك الله، لتتعرف على أحوال البشر، وتحتك بهم وتعرف ظروفهم، فخلال عملى طوال الـ40 عاما استطعت التفريق بين الغنى والفقير كما أننى عرفت الكثير من معاناة وهموم البيوت المصرية.

وعن أطرف المواقف التي تعرض لها قال إنه عندما ذهب إلى أحد المنازل، حاملا خطابا خاصا بالموافقة على تعيين أحد أفراد المنزل بوظيفة حكومية، بعدما كانوا فقدوا الأمل في تعيينه، حيث استقبل من أهل البيت بالزغاريد وكأنه من قام بالموافقة على تعيينه، بعد أن زف إليهم البشرى السارة.

وأشار عبد الحميد إلى أنه لن ينسى الموقف أبدا خصوصا عندما شاهد الفرحة على وجوههم، وشارك فرحتهم، وأحس أنه سبب في إدخال السرور والبهجة على الناس.
الجريدة الرسمية