رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور مسعد الشايب يكتب: نظرات في قضية تطوير الأزهر الشـــــــــــــريف

الدكتور مسعد الشايب
الدكتور مسعد الشايب

الأزهر الشريف من أقدم الجامعات في الوطن العربى والإسلامى، وهو قبلة العلم الأولى في الوطن العربى والإسلامى لوسطيته وسماحته، يفد إليه الدارسون من بقاع العالم من أكثر من تسعين دولة، انشئ منذ أكثر من ألف عام فقد افتتحه جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله الفاطمى ( مؤسس القاهرة) عام 361هـ بعد عامين من البناء والتشييد، والأزهر هو رافع لواء الوسطية في العالم الإسلامى وهو من أسباب حماية الدين والعروبة بفضل الله.

والأزهر الشريف كأى مؤسسة تعليمية في العالم تمر بها فترات قوة ونشاط وازدهار وضياء، وتمر بها فترات انقباض وانكماش وخفوت لضوءها ونشاطها، وهو كأى مرآة لابد للزمن أن يصيبها بغباره وأن يفقدها بعض لمعانها.

ومن هنا كان لزاما على القائمين على أمر الأزهر الشريف وعلى المخلصين من أبنائه ـ وعلى رأسهم شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر والمجلس الأعلى للأزهر والعلماء الذين لم يتلونوا بمناهج شرقية أو غربية ولم يتورطوا مع جماعات (..... ) أن يهبوا لتطويره وأن يعملوا على عودته لصدارته وريادته في العالم ككل.

وإذا أردنا الحديث عن قضية تطوير الأزهر فينبغى أن نتناول في قضية التطوير أربع جوانب وهى:ـ
(1) الخطاب الدينى: ينبغى أن يكون الخطاب الدينى الأزهر علميا، متطورا، عالميا، ومواكبا العصر ومكتسبات العلم الحديث، يجب على دعاة الأزهر أن يخرجوا من عباءة دواوين الخطابة المكتوبة التي لاتعدو خطب المناسبات طوال العام والمليئة بالترهات والخرافات والإسرائيليات فإن ذلك ينقص من قيمة الأزهر ومن قيمة علمائه، لما لايعيش الدعاة الأزهريين مع قضايا الإعجاز الكونى في القرآن والسنة وما أثبته العلم الحديث من تلك القضايا الكونية، لما لا يعايشون الواقع الذي يحييون فيه ويعالجون آلامه وأمراضه، لما لا يكون للأزهر عموما ولشيخه خصوصا كلمة في كل ما يحدث ويقع في العالم من قضايا ومستجدات على الساحتين الدولية والعربية الإسلامية لقد سعدت كل السعادة حينما علمت أن شيخ الأزهر دعى لإلقاء كلمة في حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في البرازيل هذا العام تلك خطوة على طريق عالمية الأزهر ومن الخطوات الجادة على هذا الطريق أيضا إطلاق قناة الأزهر فلا بد أن يصل صوت الأزهر لكل مكان في العالم وأن يكون له تعليق على كل القضايا والمستجدات في الساحتين العربية الإسلامية والدولية كشأن الفاتيكان، ولا بد أن يكون له حضوره وتواجده في كل المؤتمرات والمحافل الدولية، ولا بد أن يكون علمائه مواكبين لقضايا عصرهم ومستجدات العلم الحديث فما برع غير الازاهرة الا بذلك.
(2) المعاهد الأزهرية: العبرة في ديننا بالكيف لا بالكم قال تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء (114)، وإذا أردنا للأزهر أن يتطور علينا بإنشاء المعاهد الأزهرية المتطورة، المستوفية كل إمكانياتها التي يستفيد منها الطلاب من المعامل العلمية، ومعامل الحاسب الآلى، وقاعات الدرس المتطور كالبروجكتور فلما لاتدرس السيرة مثلا في المعاهد الأزهرية وخصوصا الغزوات بتلك الطريقة، لما مثلا لا تشرح مناسك الحج بتلك الطريقة، لما لا يدرس غسل الموتى بذلك لما لاتدرس جميع المواد بتلك الطريقة أو بطريقة الباور بوينت مما يعود بالثراء العلمى على الطلاب والنقش الذي لا يزول من الذهن. ما جدوى إنشاء معاهد أزهرية بكثرة ليس بها معامل علمية وقاعات درس متطور بل تفتقر إلى المدرسين الذين يقومون بالتدريس بها. ولا ننسى أيضا أن يكون بتلك المعاهد مساحات واسعة خضراء وان تكون بعيدة عن المناطق السكنية نسبيا مما يعود على الطلاب بالتركيز والتحصيل العلمى يكفينا في كل محافظة خمسة معاهد على الأقل بهذه الطريقة.

(3) المناهج الدراسية: إشكالية كبيرة تثيرها المناهج الأزهرية الآن فبعض ذوى المآرب ينادون بتغييرها، والغيورون على الأزهر جامدون عليها وفى وجهة نظرى أنه لاغنى في الأزهر عن كتب التراث والأسلاف فالأزهر من مميزاته أنه حافظ على التراث العربى والإسلامى ولكن حتى نواكب التطوير الذي ضرب العالم من شرقه لغربه يجب أن تهذب تلك المناهج الدراسية وتنقح ويعاد قراءتها من المتخصصين والتعليق عليها، والرد على ما لايصلح منها للعصر والزمن فالعصمة للنبى ـ صلى الله عليه وسلم وحده ـ والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، وقد رأينا في أحد البرامج المشهورة بعض ذوى المآرب يطعن فيها مستشهدا بأشياء منها على طعنه وضرورة تغييرها فحتى نفوت الفرصة عليهم، وحتى ينشأ الازهرى واسع الأفق والمدارك ـ ليس جامدا ـ محيطا بما يتطلبه العصر يجب إعادة قراءة تلك المناهج ويجب تهذيبها وتنقيحها.

(4) التدريس: يجب الاهتمام بالمدرس لأنه قلب العملية التعليمية وبالاهتمام به وبتطويره تتطور العملية التعليمية، فالطالب هو نتاج المدرس وكما يكون المدرس يكون الطالب والاهتمام بالمدرس ينبغى أن يكون على محاور منها الاهتمام به ماديا، وصحيا، وعلميا بعقد الدورات التدريبية المتنوعة، والتدريب على المناهج الجديدة وطرق التدريس المتطورة فإن جفاف طرق التدريس بالأزهر واعتمادها على الحفظ وفقط ما خلفت وراءها الا اجيالا لا تجيد الا حفظ الحواشى والمتون بعيد عن إعمال العقل والفكر بعيدة عن مواكبة العر ومعايشة الواقع. وأرى أن تطبيق الكادر على مدرسى الأزهر الشريف هو خطوة على الطريق ويجب أن يستمر هذا الدعم لمدرسى الأزهر إذا أردنا للأزهر أن يتطور.

أخيرا إذا أردنا للأزهر أن ينهض ويتطور، لابد أن نخصص معاهد ذات مستوى عالى من الاساتذة والمناهج لتخريج دعاة على مستوى عالى جديرين بتمثيل الأزهر الشريف، إن الحرب على الأزهر وعلمائه أصبحت ضروسا، وهناك جماعات بل دول تريد أن تتبوء مكانة الأزهر ودوره وريادته بحجة أنه أصبح ضعيفا هو وعلمائه، وهذا يحتم على أولى الأمر والمخلصين من أبنائه أن يكرروا النظر في تطويره وتجديد دمائه وتطوير علومه لكى يفوتوا الفرصة على هولاء الحاقدين، والمتربصين.فهل يقيد الله بيبرسا آخر للأزهر يعيده إلى دوره كما اعاده الظاهر بيبرس بعد إغلاقه مائة عام من قبل صلاح الدين؟؟؟؟
متى نرى شباب الأزهر يتغنون بهذا البيت لقوة الأزهر وصدارته وريادته
أزهرى أنا ما حييت وأن أمت..... أوصى الناس بأن يتأزهروا
ماذكرته هو وجهة نظر قد أصيب فيها وقد أخطئ فنحن بشر، والبشر مظنة الخطأ والنسيان والعصمة للنبى صلى الله عليه وسلم وحده وهو من باب قول النبى صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» أتوجه به لولى الأمر في ذلك والله المستعان وعليه التكلان

الكاتب:ماجيستير في التفسير وعلوم القرآن
إمام وخطيب ومدرس
والمتحدث الرسمى لحركة ائمة بلا قيود
الجريدة الرسمية