رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد عبد المعـطى حجازى يحذر من «فاتيكــــــــــــــــــان جديد»!

أحمد عبد المعـطى
أحمد عبد المعـطى حجازى

يرفض الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى، أن تطغى سلطة الأزهر على سلطة الدولة المدنية فيتحول إلى فاتيكان جديد.
حجازى لا يجد حرجافى أن يتدخل الأزهر في الأمور التي تخصه، ويفتى إذا أحب بتحريم شئ معين، اما إتباع هذه الفتوى أو هجرها، فهو هو أمر يعود للمرء المسلم، وكان هذا الرأى بعد تصاعد حدة الخلاف بين شيوخ الأزهر والمثقفين بعد الإعلان عن فيلم "نوح" الامريكى، الذي يتناول قصة النبى نوح عليه سلام، ودخول وزارة الثقافة بقيادة الدكتور جابر عصفور طرفا في الأزمة التي لم تضع أوزارها بعد.


يؤكد حجازى في هذا الشأن أن الأزهر يريد أن يتحول إلى سلطة دينية لا ترد، أما الفتوى من حقه، واما الإلتزام بها فشئ لا يخصه في شئ.

يرى حجازى في سلسلة مقالاته التي قدم فيها ورقة عمل لتطوير الأزهر، أن دور الأزهر وحلقات علمه تقتصر على الجرأة في إعادة هيكلة كل علوم الأزهر، وإخضاع كل هؤلاء الشيوخ إلى اختبارات قاسية نتعرف من خلالها على أقدرهم لتوصيل العلم والإسلام الصحيح إلى أهله.

في مقال بعنوان "الأزهر..وقفة المراجعة"، تأتى تلك السطور تلخص رؤية حجازى لتاريخ الأزهر، وتبريره للوقفة الضرورية التي يحتاجها الأزهر: "الشعب كان يدافع عن الديمقراطية، والملك يعصف بها، ويحل مجلس النواب يوم انعقاده، والشعب يناضل في سبيل الاستقلال ويدافع عن الدولة الوطنية الوليدة، والأزهر يدافع عن الخلافة ويصدر بيانا يهدم فيه كل الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية، فالخلافة "رئاسة عامة في الدين والدنيا!" والإمام، أي الخليفة، نائب عن صاحب الشريعة، أي عن الرسول، وليس عن الشعب! ـ وهو يتولى الحكم بالبيعة، أو بأن يختاره الذي سبقه، أو بالتغلب، أي عن طريق القهر والغصب، كما صنع معظم الأمويين والعباسيين! ـ وهو صاحب التصرف التام في شئون الرعية، فجميع الولايات مستمدة منه وصادرة عنه، كولاية الوزراء، وولاية أمراء الأقاليم، وولاية القضاء، وولاية نقباء الجيوش وحماة الثغور ـ ومعنى هذا أن سلطة الخليفة مطلقة، وأنه مصدر كل السلطات!!"

علامات التعجب الكثيرة التي وضعها حجازى خلف كل كلمة صادرة عن الأزهر، في العبارة السابقة، تدل على أن الأزهر بحاجة ماسة إلى مراجعة قوانينه، ورغم اعتراف حجزى بوثيقة الأزهر، ودور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في إقامة حوار بين المثقفين وشيوخ الأزهر، للإطلاع على وجهة نظرهم في تطوير الأزهر، والمواد والعلوم التي تدرس به، إلا أن موقف الأزهر من فيلم "نوح"، جعل حجازى يقول صراحة أن الأزهر لم يراجع مواقفه بعد، والأزمة ليست في أزمة طارئة لعرض فيلم سينمائى، ولكنه الخوف من سلطة دينينة تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك.

هل يراجع الأزهر مواقفه؟
كان هذا عنوانا لمقالة جديدة كتبها حجازى، إستكمالًا لورقة العمل التي أراد تطوير الأزهر بها، وهنا ينتقد "وثيقة الأزهر"، التي يعترف بها إلا أنه لا يروق له إهمال الوثيقة لأراء طه حسين وعلى عبدالرازق، وعدم إنصاف من تعرضوا للفصل من وظائفهم بسبب أرائهم الجديدة، مستشهدًا بذلك بموقف الفاتيكان الذي اعترف بخطئه، رغم أن البابا معصوم، في نظر المسيحيين، أما الأزهر فيستكبر حتى الآن عن الاعتذار لهؤلاء الذين فارقوا الحياة، مظلومين، يكفرهم شيوخ الأزهر، وفق ما يراه حجازى.

وفى هذا المقال يقول حجازى: "إن ما كان يحدث قبل ثمانين عاما أو تسعين ما زال يحدث حتى اليوم، وأن الأخطار التي كانت تهدد الدولة الوطنية في عشرينيات القرن الماضى وتهدد الديمقراطية وتهدد حرية التفكير والتعبير مازالت واقفة لنا بالمرصاد، بل هي تزداد عنفا وجبروتا. فالخلافة الإسلامية وهى ديكتاتورية دينية لم تعد حلم الجالس على العرش وحاشيته، بل هي الآن شعار مرفوع تلتف حوله جماعات الإسلام السياسي وتحمل السلاح وتخرج به على الدولة وعلى المجتمع"، مضيف: "أما العدوان على حرية التفكير والتعبير فحدث عنه ولا حرج، لقد تجاوز المعتدون سحب الشهادات وطرد الكتاب والمؤلفين من وظائفهم ومصادرة أعمالهم، وأصبحوا يكفرونهم ويغتالونهم ويفرقون بينهم وبين زوجاتهم وينفونهم من وطنهم ويجدون من رجال الدين من يقف في صفهم ويبرر جرائمهم، كما فعل الشيخ محمد الغزالى في قضية فرج فودة، وكما فعل غيره في قضية نصر حامد أبوزيد".
ويواصل حجازى انفعاله قائلا: "ومن المؤسف أن الأزهر لم يقف إلى جانبنا في هذه المحن، ولم يستطع أن يحمينا من هذا التطرف الهمجى وهذا الإرهاب الدموى، ولم يستطع حتى أن يحمى نفسه، فقد اخترق الإرهابيون الأزهر وتمكنوا من تجنيد أعداد من طلابه وحتى من أساتذته"، مضيفا: "جدال لا ينتهى حول أحقية الأزهر في تدريس العلم الدنيوى، أو الإكتفاء بطريقة تدريسه التقليدية المتمثلة في حلقات العلم، الفارغة الآن، إن جاز التعبير".

الوعى بالخطأ
يؤكد حجازى أن تطوير الأزهر وحلقات العلم في أروقته، يبدأ من الاعتراف بطريقة التدريس، وطريقة توصيل العلم الخاطئة، وفى كل مقال يطالب حجازى الأزهر، بالاعتراف بهذا الخطأ كأول خطوة علمية من خطوات الإصلاح.

"الأزهر والمثقفون المصريون"، في هذه المقالة التي يدعو فيها حجازى الأزهر، الاعتراف بخطأه، وفى هذه السطور تحديدًا يخدد حجازى الخطوط العريضة لما بعد الاعتراف بالخطأ:

"لست في حاجة لأدلل على حاجتنا لمراجعة النفس وإعادة تقييم العمل، لأن الخبرات يكمل بعضها بعضا، ولأن الوعى بالخطأ يساعد على التحرر منه وإلا استفحل وتحول إلى مرض متوطن. والأزهر في مقدمة المطالبين بالمراجعة، لأنه بالنسبة لعامة المصريين قدوة وإمام، يصيب فيصيب المؤتمون به، ويخطيء فيخطئون وقد رأينا كيف رضى بعض الأزهريين بالسير في ركاب النظام الساقط. وكيف خدم بعضهم الآخر نظما أخرى ليست أقل سوءا وفسادا. وكيف اندفع آخرون في تيار التطرف والعنف. والنتيجة فقدان الثقة وتراجع الدور".

ينتقل الأزهر فينتقل المصريون
وأخيرًا يعتبر حجازى أن انتقال الأزهر إلى مرحلة جديدة في حياته العلمية، هو انتقال لكل المصريين أيضًا، فرغم فراغ تلك الحلقات الدينية في الأزهر، إلا أن حب المصريين وتعلقهم بالأزهر، لم ينته بعد، ما زال الأزهر يملأ مكانه في قلوب عامة المصريين.


الجريدة الرسمية