رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا لو استقال وزير التعليم ؟!


لو أن استقالة وزير التعليم توقف انهيار أسوار المدارس على رءوس التلاميذ، كما حدث في أكثر من مدرسة في محافظات مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية، لما أصبحت هناك مشكلة، ولكن الأمر أعقد من مجرد استقالة أو إقالة وزير، ومجيء آخر... بينما آلاف المدارس في قرى ونجوع مصر تحتاج إلى ترميم وبعضها آيل للسقوط.. والوزارة لا تنجز سوى أعداد محدودة سنويا بما تسمح به الميزانيات المخصصة لبند الإحلال والتجديد.


وربما لا يدري الذين يعتقدون أن روشتة العلاج تنحصر في دواء واحد «إقالة وزير»، أن عددًا غير قليل من المدارس لا يوجد بها مقاعد للتلاميذ والذين يفترشون الأرض ويتلقون تعليمهم بهذا الوضع المهين، على أمل أن تصل أحوالهم البائسة إلى المسئولين.. خاصة أن الصحف لا تقصر في نقل معاناتهم بالكلمة والصورة.

تلك هي أحوال المدارس منذ زمن بعيد، وليس من الإنصاف تحميل مسئوليتها لوزير واحد شاء حظه العاثر أن تقع ثلاثة حوادث يسقط خلالها أطفال أبرياء في فترة محددة، ما أشعل موجة الغضب بين المصريين جميعا ومطالبتهم بمحاسبة المسئولين.. وهو مطلب مشروع، كما أنه ليس من الإنصاف أيضا أن نحمل هذا الوزير الذي يحالفه سوء الحظ مسئولية انهيار التعليم في مصر، لأنه لم يتسلم المسئولية بينما كانت أحوال التعليم أفضل، ثم تدهورت بعد أن تولاها، وإنما نطالبه بتحسين الأداء في المدارس الحكومية.. والإسراع في ترميم المدارس وتوفير أمن التلاميذ، وتطوير المناهج والإشراف الدقيق على العملية التعليمية.. بعد أن أصبحت مصر في مؤخرة الترتيب الدولي من حيث مستوى التعليم.

صحيح أن الكوارث التي وقعت في مدارسنا، وراح ضحيتها عدد من التلاميذ تدمي قلوبنا جميعا، وصحيح أيضا أن التحقيق مع المقصرين يجب أن يتم بشفافية وتعلن نتائجه على المواطنين ليطمئنوا على أمن أولادهم، أما المطالبة باستقالة وزير التعليم فهي لن تفيد في علاج المشاكل المزمنة.

وعلينا أن نتذكر أن تشكيل حكومة المهندس محلب، قد تأخر كثيرا، لأن أغلب الذين رشحوا لتولي منصب الوزير، اعتذروا لإدراكهم أن تولي المنصب الوزاري في فترة عصيبة تمر بها مصر.. ليس أمرا ميسورا، أما الذين قبلوا التعيين فقد غامروا بالقبول والتعرض لتجاوزات عديدة، سواءً من قبل العاملين معهم أو الإعلام الذي يحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة.. وتجاوز بعض الإعلاميين النقد إلى التشهير وإصدار أحكام الإدانة، دون الاستماع إلى رؤية الوزير المسئول، ولا ننسى هنا أصحاب المدارس الذين أضيرت مصالحهم بسبب إصرار الوزارة على رقابة العملية التعليمية في مدارسهم، التي اعتادوا إدارتها دون إشراف جاد من جانب وزارة التعليم، فامتنعوا عن قيام التلاميذ بتحية العلم في طابور الصباح.. وفرض مناهج لم تقرها الوزارة.
ويبقى أن النقد الموضوعي البناء لسياسات الوزارة، السبيل الوحيد لتطوير التعليم.
الجريدة الرسمية