رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حدائق الهرم.. جمعية لا تملك ومحافظ لا يستحق


بعد حضورى لقاء ممثلى سكان حدائق الهرم مع محافظ الجيزة منذ أسبوعين، أصبحت على يقين بأنه لا شيء سيتحقق من مطالبهم في وجود رجل اسمه على عبد الرحمن، وفى بقاء كيان وهمى اسمه الجمعية، لأن الحدائق على أرض الواقع تحولت إلى أرجوحة في يد جمعية لم تعد تملك من الأرض شيئا، ورجل لا يستحق أن يكون محافظًا.


بعد موجة الغضب من السكان، اضطر محافظ الجيزة لزيارة الحدائق الأسبوع الماضى مسبوقا بكاميرات الفضائيات ومصحوبا ببعض عمال الحى حاملين أدوات التكسير البدائية المتخلفة لكى يتفقد أعمال إزالة دور أو دورين من عمارة مخالفة، ثم انصرف هو وكاميراته، وكأنك يا على يا عبد الرحمن ما غزيت، فهدم دور من عمارة مخالفة بهدف "الشو" الإعلامي لن يحل المشكلة، فالمحافظ يدرك أن "عيار الهجوم" الذي لا يصيب يدوش، ويعلم حالة الغضب العامة لسكان الجيزة من مستوى أدائه في ملفات الأمن والمرور والنظافة والبناء المخالف والبنية الأساسية، ويعرف أيضا أن حركة تغييرات المحافظين تقترب من محطتها الأخيرة.

والحقيقة أنه لا يوجد مكان في مصر تتراجع وتتقهقر فيه أسعار الشقق والأراضى إلى الخلف مثل حدائق الأهرام، لأن دم هذا المجتمع العمرانى تفرًق بين المحافظة ومجلس إدارة جمعية ملاك أراضيها، سكانه ومعظمهم من أبناء الطبقة تحت المتوسطة "لا طالوا بلح المحافظ ولا عنب الجمعية" حتى أصبحت الحدائق يُضرَبْ بها المثل في الفوضى والعشوائية والمخالفات والإهمال وغياب الأمن، وأصبحت مرتعا خصبا لعمليات التثبيت والسطو المسلح ومكانا مفضلا للبلطجية وأرباب السوابق والمجرمين والمشردين. سائقو التكاتك التي يصل عددها إلى نحو 700 معظمهم أطفال دون السادسة وبوابون هم أصحاب الكلمة العليا في المكان، وصار السكان مغلوبين على أمرهم.

الحدائق التي تتكون من 5031 قطعة مساحة كل قطعة تتراوح بين 1000 إلى 1500 متر، كالتي رقصت على السلالم، لا هى كومباوند ولا هى تابعة للدولة، فيها بوابات وصلت حتى الآن إلى ستة، لكن الواقفين عليها لايفتشون أحدا، ولايهمهم سوى تقاضى الإكراميات من الداخلين والخارجين، يحيطها سور من الاتجاهات الأربع، لكنه مفتوح على البحرى عند منطقة تسمى "التجنيد" لكل من يريد الدخول وارتكاب الجرائم والخروج في أمان، فيها شبكة طرق داخلية لكنها غير مرصوفة وربما تصلح لراغبى المساج أن يسيروا عليها من فرط التكسير والحُفَر، أكوام الزبالة تملأ الشوارع، ليس فيها قسم شرطة ولا مدارس ولا مستشفيات ولا خدمات ولا مواصلات داخلية ولا مكاتب بريد ولا بنوك، 90% من عماراتها مخالفة بدور أو دورين زيادة عن الرخصة المحددة للبناء والحى كالعادة مش شايف، أو شايف ومطنش، أو شايف و"متظبط"، 75% من الشقق ليس بها عدادات كهرباء ومع ذلك غالبيتها مسكون ومنور وزى الفل.

محافظ الجيزة نفض يديه من حدائق الهرم ويتعامل معها باعتبارها "كومباوند"، أي أنها مثل دريم لاند والرحاب ومدينتى وحى الأشجار وغيرها التي أنشأها رجال أعمال "زى ما الكتاب بيقول" ووفروا فيها الأمن الحقيقى والبنية الأساسية المحترمة والخدمات الراقية، بعد أن حصلوا على الأراضى من أيام نظام المخلوع الفاسد مبارك بـ"تراب الفلوس" وتربحوا المليارات من الأموال التي دفعها الملاك، لكن مقارنة الحدائق بهذه الأماكن الراقية ينطوى على ظلم كبير بسبب الفارق في سعر المتر، 1500 للأولى، 7 آلاف جنيه للثانية.

المحافظ يرى أن مسئوليته تنتهى عند البوابات، وأن الجمعية هي الأب الذي يفترض أن ينفق ويدفع لإدخال كل المرافق، لكن سيادته لا يتفهم أن آلاف السكان لا يحق لهم التمثيل في مجلس الإدارة، وأن أعضاء الجمعية هم ملاك الأراضى الذين ينتخبون أعضاء مجلس الإدارة، وهؤلاء جميعا سقعوا الأراضى وباعوها منذ سنوات، ولم يعد لهم أدنى صلة بالمكان الذي يدلون فيه بأصواتهم في انتخابات مجلس إدارته، وبالتالى لا يعنيهم أن تكون الحدائق جنة أو قطعة من جهنم أو مأوى للبلطجية والمجرمين.

مشكلة الحدائق أنها لقيطة بلا أب، والحل يكمن في ضمها إلى أملاك الدولة ونقل تبعيتها إلى جهاز مدينة زايد أو أكتوبر، وحل جمعيتها التي يتولاها أشخاص غير عابئين بمشاكلها.

Advertisements
الجريدة الرسمية