رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لا يملكون شيئًا فلا يتملكهم شيء


حقًّا من لا يملكون شيء لا يتملكهم شيء.. وهذا ما أخشاه ويجب أن تخشاه الدولة، إن كنا نلخص مفهوم الدولة عندنا في مصر في النظام الحاكم، فبعد انتهاء قريب أو بعيد المدى لمولد سيدنا الوطن، والذي يسير فيه راقصون كثر على درب النفاق والتملق لشخص رئيس الجمهورية، ثم كل مسئول ( أمني ) يتبعه منزلة، سنجد أنفسنا نواجه خطرا متناميا بشكل سرطانى ألا وهو اليأس!


نعم، سيكون اليأس وليدا أصيلا لحالة الإحباط التي تسيطر على قطاعات عظيمة من الشعب، لا يهمها إخوان أو سلفيين أو تجار دين أو نخاسي وطن.. قطاع عظيم ساكن صامت في حالة بيات شتوي ثوري جراء فشل ثورتين تطلع فيهما إلى أبسط حقوقه، فلم يجدها بل وجد من يطالب نيابة عنه بتلك الحقوق موصوم بالخيانة والعمل على هدم (الدولة) والتي يتناقض مفهوما العالمي والكوني المعروف عنها استنادا لمدلولها اللفظى من تداول للسلطة أولا ثم مواطنة تحقق فرصا متساوية وحقوقا بديهية للحياة للجميع مع ما نعيشه في مصر منذ عقود طويلة!

الإحباط أسبابه كثيرة ما بين سياسي وبالطبع اقتصادي في الأساس الأول له ثم إحباط يشعر به الجميع لفقدان حالة الحرية والتي لا شك في كونها منفلتة نوعا ما في غضون قيام ثورة يناير ثم اندثارها رويدا رويدا حتى صار الجميع يخشى الكلام حتى ولو في عالم افتراضى قوامه مواقع التواصل الاجتماعى، خشية أن يُفهم كلامه على محمل معاداة الدولة فيقع في المحظور ويواجه ما يعجز عن معايشته.. إن عاش بعد ذلك !

ولكن الحرية مقدور عليها وتصير ثانوية - حتى حين - إذا كان الشعب يجد ما يكفيه كما عاصر جيل عبد الناصر ذلك ورضى في أغلبه وقنع برغد العيش والعدالة الاقتصادية الاجتماعية، مع قمع الرأى الآخر.. لكن هذا الشعب انتفض ورفض القهر السياسي تأثرا بالقهر الاجتماعى وتخلى الدولة عن دورها في عصر السادات، ثم حاول مبارك الحفاظ ولو بشكل يسير على أبسط مقدرات الفقراء، من دعم بسيط للغذاء حتى جاء الابن الأكبر بعصابته الاقتصادية فقضى على تلك النواة التي كانت ستند نظام مبارك فاستدعى الشعب غضبا كامنا أخلاقيا وسياسيا وصبه في صورة رفض توريث الحكم رمزيا للابن الأصغر جمال، مع أن البلد فعليا وواقعيا مورثة بالكامل لم يمتلكها منذ عقود طوال !

الكارثة والطامة الكبرى أن الإحباط الناتج عن التدهور الاقتصادى والتوجه العام للتضييق على الحريات سيخلق جيلا شرسا لا يدرى السادة خبراء الأمن من نجوم الفضائيات شيئا عن سيكولوجيته، أو عن أفكاره التي تختلف عن هؤلاء الأدعياء بآلاف السنين الضوئية وسيعطى أيضا بطولة وهمية لكل مطاريد الإسلام السياسي الذين يعرفون أنهم هدفا آنيا أو مستقبليا للنظام وليس لديهم ما يخسرونه أو يبكون عليه.

أخشى على وطنى من الانفجار القادم حتى ولو بعد سنين طوال قياسا بعمر عواجيز الحكومة قصيرة جدا قياسا بأعمار الأوطان... اللهم سلم... لكن الدعاء لا ينفع بدون خطوات من الحكومة لبث الأمل في النفوس المحبطة بقليل من العدل والاتجاه يسارا في صالح الفقراء وأغلبنا كذلك، وليس يمينا في صالح رجال الأعمال وتخفيف العبء الذي يبدو براقا على الرئيس، باستبقاء التشريع في يده وذلك بالإسراع في إجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفافة.. من يحب الرئيس لا يلقى له بكرة اللهب وحده في يده، فيكون اللوم أكثره عليه والغضب الكامن مستعر ضده في النفوس كما حدث مع مبارك عندما أتى أحمد عز له بنسخ مكررة منه ومن جمال مبارك فكانت نهايته.. رفقا بالشعب والوطن ورفقا بأنفسكم لأن النار ستحرق الجميع... اللهم سلم.
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية