رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا يحدث إذا تحول قانون «الإيجار الجديد» إلى «إيجار قديم»؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يقال إن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، وحيث تعالت في هذه الأوقات أصوات مالكي العقارات تحت ظل قانون الإيجار القديم مطالبين الدولة بالنظر إليهم بعين الاعتبار، حيث طال انتظارهم لعقود طويلة عاشوها في ظلم شديد ولازالوا، بل إن الظلم يشتد عليهم أكثر فأكثر كلما طال الانتظار، فالأسعار تزداد التهابا يوما عن يوم والإيجار الهزيل ثابت إلى الأبد، والدولة لا يألو لها جفن ولا بال..


لم يتقبل المنتفعون من وجود قانون الإيجار القديم واستمراره، وهم كثر، سواء كانوا مستأجرين لوحدات بالإيجار القديم أو أصحاب شركات المقاولات العملاقة أو المستثمرون في مجال صناعة مواد البناء مثل مصانع الأسمنت وحديد التسليح، بالإضافة لمن يقيمون العقارات الجديدة بغرض تمليكها، وكل من في صالحه استمرار هذا القانون الظالم للاستفادة من أزمة الإسكان المفتعلة، لم يتقبل كل هؤلاء مجرد سماع صراخ هؤلاء الملاك المظلومين على مدى الدهر، ومطالبتهم للدولة بعد ثورتين على الظلم والفساد والأوضاع المعكوسة..

فما كان من هؤلاء المظلومين في ظل هذا المناخ الجديد والجيد إلا انتهاز الفرصة لطلب العدل ومساواتهم بكل مواطن يمكنه من التصرف في أملاكه بحرية تامة دون تدخل من الدولة، طالما يلتزم بالآداب العامة والقانون، كمثال لذلك مساواتهم بملاك الوحدات طبقا لقانون الإيجار الجديد في حريتهم التامة بتحديد الإيجار الشهري للمستأجر طبقا لآليات السوق من قوى العرض والطلب..

أما المنتفعون باستمرار من وجود قانون الإيجار القديم، وبذكاء شديد، فقد تجاهلوا تماما الرد على هؤلاء الملاك المكلومين، وما كان منهم إلا مهاجمة قانون الإيجار الجديد وملاكه هجوما ضاريا شرسا!!..

لقد تعالت أصواتهم وكثر ظهورهم في البرامج الإعلامية المختلفة، ينادون الدولة ويستغيثون بها للتدخل ومحاربة استغلال ملاك وحدات الإيجار الجديد، ويطالبون بتسعير القيم الإيجارية المنفلتة لكل وحدة، بل ذهب بهم الأمر إلى التدخل أيضا في شروط العقد ووضع معايير محددة له، مثل مدة العقد، التي نادى البعض منهم بألا تقل عن 5 سنوات، والبعض الآخر طالب بـ 10 سنوات، بينما غالى البعض الآخر مطالبا بتجديد العقد تلقائيا وبنفس الشروط طالما التزم المستأجر طوال الفترة السابقة بانتظامه في دفع الأجرة، ليصبح العقد بذلك عقدا أبديا ويتحول قانون الإيجار الجديد إلى قانون إيجار قديم آخر!!..

لقد تناسى كل هؤلاء أن عجلة الزمن لا تعود إلى الخلف، وأن حقبة الستينيات بتوجهها الاشتراكي قد ولت ولن تعود مجددا، وأن كل توجهات الدولة الآن تعمل على تحفيز الاستثمار وليس على طرده وتخويفه، بل إن سمعة الدولة في تعاملاتها الداخلية مع مواطنيها تنعكس سلبا أو إيجابا على سمعتها دوليا في مجال تحفيز الاستثمار الخارجي المباشر وحتى غير المباشر..
الجريدة الرسمية