رئيس التحرير
عصام كامل

حكايتي مع.. «الشجرة والطاووس»

فيتو

لا أدري ما الذي حدث لي حينما وجدت شجرة صغيرة جدا في حديقة المنزل الذي أسكن به وكادت تسقط على الأرض من عصف الرياح بها..

تحركت مشاعر الشفقة بداخلي وأنا أرى الرياح تتحدى هذه الشجرة الضعيفة وتكاد تقضي عليها، فما كان مني إلا أن أخذتها ووضعتها في مكان بعد أن أعددته لها في هذه الحديقة، ولا أدري ما الذي دفعني إلى ذلك..


شعرت أنها مثلي وحيدة في هذا العالم، كنت يوميا بعد أن أعود من العمل يجتذبني الشوق إليها فأجد نفسي مندفعا إليها لأطمئن على هذه الشجرة تحديدا، وكأنها شريكتي في الحياة..

شعرت أن الرياح تريد أن تتحداني في هذا اليم المشئوم بالنسبة لي، وكأنها تريد أن تقضي عليها، لكني لن أصمت على هذا، فهذه شجرتي وهي الوحيدة الباقية لي من هذه الحياة، كنت بعدما أقوم بتنظيف المكان حولها أجد الراحة في الجلوس بجوارها أقرأ الصحف أو المجلات التي اعتدت قراءتها بعد عودتي من العمل..

شيء فشيء بدأت الشجرة تكبر بعض الشيء عما كانت عليه، وأنا الذي أعيش وحيدا بعد أن توفيت والدتي منذ عام ومن قبلها بعامين تقريبا توفي والدي رحمهما الله..

بدأت أجد سلوتي في رعاية هذه الشجرة ورؤيتها يوميا وري الشجرة وتنظيف ما حولها، وكنت مسرورا بذلك إلى أن حدث يوما وأنا في طريقي إليها ومعي أدوات صغيرة أستخدمها في تنظيف المكان حول الشجرة إلا ورأيت طاووسا صغيرا جدا جريحا بجوار الشجرة، وبدون تفكير هرعت إليه وأخذته إلى داخل المنزل وبدأت أعالج جروحه على قدر ما أعرف.. بل تركته في حجرتي وخرجت أسأل عن الغذاء المناسب له، وظللت أياما طويلة على هذا الحال..

وأصبح الطاووس بشكله الجميل يستهويني، واهتممت به أكثر وبغذائه بل سألت عن بيطري، وقام بمداواة جروحه تماما، لا أدري ما الذي حدث لي؟!

نسيت الشجرة تماما وتحول اهتمامي إلى هذا الطاووس الجميل، فقد عشقت رؤيته كل يوم واللهو معه كطفل صغير عشق صدر أمه التي يوفر له غذاءه ويرحمه من الجوع..

نعم كان هذا الطاووس يرحمني من وحدتي وكنت أحادثه كإنسان معي وأتخيل أحيانا أنه يريد أن يرد ويبادلني حبا بحب، إلى أن جاء اليوم الذي عدت فيه من العمل ودخلت إلى حجرتي بسرعة ولم أجد الطاووس، وبحثت هنا وهناك وفجأة وقع بصري على النافذة التي تركتها سهوا مفتوحة وأبصرت بقايا ريشة من الطاووس على النافذة فأدركت أنه طار..

اعتراني الحزن الشديد كمن يفقد غاليا عزيزا على قلبه وجلست في حزن بكلمات عتاب أرددها كأني أعاتب الطاووس الذي نسي ما فعلته من أجله وتركني ورحل..

وجلست لدقائق طالت في حزن وهنا تذكرت الشجرة ولا أدري ما الذي جعلني أتذكر الشجرة في هذا الوقت خصيصا، وكان الوقت يقترب من لحظة الغروب فأسرعت إلى الحديقة لأجد الشجرة على الأرض وقد ماتت وجذرها الصغير بدا واضحا لي.. لا أدري وجدت نفسي وأنا أنظر إلى الشجرة أبكي في حرقة شديدة، ليس لأنني فقدت الاثنين في لحظة واحدة، لكني شعرت أنني كنت السبب في فقدهم..
Advertisements
الجريدة الرسمية