رئيس التحرير
عصام كامل

الشرقية.. محافظة الأمن المفقود


لا يخفى على أحد ممن يتابع الوضع الأمني بتفاصيله على مستوى الجمهورية، أن هناك طفرة نوعية وتحسن ملحوظ في المنظومة الأمنية في كافة محافظات مصر بعد فترة طويلة عانينا فيها من الانفلات الأمني بكل تداعياته، مع وجود حالات فردية من العمليات الإرهابية أو الحوادث الجنائية، التي من الممكن أن تكون مقبولة في ظل تلك الحالة التي يعيشها الوطن من تفاصيل معقدة على الصعيد السياسي.


محافظة الشرقية هي استثناء لما ذكرته، والوضع فيها مؤسف للغاية على الصعيدين السياسي والجنائي، فتلك المحافظة التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 7 ملايين نسمة، تعاني حالة ملحوظة من الانفلات الأمني سواء على الصعيدين الجنائي والسياسي، وذلك بعد حالة من الهدوء والاستقرار شهدتها المحافظة منذ ثورة 30 يونيو.

أما على الصعيد السياسي، فقد شهدت المحافظة على مدى شهرين ومع الذكرى الأولى لفض اعتصامي رابعة والنهضة انفجار ما يقرب من 20 قنبلة وإبطال مفعول عشرة قنابل في مدينتي العاشر من رمضان ومركز شرطة منيا القمح، كان آخرها تفجير محول كهرباء بقرية ميت سهيل بمنيا القمح بالشرقية، ومحاولة تفجير ضابط مباحث بقسم شرطة العاشر من رمضان، بالإضافة إلى استهداف عدد من أفراد الشرطة وآخرهم أمين الشرطة "علي أمين" الذي تم اغتياله على يد إرهابيين في مدينة أبو كبير.

أما الجنائي فحدث ولا حرج، عشرات البلاغات اليومية لسرقة السيارات والدراجات النارية بالإكراه وتحت تهديد السلاح، بالإضافة إلى عشرات حالات الخطف التي كان آخرها خطف طالب بكلية الهندسة من أمام منزله بقرية "بندف" بمركز منيا القمح، وتحت تهديد السلاح وطلب فدية من والده 10 ملايين جنيه، من أجل إطلاق سراحه. 

وبالرغم من أن المجرمين معروفون للجميع إلا أن أمن الشرقية لم يحرك ساكنا، وظل يقف في دور المشاهد لكل تلك الجرائم دون أن يتخذ إجراءات حقيقية لمواجهة الجريمة ومنعها.

كل هذا بخلاف فقد بعض المناطق في محافظة الشرقية للسيطرة الأمنية نهائيا وتحولها إلى بؤر للعناصر الإجرامية والخارجين على القانون، يغيثون في الأرض فسادا مثل قرية "أبو نجاح" التي تبعد عن مديرية أمن الشرقية عددا قليلا من الكيلومترات، ويتم فيها تخزين السيارات المسروقة ويقوم كل البلطجية بالاختباء فيها لعدم قدرة الأمن على دخولها، وكذلك عزبة "بني حسن" التي قام أحد المسجلين خطر ويدعى "رائد أبو شريعة" برفع لافتة مكتوب عليها جمهورية بني حسن على مرأى ومسمع من رجال الأمن، دون أن يستطيع أحد مواجهته أو مهاجمته والقبض عليه رغم اتهامه في عشرات القضايا والبلاغات معظمها سرقة بالإكراه وخطف.

الوقائع كثيرة لا تتسع السطور هنا لسردها، ولكن خلاصة القول إن ما يحدث في محافظة الشرقية له عدة أسباب اجتهدت في تحليلها بناء على بعض المعلومات الموثقة لديَّ، أولها أن القيادات الأمنية في المحافظة تفتقر إلى الحس الأمني والإستراتيجية الأمنية المبنية على منع الجريمة قبل وقوعها، ويتعاملون بطريقة "مشي يومك" وأصبح همهم الأكبر هو ألا تعرف الوزارة بإخطارات البلاغات الخطيرة وألا يتحدث الإعلام عن قصورهم الأمني وفقط.

ثاني الأسباب هو تفريغ مديرية الأمن من بعض القيادات الأمنية المحترفة والمدربة على مستوى عالٍ لمواجهة الجريمة، ومنهم العقيد إبراهيم سليمان رئيس فرع البحث الجنائي بالعاشر من رمضان سابقا، الذي تم نقله للعمل في مديرية أمن قنا، وأذكر جيدا أن عناصر التنظيم الإرهابي لم يستطيعوا حتى التفكير في مجرد عمل مسيرة بمدينة العاشر من رمضان طوال فترة وجوده بالمدينة.

أما السبب الثالث هو إحالة عدد من قيادات الأمن بالمحافظة من أصحاب الخبرة والكفاءة، إلى التقاعد في الحركة الأخيرة بشكل غير محسوب، ساهم في إضعاف صورة الأمن بالمحافظة.

وبعد كل ذلك هل سيتحرك وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ليعيد النظر في قيادات الأمن بمحافظة الشرقية قبل أن تتفاقم المشكلة وتتأزم الأوضاع الأمنية، ويحدث ما لا يحمد عقباه.
الجريدة الرسمية