رئيس التحرير
عصام كامل

المُتحـول

سيد قطب
سيد قطب

عامًا، مرت على رحيل الكاتب والأديب «سيد قطب» والذي ما زال حتى الآن يعد لغزًا كبيرًا،... «أس الفساد» كلمات وصف بها خبراء الحركات الإسلامية «قطب» والذي يعد من كبار الكتاب ومنظرًا إسلاميًا مصريًا قياديًا بارزًا في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، ورئيسًا سابقًا لقسم نشر الدعوة في الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين.


«سيد قطب» اسمه بالكامل «سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي»، ولد في قرية موشا وهى إحدى قرى محافظة أسيوط في اليوم التاسع من شهر أكتوبر عام 1906، تلقى مراحل تعليمه بهذه القرية وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية عبد العزيز بالقاهرة ونال شهادتها والتحق بدار العلوم وتخرج عام 1352 هـ 1933 م. عمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد عام 1370 هـ - 1950 م، انضم إلى حزب الوفد المصرى لسنوات وتركه على إثر خلاف في عام 1361 هـ - 1942 م وفى عام 1370 هـ - 1950 م انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين وخاض معهم محنتهم التي بدأت منذ عام 1954 م إلى عام 1966 م، وحوكم بتهمة التآمر على نظام الحكم وصدر الحكم بإعدامه وأعدم عام 1385 هـ - 1966م.
مر «سيد قطب» بمراحل عديدة في حياته من حيث الطفولة ثم أدب بحت في مدرسة العقاد ثم ضياع فكرى ثم توجه للأدب الإسلامى إلى أن صار رائد الفكر الحركى الإسلامى وهذه المرحلة هي التي يعرف الناس اليوم بها «سيد».

يعتبر سيد قطب من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية التي وجدت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، له العديد من المؤلفات والكتابات حول الحضارة الإسلامية، والفكر الإسلامي. هو الابن الأول لأمه بعد أخت تكبره بثلاث سنوات وأخ من أبيه غير شقيق يكبره بجيل كامل. وكانت أمه تريد منه أن يكون متعلمًا مثل أخواله كما كان أبوه عضوًا في لجنة الحزب الوطنى وعميدًا لعائلته التي كانت ظاهرة الامتياز في القرية، يضاف إلى ذلك أنه كان دَيِّنًا في سلوكه.

تلقى دراسته الابتدائية في قريته، ثم سافر في سنة 1920م إلى القاهرة والتحق بمدرسة المعلمين الأولية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأولى. بدأ بحفظ القرآن الكريم في السنة الثانية الابتدائية وعمره نحو ثمانى سنوات وبعد ثلاث سنوات أتم حفظ القرآن كاملًا، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم، وفى سنة 1932م حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم.

عندما خرج سيد قطب إلى المدرسة ظهرت صفة جديدة إلى جانب الثقة بالذات من أمه والمشاعر النبيلة من أبيه وكانت الإرادة القوية ومن شواهدها حفظه القرآن الكريم كاملًا بدافع من نفسه في سن العاشرة لأنه تعود ألا يفاخره أبناء الكتاتيب بعد إشاعة بأن المدرسة لم تعد تهتم بتحفيظ القرآن. وفى فورة الإحساس والثقة بالنفس كان لظروف النضال السياسي والاجتماعى الممهدة لثورة عام 1919 م، أثر في تشبعه بحب الوطن كما تأثر من الثورة بالإحساس بالاستقلال وحرية الإرادة وكانت دارهم ندوة للرأى شارك سيد قطب فيها بقراءة جريدة الحزب الوطنى ثم انتهى به الأمر إلى كتابة الخطب والأشعار وإلقائها على الناس في المجامع والمساجد.
ذهب «سيد قطب» إلى القاهرة في سن الرابعة عشرة وضمن له القدر الإقامة عند أسرة واعية وجهته إلى التعليم وهى أسرة خاله الذي يعمل بالتدريس والصحافة وكان لدى الفتى حرص شديد على التعلم. والتحق سيد قطب أولًا بإحدى مدارس المعلمين الأولية - مدرسة عبد العزيز - ولم يكد ينتهى من الدراسة بها حتى بلغت أحوال الأسرة درجة من السوء جعلته يتحمل المسئولية قبل أوانها وتحولت مهمته إلى إنقاذ الأسرة من الضياع.

لم يكن «سيد قطب» طفلًا كغيره فعندما كان بالعاشرة من عمره كان محافظًا على الصلوات تمامًا كالرجال ويجلس معهم إلى الساعة العاشرة بالمسجد بينما الأطفال يلهون ويلعبون. واتصف بالشجاعة لما دافع عن الفتيات في المرحلة الابتدائية ضد الفتيان الذين يعاكسونهم في المدرسة.

اضطر «قطب» إلى أن يعمل مدرسًا ابتدائيًا حتى يستعين بمرتبه في استكمال دراسته العليا من غير مباشرة من أحد من الأهل، اللهم إلا نفسه وموروثاته القديمة. وكان هذا التغير سببًا في الاحتكاك المباشر بالمجتمع الذي كان لا بد له من أسلوب تعامل يختلف عن أسلوب القرويين وتجربتهم. ثم بلغ سيد قطب نهاية الشوط وتخرج في دار العلوم عام 1933 م وعين موظفًا - كما أمل وأملت أمه معه - غير أن مرتبه كان ستة جنيهات ولم يرجع بذلك للأسرة ما فقدته من مركز ومال فهو مدرس مغمور لا يكاد يكفى مرتبه إلى جانب ما تدره عليه مقالاته الصحفية القيام بأعباء الأسرة بالكامل. وانتقل سيد قطب إلى وزارة المعارف في مطلع الأربعينيات ثم عمل مفتشًا بالتعليم الابتدائى في عام 1944 م وبعدها عاد إلى الوزارة مرة أخرى، حيث عمل مدرسًا نحو ست سنوات. ثم سنتين في وزارة المعارف بوظيفة مراقب مساعد بمكتب وزير المعارف آنذاك إسماعيل القبانى وبسبب خلافات مع رجال الوزارة قدم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية.

بدأ قطب متأثرًا بحزب الوفد وخصوصًا بكاتبه عباس محمود العقاد وكتاباته الشيقة، فقد تأثر كثيرًا باعتقادات العقاد وكان من أشد المدافعين عنه إلا أن نظرته إلى الجيل السابق أخذت تتغير شيئًا فشيئًا وصار ينحى باللائمة على ذلك الجيل في تردى أوضاع الأمة وبدأ بإنشاء منهج اختطه بنفسه وفق ما اقتضته الظروف العصيبة للمجتمع والأمة. زاد شغفه بالأدب العربى وقام على تأليف كتاب كتب وشخصيات وكتاب النقد الأدبى - أصوله ومناهجه. ثم تحول إلى الكتابة الإسلامية فكتب كتاب التصوير الفنى في القرآن الذي لاقى استحسانًا واسعًا بين الأدباء وأهل العلم يومئذ.

حصل «سيد قطب» على بعثة للولايات المتحدة في 3 نوفمبر 1948 م من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج لدراسة التربية وأصول المناهج وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية ومنها مقال بعنوان «أمريكا التي رأيت»، يقول فيه:
«شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائى لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائى في بعض نواحى الشعور والسلوك».
الجريدة الرسمية