رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الهلباوي:أخطاء قطب في تفسير القرآن غير مقبولة.. وكتب في الفقه دون دراسة

 الدكتور كمال الهلباوى
الدكتور كمال الهلباوى

إذا كان كل ما عرف عند سيد قطب أنه أهم منظرى السلفية الجهادية، والأب الروحى للجماعات التكفيرية، أو من أولئك الذين يرونه شهيدًا مات لأجل قضية حقيقية، وأخيرًا إن كنت لا تعرفه فأنت على موعد مع سماع القصة من الدكتور كمال الهلباوى، القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين.


حاولنا أن نضع حدا لكل الذي يدور في رأسك من أسئلة عندما وقعت عيناك على كلمة "السلفية الجهادية" فسألناه عنها ليجيب:

"أنا أعرف السلفية جيدًا، الجزء الأول من المصطلح يعنى كل من سبقونا، فكل من سبقونا هم السلف، ونعتز بهم وبآرائهم لأن رسولنا الكريم قال "خير القرون قرنى، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه"، أي أن النبى محمد أراد أن يقول لنا تمسكوا بالقرن الأولى والثانى والثالث الهجرى، إنها أفضل القرون، حينها كان السلف يتحرر من كل شيء ليعبد الله حق عباده، فيحرر العقيدة لتصبح بمعناها الخالص لكلمة لا إله إلا الله.. محمد رسول الله..وهذه هي صحة العقيدة وأول قواعد السلفية الصحيحية".

ويستكمل الهلباوى حديثه عن السلفية فيقول " الركن الثانى من أركان السلفية هو توحيد الألوهية ويعنى توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لله تعالى، والإيمان بكل اسم من أسماء الله الحسنى، أما الركن الثالث فهو تزكية النفس بالقرآن والصدقة، وأخيرًا محاربة البدع والشركيات وحاربها السلف الأوائل بتحرى الأحاديث الصحيحة لرسول الله وبهذا يصبح السلفى مجاهدا وتصبح السلفية جهادية، ولكنها جهادية في سبيل الله تعالى".

انتهى الهلباوى من شرح السلفية ليكون السؤال المناسب في هذا المكان عن سيد قطب، ولماذا أسس السلفية الجهادية ؟
سيد قطب بشر.. وأخطاؤه في تفسير القرآن غير مقبولة.. وكتب في الفقه دون دراسة
هنا يبدأ الهلباوى إجابته بتأكيد أن سيد قطب بشر، شأنه شأننا جميعًا نخطأ ونصيب، كتب في الفقه وفى الأمور الفقهية دون أن يدرسها ويتعمق فيها، فهو الذي تخرج في كلية دار لعلوم، لكنه لم يدرس الفقه جيدًا ولم يتبحر في علومه فأخذ منها قشورها، وكانت أخطاؤه في تفسير بعض آيات القرآن غير مقبولة.

سلفية "سيد قطب" وعلاقتها بسورة "المائدة"

ورأى الهلباوى أن أخطاء سيد قطب تمثلت في ثلاثة أشياء، هي الحاكمية والمفاصلة والجاهلية وجميعها تبدأ من فهمه الخاطئ لقول "إن الحكم إلا لله".

ويشرح الهلباوى مقصده من القول فيقول " سيد قطب لم يفهم معنى الحاكمية جيدًا ففسر آيات من سورة المائدة ذكر الله فيها أن الحكم إلهي وحده، بطريقة خاطئة وتقول الآية الكريمة " ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون"، وفى آية أخرى "أولئك هم الظالمون"، ومن هنا بدأ قطب يتبع المنهج التكفيرى ويتبنى قضية المفاصلة، والمفاصلة تعنى الفصل بين ما يراهم مسلمين من وجهة نظره وبين باقى المجتمع، وفى هذا الانعزال والانغلاق خطأ كبير، فرسول الله أقام المدينة ووضع لها دستورًا قام على المواطنة ولم يفرق بين مسلم ونصرانى ويهودى، الجميع يعيش في المدينة، والجميع يدافع عنها".

ويتابع " بعدما يكفر سيد قطب المجتمع وينفصل عنه، كان من الطبيعى أن يراه مجتمعًا جاهليًا، وهنا التقى فكر سيد قطب بفكر الخوارج الذين خرجوا عن الدين الإسلامى وكفروا أهله وأحلوا دماءهم".

وهنا جاء السؤال ملحًا "هل هذا ما أعجب الإخوان المسلمين في فكر سيد قطب، الانعزال والانغلاق وتكفير المجتمع؟"

ويبدأ الهلباوى في الإجابة " سيد قطب لم يترب مع الإخوان، لم يقم على فكرهم، هو تربى في أسرة عادية في إحدى قرى أسيوط، وانتقل للحياة في القاهرة، وهناك سمع عنهم وعرفهم، وربما لأنه تخرج في الكلية التي تخرج فيها حسن البنا أيضًا، إلا أنهم لم يلتقوا قط، وتبدأ علاقة سيد قطب بالإخوان عندما كان في إحدى البعثات العلمية للولايات المتحدة الأمريكية، ورآهم فرحين بوفاة حسن البنا، فأراد أن يعرف ما الذي فعله حسن البنا ولهذا هم فرحون بذلك، وبدأ يقترب من الجماعة عندما عاد من الولايات المتحدة".

وأكمل الهلباوى حكاية سيد قطب مع الإخوان فقال " سيد قط كان إنسانًا عاديًا، له مؤلفات في الأدب والشعر وكان مثقفًا جدًا، إلا أن معظم كتبه كانت تدور حول القرآن الكريم وأهمها مشاهد القيامة في القرآن والتصوير الفنى في القرآن، ولم تظهر نزعته الإسلامية القوية إلا بعد انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، واهتمامه بالثورة ضد الملك، حين كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة يجتمعون مع الإخوان المسلمين، واهتمامه بالثورة جعله المدنى الوحيد الذي يحضر اجتماعات هيئة التحرير، وكان عبد الناصر والإخوان يقدرانه جيدًا وبدأت علاقته بالإخوان مع كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، الذي أعجب عبد الناصر كثيرًا ومجلس قيادة الثورة، ولكن سبب إعجاب الإخوان به كان مختلفًا.

ويذكر الهلباوى أن سيد قطب كتب في مقدمة هذا الكتاب "الفتية الذين ألمحهم في خيالى قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ، يقتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون"، وظن الإخوان أن هذا الكلام رسالة موجهة لهم خصيصًا، بينما ينفى الهلباوى ذلك ويعتبر أن "قطب" كان يكتب مجرد أمنية يتمناها ورسالة عامة لشباب المسلمين، ولكنها على أي حال كلمات كانت سببا في زيادة التقارب بين الطرفين إلى أن انضم قطب رسميًا للجماعة وعينته رئيسًا لتحرير جريدة الإخوان المسلمين لدرايته بالأمور الأدبية، ورئيسًا لقسم الدعوة بالجماعة.

ويعتبر الهلباوى أن دور سيد قطب في جماعة الإخوان المسلمين لا علاقة له بالدعوة والأمور الفقهية لأن تلامذة سيد قطب كانوا يختلفون مع تشدده وغلوه في الدين وفى الأمور الفقهية، ولهذا ردوا عليه من داخل السجن بكتاب "دعاة ولا قضاة"، لإعادة جماعة الإخوان المسلمين إلى مسارها الدعوى الصحيح، الذي رسمه حسن البنا، ويرى أن الدور الحقيقى لسيد قطب مع جماعة الإخوان المسلمين بدأ عندما دخل السجن.

ما الذي حدث داخل السجن تحديدًا؟
يرد " الذي حدث هو تكون تنظيم 65، هذا التنظيم الذي كفر المجتمع وأوجد المذهب القطبى عند جماعة الإخوان المسلمين، لينتهى بهم الحال إلى كارثة ما هم عليه الآن، هذا التنظيم الذي كان محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان المسلمين أحد شبابه، وهذا التنظيم الذي تربى على الآراء الخاطئة لسيد قطب ولم يعرف عنه جانبه الإيجابى الحكيم".

هل كانت لسيد قطب إيجابيات ؟
وبكل ثقة يرد الهلباوى " نعم لا يوجد إنسان له سلبيات فقط، كانت له إيجابيات وليت الإخوان المسلمين عرفوا سيد قطب بأكلمه، عرفوا كل ما فيه، ولو فعلوا ما وقفوا في رابعة العديوة يستمعون إلى طارق الذمر وهو يقول سيسحقون، شخص يريد أن يسحق الشعب المصرى بأكمله، أي إنسان هذًا، لو عرف الإخوان سيد قطب حق المعرفة ما سمحوا لشخص مثل صفوت حجازى يقول "اللى هيرش الدكتور مرسي بالمية هنرشه بالدم"، وأخيرًا لو عرفوه ما قالوا "قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة".

ورغم كل أفكاره الخاطئة دافع عنه الهلباوى وأصر أن يعرف الناس الكلمات التي لو قرأها إخوان اليوم وفهمومها، ما ظهر بينهم أحمد المغير ولا عبد الرحمن عز، وفق قوله.

يفتح الهلباوى المجلد الثانى من موسوعة سيد قطب التي فسر فيها القرآن الكريم وجاءت بعنوان "في ظلال القرآن"، وبدأ يقرأ المقتطفات الثلاثة من هذا المجلد وما فيها من كلمات:

الكلمة الأولى
"وغزوة أحد لم تكن معركة في الميدان وحده، وإنما كانت معركة كذلك في الضمير، كانت معركة ميدانها أوسع الميادين، لأن ميدان القتال فيها لم يكن إلا جانبًا واحدًا من ميدانها الهائل لذى دارت فيه.. ميدان النفس البشرية وتصوراتها ومشاعرها وأطماعها وشهواتها، ودوافعها وكوابحها، على العموم، وكان القرآن هناك يعالج هذه النفس بألطف وأعمق وبأفعل وأشمل ما يعالج المحاربون أقرانهم في النزال".

الكلمة الثانية
" المعركة الحربية في الحركة الإسلامية ليست معركة أسلحة وخيل ورجل وعدة وعتاد وتدبير حربى فحسب.. فهذه المعركة الجزئية ليست منعزلة عن المعركة الكبرى وعالم الضمير وعالم التنظيم الاجتماعى للجماعة المسلمة.. إنها ذات ارتباط وثيق بصفاء ذلك الضمير وخلوصه وتجرده وتحرره من الأوهام والقيود التي تطمس على شفافيته وتقعد به دون الفرار إلى الله وكذلك هي ذات ارتباط وثيق بالأوضاع التنظيمية التي تقوم عليها حياة الجماعة المسلمة.. وفق منهج الله القويم، المنهج الذي يقوم على الشورى في الحياة كله، لا في نظام الحكم وحده وعلى النظام التعاونى، لا النظام الربوى، والتعاون والربا لا يجتمعان في نظام".


الكلمة الثالثة
"والنهاية إشعار الجماعة المسلمة أنه ليس له من أمر النصر شيء إنما هو تدبير الله لتنفيذ قدره من خلال جهادها، وأجرها هي على الله، وليس لها من ثمار النصر شيء من أشياء هذه الأرض.. ولا لحسابها الخاص يؤتيها الله النصر إذ يشاء..إنما لحساب الأهداف العليا التي يشاؤها الله..وكذلك الهزيمة..فإنها تقع بناء على جريان سنة الله، وفق ما يقع من الجماعة المسلمة، من تقصير وتفريط إنما وقع لتحقيق غايات يقدرها الله بحكمه وعلمه، لتمحيص النفوس وتمييز الصفوف وتجلية الحقائق وإقرار القيم، وإقامة الموازين وجلاء السنن للمستبصرين.
ولا قيمة ولا وزن في نظر الإسلام للانتصار العسكري أو السياسي أو الاقتصادى، ما لم يقم هذا كله على أساس للمنهج الربانى في الانتصار على النفس، والغلبة على الهوى، والفوز على الشهوة، وتقرير الحق الذي إرادة الله في حياة الناس.. ليكون كل نصر نصرًا لله ولمنهج الله، وليكون كل جهد في سبيل الله ومنهج الله وإلا فهى جاهلية تنتصر على جاهلية..ولا خير فيها للحياة ولا للبشرية وإنما ترتفع راية الحق لذات الحق، والحق واحد لا يتعدد..ولا حق في هذا الكون غيره.

ويفرق الهلباوى بين الشباب المتحمس الذي أحب وطنه، ففهم سيد قطب خطأ، وفهم حب الوطن أيضًا بطريقة خاطئة، وأخذ عن قطب الانعزال والانغلاق، وبين آلاف من شباب الإخوان المسلمين الذين لم يغرهم منهج سيد قطب الجهادى والتزموا بما قاله حسن البنا.

وبسؤاله عن الفارق الكبير الذي يراه بين حسن البنا وسيد قطب..أجاب قائلًا " الكثيرون لا يحبون حسن البنا، لأنهم لا يعرفونه، فحسن البنا زعيم عظيم وقامة إسلامية بارزة وتزوير حقيقته هو اعتداء على التاريخ، فحسن البنا لم يكن خائنًا أو عميلا، نعم هو بشر يخطئويصيب ولأتباعه من جماعة الإخوان المسلمين أن يأخذوا ما يرونه مناسبًا من أفكاره، ويتركوا ما لا يعجبهم حسب الزمان الذي يعيشون فيه، إلا أن دعوته كانت دعوة حقة".

وهل تظن أن الدعوة القطبية التي جاء بها سيد قطب أوقفت دعوة حسن البنا؟
أجاب الهلباوى نافيًا " لا، لا يمكن لسيد قطب أو غيره أن يوقف دعوة حسن البنا، فدعوته هي دعوة الإسلام، ودعوة الإسلام مستمرة إلى أن تقوم الساعة، ولكن الناس ظلموه أيضًا عندما خرج عن فكره بعض المتحمسين وقتلوا محمود فهمى النقراشى، فاتهموه بذلك وأنهوا حياته، حسن البنا وتلامذته الأوائل لم يكونوا راضين عن مقتل النقراشى، ولكنهم أخذوا بذنب بعض الشباب الذين فهموا الدعوة إلى الله بطريقة خاطئة، وكذلك أخذ عبد الناصر كل الإخوان بذنب بعض الذين حاولوا إطلاق النار عليه في حادث المنشية الشهير".

ألم يكن للإخوان دور في حادث الاعتداء على عبد الناصر؟

هنا فرق الهلباوى بين أمرين، الأول رؤية عبد الناصر للحادث هو أنه محاولة صريحة لقتله وهدم ما حققته ثورة 23 يوليو، أما الإخوان فينكرون من الأساس أنهم خططوا لشيء من هذا القبيل، وأن من خرج منهم ليفعل ذلك خرج بإرادة شخصية منه لا بتوجيه من الجماعة، أو إيعاذ منها، ولهذا يرى الإخوان أنهم ظلموا عندما لم يمهلهم عبد الناصر فرصة للدفاع عن أنفسهم.

وهل أخذ سيد قطب بذنب الإخوان أم أنه كان نقطة تحول في حياتهم؟
يرى الهلباوى أن كلًا منهم كان نقطة فارقة في حياة الآخر، ويلقى الضوء على العلامات الفارقة في حياة سيد قطب:
"تبدأ نقاط التحول في حياة سيد قطب من القطار الذي استقله خارجا من قريته البسيطة في أسيوط إلى القاهرة، ودراسته بكلية دار العلوم التي كانت طريقه للتعرف على محمود عباس العقاد، الذي شكل هو الآخر علامة فارقة في حياته، ومن بعدها انضمامه إلى حزب الوفد والذي قدم من خلال الانضمام إليه رغبة قوية في خدمة وطنه والإخلاص له، فهو الذي بحث دائمًا عن أي فرصة ليثبت لوطنه كم يحبه ويغار عليه من المحتلين والمعتدين".

ويضيف " ميلاد سيد قطب في عام 1906 ومعاصرته لثورة 1919، والحرب العالمية الأولى والثانية، جعله على دراية بما يحدث من حوله، وكذلك سفره في إحدى البعثات للولايات المتحدة الأمريكية وما كتبه عن الحياة هناك من تطورها إلا أنه كان يرى الشعب الأمريكى شعبا غير متحضر ولا فارق بينه وبين الأشخاص الذين عاشوا في عصور الجاهلية الأولى، كل هذه كانت علامات فارقة تركت أثرًا بالغًا في فكر سيد قطب، وبعد مروره بكل هذه التقلبات وبعد خروجه من القرية، لم يجد إلا جماعة الإخوان المسلمين ليجدها طريقه إلى نشر فكرته التي كونها من كل شخص رآه وتعلم منه، خاصة الأسلوب الأدبى الذي أخذه عن الكاتب الكبير عباس العقاد".

أما أبرز محطات التحول في حياة سيد قطب وفق ما يراه الهلباوى هو دخوله إلى السجن بعد انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين ومحاولة الوصول إلى منهج لنشر دعوته الإسلامية، والوصول إلى حلول من قلب الإسلام إلى كل المشكلات التي تواجه الامة العربية والإسلامية، ولكنه للأسف اتخذ طريقًا خاطئًا من خلال بعض الأفكار الهدامة التي يتبعها الكثيرون إلى اليوم.

هكذا كانت جماعة الإخوان المسلمين سببًا في ظهور الجانب الحركى من سيد قطب، الذي لم يعرف الفقة حق معرفته ولم يدرسه بسبب حماسته في الدفاع عن دين الله، وبعد أن كان مكتفيًا ببعض المقالات التي كتبها في المجلات عن عباس العقاد وتوفيق الحكيم، وكان يكتب عن القرآن الكريم وما يراه من آيات تعبيرية فيه، هكذا تغير سيد قطب وأصبح له من التابعين كثير، وأصبح هو الآخر نقطة تحول في حياة جماعة الإخوان المسلمين.

ولماذا كان سيد قطب مهتمًا بالكتابة في الأدب والثقافة والتاريخ أيضًا؟
استشهد الهلباوى بمؤلفات سيد قطب، ليثبت أنه كان مثقفًا وكان شخصية مبدعة بحق فلم يترك مجالًا إلا وكتب فيه وتميز بأسلوبه الخاص.

ومن المؤلفات الأدبية يذكر أنه ألف القصص الخيالية، فكان صاحب خيال واسع استطاع من خلاله أن يؤلف رواية بعنوان "أشواك"، وقصة أسطورية حملت اسم "المدينة المسحورة"، كما كان هناك كتاباه "مشاهد القيامة في القرآن، والتصوير في القرآن"، اللذان أثبتا أن قطب كان فنانًا مرهف الحس يعرف جيدًا كيف يصور لقارئه كل ما كتب في القرآن من مشاهد جمالية وببلاغة شديدة.

ويذكر كذلك كتابه "النقد الأدبى أصوله ومناهجه"، ليؤكد أن سيد قطب كان ناقدًا بارعًا بعد كل هذه المؤلفات وكل الكتب التي قرأها فاستحق أن يكون ناقدًا ويكتب عن النقد.

وبعد انشغاله بالحركة الإسلامية جاءت أهم مؤلفاته "في ظلال القرآن"، الذي كتب فيه ثمانية مجلدات في تفسير القرآن الكريم، وكذلك "هذا الدين، والمستقبل لهذا الدين، ومعالم في الطريق"، كل هذه مؤلفات إسلامية ما زالت شاهدة على فكر سيد قطب.

وينتقل الهلباوى إلى جانب آخر من مؤلفات سيد قطب فيطلعنا على الجانب الاجتماعى ومن هذه المؤلفات " هل نحن محضرون؟ ووظيفة الفن والصحافة، والعدالة الاجتماعية، وأخيرًا "فلنعتمد على أنفسنا"".

وكان للتاريخ نصيب من كتابات سيد قطب فيذكر الهلباوى كتاب "كيف وقعت مراكش تحت الحماية الفرنسية؟"، والذي أرخ فيه لفترة الحرب التي دارت بين فرنسا وبريطانيا لضم أكبر عدد من الدول تحت حمايتهما، وكذلك كتاب "شيلوك فلسطين أو قضية فلسطين"، و"أين أنت يا مصطفى كامل؟".

وبعد أن كتب سيد قطب كل هذه المؤلفات هل ظلم في حياته ولم ينصفه التاريخ؟

أكد الهلباوى أنه لا يوجد على الأرض إنسان لم ينج من الظلم، فكلنا ظلمنا وظلمنا إلا من رحم ربى، وسيد قطب كذلك ظلم شباب الإخوان عندما اقتنعوا بفكره الهدام، الذي لم يكن مقبولًا في هذه الفترة ولا في أي وقت، فالتنظيم لا يكون إلا للتعاون على البر والتقوى وليس لقتل الناس أو تكفير مجتمعات وتجهيلها، وفى نفس الوقت ظلم سيد قطب، عندما لم يعرفه الإخوان حق معرفته ولم يقرءوا كل كتبه، وظلم في المرة الثانية عندما صدر ضده حكمًا بالإعدام.

أولم يستحق هذا الحكم؟
يجيب الهلباوى " لا لم يستحق سيد قطب أن يعدم، فهو لم يفكر في قتل عبد الناصر، ولذلك اعتبر سيد قطب نفسه شهيدًا واعتبره من عرفه شهيدًا، وأنا أعتب عليه في أفكاره الخاطئة لكنى أعتبره شهيدًا، فالرجل قتل من أجل قضية دافع عنها، وحارب من أجلها، ولهذا هو شهيد، ولم يقتل من أجل ما نسب إليه من تهمة محاولة قتل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر".

وفى نهاية الرحلة في حياة سيد قطب التي انتهت بذهابه مبتسمًا إلى المكان الذي نفذ فيه حكم الإعدام، يؤكد الهلباوى أن سيد قطب أثر كثيرًا في حياة جماعة الإخوان المسلمين لكنه ليس مسؤلًا عن الجيل الحالى من جماعة الإخوان المسلمين، الذي لا يمت بأى صلة لفكرة قيام جماعة الإخوان المسلمين، وفكرة البناء التي تزعمها حسن البنا.

إذا كنت تريد معرفة المزيد عن الرجل الذي اختلف عليه الكثير، فعليك أن تستمع إلى نصيحة الدكتور كمال الهلباوى وتقرأ له لتفهم ما يريد.
Advertisements
الجريدة الرسمية