رئيس التحرير
عصام كامل

أو يطالب وزير الداخلية بيوم سنوي لتعذيبنا!


بالأمس.. تلقيت رسالة من ضحية جديدة للتعذيب والمعاملة اللا إنسانية والحاطة بالكرامة، داخل قسم شرطة حلوان، في الوقت الذي كان بدنى يقشعر خلال قراءة تفاصيل اغتيال أمين شرطة بجهاز الأمن الوطنى بالشرقية، يدعى على أمين، جرى استهدافه وقتله بـ8 رصاصات اخترقت كافة أنحاء جسده، ومع مطالعة سطور الخبر تذكرت الشهيد محمد مبروك والشهيد محمد أبو شقرة واللواء البطران، وغيرهم ممن لا يستحقون الموت، وكتب الله لهم الشهادة مع رفاقهم بالقوات المسلحة، التي قدمت بالأمس 30 شهيدًا في مواجهة إرهاب الإخوان والجماعات المسلحة الداعمة للتنظيم والمعتنقة أفكاره التكفيرية.



ضحية التعذيب الجديدة على أيدى غير الأمناء وأسوأ الشرطيين داخل قسم حلوان، وهى صفات تلتصق بهم مع افتراض صدق وصحة الواقعة وتفاصيلها كما يرويها الضحية والشهود، هو الأستاذ خالد محمد فهمى، 48 عامًا، وتوقيت الجريمة هو الثالثة والربع من فجر الثلاثاء الماضى 21 أكتوبر 2014، فبعد سرقة سيارة محمد ابن شقيقه شوقى، بمدينة 15 مايو، وتحريرهم محضرا بالواقعة برقم 3739 لسنة 2014 بتاريخ 20 أكتوبر، اجتهدوا كغيرهم من ضحايا سرقة السيارات في البحث عنها والوصول إلى اللصوص، فلا تحرك من الباشوات سيكون سريعًا لاستعادة حقوقهم.

وأثناء بحثهم بمنطقة حلوان المجاورة لمدينة 15 مايو عثروا على سيارتهم متوقفة بجوار إحدي الكافتيريات على الكورنيش بمنطقة المساكن الاقتصادية، وتصادف مرور إحدى سيارات الدوريات الراكبة بقيادة الضابط "ع" من قوة مباحث قسم حلوان، ومعه بعض الأمناء، فاستوقفهم الأستاذ خالد فهمى وأشقاؤه وأبناؤهم، لينزل الضابط ويفحص السيارة المسروقة ويمسك باللصوص داخلها ويصطحبهم إلى قسم الشرطة، بعد تكليفه أحد "الأمناء" بقيادة السيارة المسروقة حتى مقر القسم.

وفي أثناء توجه الشرطة واللصوص والضحايا للقسم، خرج "الأمين" بالسيارة المسروقة عن مسار الركب وسلك طريقًا آخر أطول وأبعد عن قسم حلوان بمسافة 1500 متر، فتبعه رضا محمد فهمي وصديقه رجب سلامة أبو النجا، ليجدا "الأمين" يعبث بالسيارة ويأخذ بعض محتوياتها، وعند وصوله إلى القسم كان يحاول نزع "الكاسيت" ولكنه فشل، وحينما عاتبه مراقباه نهرهما ووجه إليهما السباب، حسب رسالة الضحية وأسرته.

هنا تدخل الأستاذ خالد محمد فهمي فضربه "الأمين" على وجهه قبل أن يهدده صراحة "هاتشوف اللي هيحصلك"، وقام بمساعدة عدد من ضباط القسم بسحله والتعدى عليه وتوجيه السباب له، قائلًا "مش كفاية العربية رجعت لكم يا ابن الـ..."، ثم قام الضابطان "أ.ب" و"أ.ش"، بمساعدة "الأمناء" داخل القسم في ضرب خالد وأفراد أسرته وسبهم بألفاظ لا ينطقها إلا المجرمون والسفلة، حتى فقد خالد الوعي وسقط على الأرض داخل القسم.

أثناء ارتكاب غير الشرفاء جريمتهم، دخل الضابط "ع" الذي ضبط السيارة وسارقيها، إلى ديوان القسم ليرى المشهد الذي تأذى منه تمامًا، فنهر زملاءه وصرخ في وجه الشرطيين غير الأمناء "حرام عليكم.. كفاية افتراء"، وطلب سيارة الإسعاف رقم 371 لتحمل خالد فهمى إلى المستشفى، لكن أحد "الأمناء" تدخل لدى المسعف ليطلب منه تدوين البلاغ على أنه "مشاجرة"، بينما قام آخر باحتجاز صديق صاحب السيارة، رجب سلامة، وتفتيشه والاستيلاء على مبلغ 800 جنيه كانت بحوزته وضربه وصرفه من القسم بإصاباته دون أن يحرر له المأمور محضرًا بالواقعة.

ما جرى مع "رجب" من رفض تحرير محضر بضربه، تكرر بالضرورة مع "الأسرة المعذبة"، التي لم تجد بعد نقل شقيقها الأكبر خالد فهمى إلى مستشفى حلوان، سوى إبلاغ النيابة العامة مباشرة لإثبات حقهم، خاصة بعد شكوكهم في تواطؤ القائمين على المستشفى العام مع الشرطيين بالقسم، فاضطروا إلى نقل "خالد" إلى مستشفى الإنتاج الحربي، لمتابعة حالته التي كانت سيئة بالفعل، وتابعتها بنفسي من خلال صور مرفقة بالرسالة تبرز إصاباته بأنحاء متفرقة من جسده.

حالة "خالد" غير المستقرة جعلت طبيب المستشفى يطلب من وكيل النيابة كريم محي الدين إرجاء استجوابه، فاكتفى بمناظرته وتسجيل معالم الإصابات الظاهرة من كدمات وسحجات وتجمعات دموية وخدوش وغيرها، انتظارًا للتقرير الطبي وتوقيت سماع أقواله بعد تحسن حالته، فيما باشر سماع أقوال بقية الضحايا والشهود.

رسالة المواطنين الشرفاء اختتموها بـ "مناشدة" وزير الداخلية التحقيق مع من "يسيئون بتصرفاتهم غير المسئولة إلى الشرفاء ممن يبذلون الجهد والعطاء من أبناء جهاز الشرطة العظيم"، وتركت لدى انطباعًا بأننا جميعًا أمام نماذج لمواطنين لديهم أمل كبير في إصلاح وإعادة هيكلة هذا الجهاز، وإعادة "تربية وتهذيب" المنحرفين عن القسم العظيم بحماية الوطن والمواطن.

لكن تكرار جرائم أمثالهم يجعلنى أطرح التساؤلات على وزيرهم مباشرة: هل تقبل استعادة هؤلاء منظومة حبيب العادلي، التي جعلت ضابطًا يتباهى بوضع عصاه في مؤخرة مواطن وتصويره، وجعلت آخرين يتلذذون بتصوير مشاهد تعذيبهم أبرياء، بدلًا من تباهيهم بارتداء زي الشرطة؟ وهل تقبل أن تنقلب دعوات العقلاء من ضحاياهم من الترحم على "شهداء" الشرطة، إلى تعميم دعوات "الانتقام" الإلهي من كل التابعين لوزارتك، ولو برصاص الإرهاب وجماعاته؟ وأين رؤيتك وبرنامجك وخطتك لإصلاح منظومة التعليم بسنوات دراسة الضباط والأمناء قبل تخرجهم، ومتابعة ومراقبة سلوكهم أثناء عملهم واستبعاد المنحرفين منهم؟

إن لم تعلنها صراحة أنك داعم لحرية وكرامة المواطنين وضد انتهاكات المنحرفين، فأولى بك أن تطلب من الحكومة الصامتة على تزايد قناعات مواطنين بأن "الشرطة عادت أسوأ من سابق عهدها"، أن تقترح على مجلس الوزراء تحديد يوم سنوي لتعذيبنا، يتلذذ فيه المنحرفون تحت إمرتك بضربنا وانتهاك حقوقنا وسلب كرامتنا، حتى نحيا "حلاوة" بقية السنة دون أن يمسسنا أذى ولا ننشر جرائم هؤلاء فنُتهم بالافتراء عليهم، وتظل أنت بعيدًا عن صرخاتنا ومعاناتنا.

إن فعلتها معالي الوزير، ربما قلدك وزراء آخرون فيطلب أحدهم يومًا وطنيًا لدفع الرشوة للموظفين المنحرفين مرة واحدة، ويسعى ثان ليوم مثيل لدعم الدروس الخصوصية للمدرسين المبتزين، ويبتدع ثالث عيدًا وطنيًا لتبوير الأراضى الزراعية.. ثورة بقى.. أقصد ثورتين ولامؤاخذة.

الجريدة الرسمية