رئيس التحرير
عصام كامل

أبو يكح الجوسقى يكتب: الشيخ «أوباما» يعلن طلاق أمريكا للإخوان !

أبو يكح الجوسقى
أبو يكح الجوسقى

كان من حسن حظى وحظ حارة درب المهابيل تلك الرحلة التي سافرت فيها إلى أمريكا، نعم أيها السادة لكم أن تعلموا أن أبا يكح الجوسقى الغارق في تراب مصر حتى النخاع سافر إلى أمريكا مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي، كنت ممثلا في تلك الرحلة لأهل الحوارى والأزقة والشوارع التي زالت ملامحها، كنت ممثلا لمصر الحقيقية، ليست مصر “الكمبوندات” والقصور والفيلل والعمارات الفاخرة، ولكن مصر العرق والزحام والفقر والجوع، وفى أمريكا وجدت الرئيس المصرى يمثل مصر كلها، ويتحدث أمام الأمم المتحدة بلسان الشعب المصري.

هل تصدقون أيها السادة الكرام أننى حضرت لقاء أوباما مع الرئيس السيسي، إى والله لقد كنت حاضرا وقتها، كان العدد الذي جاء مع أوباما لعقد اللقاء مع الرئيس المصرى قدرت تسعة، وكان عدد الوفد المصرى تسعة، تسعى في الخير يا صديقي، ولكننى كنت العاشر الذي لم يره أحد، فسمعت ما قاله أوباما للسيسي، قال له بعد أن سلم عليه: شعبيتك أكبر من شعبيتي، ثم استرسل قائلا: أخفق الإخوان في حكم مصر، وارتكب مرسي أخطاء كبيرة، ولم يكن يستمع للنصح، ونحن نعلم أن ما قام به المصريون هو ثورة، ونقدر لذلك الدوافع التي جعلت الجيش يتدخل في 3/7، والمهم أن تتجاوز مصر تلك الفترة وتسير بخطى ثابتة في طريق الديمقراطية وتعقد الانتخابات البرلمانية.

والعظيم أن السيسي رد عليه بأنه لن يتكلم بصفته رئيسا ولكن بصفته مصريا، سيتحدث بلسان الشعب المصرى الذي يرى أن أمريكا هي التي ساعدت الإخوان، وهى التي أدارت الأحداث التي حدثت في المنطقة كلها وأنها استعانت بالإخوان لتحقيق أهدافها.
تعجب أوباما من كلام الرئيس السيسي، ولكن السيسي استمر قائلا: نحن نريد من أمريكا أن تدعم وقوفنا ضد الجماعات الإرهابية.

حينئذ نطقت سوزان رايس مستشارة الأمن القومى الأمريكى وقالت: لا لن نساعدكم.
فأسكتها أوباما وقال كلمات مشجعة وطيبة وانتهى اللقاء بعد ساعة ونصف الساعة، وحين عدت إلى مصر كان يجب أن أعرف تاريخ جماعة الإخوان مع الأمريكان، وللأسف عرفت، وحزنت، ولكننى قررت أن أجلس مع أهل الحارة لأقول لهم ما وصلت إليه، ليس أهل حارتى فقط ولكن كل مصر، لذلك قررت أنا أبو يكح الجوسقى أن أجمع حارة درب المهابيل في اجتماع هام، وقمت بتحديد مكان الاجتماع في حانة الحارة، وطبعا كلكم تعلمون أن في حارتنا حانة، وقد أطلقنا عليها (حانت الأقدار) لصاحبها عم مغاورى وذلك تيمنا منا باسم أغنية الست أم كلثوم الشهيرة، ولكن بعض الإخوة من أهل الحارة اتهمونا بالكفر وقالوا إن هذا الاسم فيه تعد على جلال الأقدار، فغيرناه إلى (حانة غريبة) وسبب هذا الاسم أن عم مغاورى صاحب الحانة رجل أخنف، وعندما كان يقوم بالدعاية لحانته كان يقف مغنيا ـ بعد أن تلعب الجعة في رأسه ـ ويترنم بأغنية عبد الحليم حافظ “حاجة غريبة” إلا أنه كان ينطقها (حانة غريبة) وعندما كانت الحارة تحجم في بعض الأحيان عن الذهاب للحانة كان عم مغاورى يقول وهو يتصعب على أيام الزمن الجميل: (حانة غريبة) يقصد حارة غريبة، ولذلك استقرت الحارة على تسمية حانته: (حانة غريبة).

ولأن الحانة كانت هي رأس الحكمة في حارتنا لذلك كان الاجتماع فيها عندما قررت أن أكلمهم عن الإخوان والأمريكان، بدأ الاجتماع بعد أن شربنا حتى الثمالة، وكالعادة جلست بين أهل الحارة لأحكى لهم عن قصة الإخوان والأمريكان، أخذت أترنم بالقصة وأنا أعزف على ربابتتى كشاعر الربابة: كان يا ما كان في سالف الأزمان، جماعة اسمها الإخوان، ودولة اسمها الأمريكان، وكان لابد أن يرتبط الاثنان، وجاء موثق العقود، ليوقع الطرفان على المواثيق والعهود، وكان لابد من موافقة بعض الشهود، لذلك وقعت على العقد أمة اليهود.

وبعد أن أنهيت الوصلة الأولى تركت الربابة، وأخذت أحكى بطرقة فيها رتابة، فقلت دون خوف أو مهابة: علاقة جماعة الإخوان بالأمريكان يا أهل الحارة الكرام من العلاقات الغريبة التي لا يمكن أن تخضع لتحليل سياسي، ولا لتحريم ديني، ولكنها تدخل في نطاق الطب النفسي، فذات يوم من الأيام، أصيبت جماعة الإخوان اللئام، بمرض الشيزوفرنيا، حيث تملك منهم الفصام، واستحوذ عليهم انفصام الشخصية، وأصابتهم حالات الانتفاخ التي تصيب مَن أكل أكلة دسمة ـ مثل الثورة مثلا ـ فإذا بها لا تنفخ الأمعاء ولكنها نفخت الأوداج وشرايين الذات فأصبحت جماعة الإخوان ستين عتريس لا عتريسا واحدا، وحين دخلت الجماعة العملاقة من أحد أكمام الجاكيت الأمريكانى خرجت من الكم الثانى وهى تقول كنت هاموته.

وعند هذه الفقرة قال أحد أبناء الحارة من المتعاطفين مع الخرفان: نقفل الشباك ولا نفتح الشباك.
تلك العبارة الشهيرة التي كان يرددها الفنان القدير الراحل أحمد الجزيرى في مسرحية “القضية” هل نقاطع الأمريكان ونكسب عداء البشرية، أم نصاحبهم ونخسر محبة المصراوية؟!.

عدت إلى الترنم قائلا للإخواني: جماعتكم جماعة غريبة، تصرفاتها مريبة، واقعها كله مصيبة، وقد اقترن بهذا الواقع ذلك الزواج السرى الذي أدمنته جماعة الإخوان، ولأنها تؤمن بتعدد الأزواج والزوجات والخلان، فقد تزوجت الجميع، كان بعض الزواج كاثوليكيا مثل زواجهم بالأمريكان، والبعض الآخر يدخل في نطاق زواج المتعة، ثم زواج المسيار الذي عقدوه مع بعض أهل الخليج، أما بخصوص زواج المتعة فإنه عندما قال أحد العسكريين: انتظروا مفاجأة سعيدة، سألنى أحدهم، ترى ما هي هذه المفاجأة؟ قلت: الإخوان حامل من المجلس العسكري!.

المهم أن حكايتهم يا سادة يا كرام مع الأمريكان يجب أن يرويها لنا أحد أطباء النفس المتمرسين، ومع ذلك فإننى سأدلى بدلوى في بئر الإخوان ـ في عصرهم الحديث ـ لأخرج لكم بثروة معلوماتية، وياما في الجراب يا حاوي.

كانت علاقة الإخوان بالأمريكان في السبعينيات مثل السمن على العسل، كان الحوار وقتها يتناول الواقع السياسي الدولى والحرب الباردة بين الأمريكان والروس ورغبة الأمريكان في مساعدة الإخوان لهم لمكافحة المد الشيوعي، يعرف الأمريكان كيف يضعون “اللقمة” فوق مائدة الجعان الذي يحلم برغيف الخبز الكامل، ولا يعرف الإخوان أن الأمريكان يصنعون للجوعى في بلادنا أرغفة خبز بلاستيك لا تسمن ولا تغنى من جوع، بل يتحطم طاقم أسنان الجماعة الإخوانية، وهى تلوك اللقمة البلاستيكية، ولكنها تظل عمرها ـ الجماعة لا اللقمة ـ على ظن أنها كانت أذكى من الجميع لأنها تحتفظ بطاقم أسنان احتياطي!.

وفى عهد أكثر حداثة وفى ظل الرئيس المخلوع مبارك ـ والد المصريين كلهم ووالد الإخوان على حد قول محمد بديع مرشد الجماعة ـ خرج علينا الإخوانى محسن راضى “رضى الإخوان عنه وأرضوه” من نافذة الجماعة لكى يضع لنا ملامح حوار الإخوان مع الأمريكان، فيقول والكلمات تتقاطر من فمه كما تتقاطر عربات قطار النقل: هم ـ أي إخواننا الأمريكان ـ يريدون معرفة موقفنا من المرأة ووضع الأقليات وتداول السلطة والديمقراطية، واتفاقية كامب ديفيد الدولية، ثم يستطرد الأخ راضى وهو يزين للأمريكان أطايب الطعام الشهي، الذي طبخه الطباخ الإخوانجي، فيقول: إن وضع المرأة في السعودية لم يكن حائلًا أبدًا لأن تكون هذه الدولة حليفًا قويًا للولايات المتحدة، ولم يمنع الوضع المزرى للأقلية في البحرين الولايات المتحدة من جعل أرض هذه الدولة مقرًا لأسطولها الخامس!.

اسمعوا يا سادة يا كرام كلام هذا الإخوانى ثم صموا الآذان عن كلمات الأخ راضي، وسننظر إلى الناحية الأخرى لهذا الزمن المنقضي، حيث سنجد أن كفاح اللسان كان هو السمة الرئيسية لجماعة البلابيص، حيث إنه هو الكفاح الرخيص، الذي ليس له كلفة عالية وفى داخله خيرتهم الشاطر سيهيص، لذلك ارتفع الصوت الإخوانى منددا بالسياسة الأمريكية التي ترعى المصالح الصهيونية، وتظاهرات طلابية يستغلون فيها طلابهم السذج الذين تربوا على الثقة في القيادة الربانية، وإعلام أمريكية، يتم حرقها تحت الأقدام الإخوانية، ومقاطعة للبضائع الأمريكية، وعويل وصراخ وكأن هناك حريقة، ولعن الله أمريكا الكافرة الزنديقة.

ولأن اللسان غير الأنف ووظيفتهما تختلف فإنه لا تثريب على أنوف الإخوان إن أدمنت شم التبغ الأمريكي، فقد ذهبت أنوفهم تعدو صوب دخان السيجار الأمريكي، الذي يتصاعد من السفارة الأمريكية، وهى غير مدركة أن كل دخان سيتبدد ذات يوم، ولكن الأخ محمد عبد القدوس عرف طريق السفارة الأمريكية، يذهب إليها في الأعياد القومية الأمريكية مهنئا ومصليا “حتى لا يطير الدخان”، ولأن رسائل الإخوان كانت وردية فقد تعودت السفارة الأمريكية، أن تدعو أعضاء الجماعة الإخوانية، إلى ولائم السفارة من باب “أطعم الفم تستحى العين” ومع الفم الإخوانى الذي يلوك الطعام الأمريكي، كان اللسان الإخوانى المجاهد يصرخ في التظاهرات والتصريحات البطولية: لعن الله أمريكا وإسرائيل، احرقوا إعلام أمريكا إنهم قوم لا يتطهرون.

وإذ فجأة يا أهل الحارة الكرام يخرج الدكتور سعد الدين إبراهيم من سجنه بضغوط أمريكية، فيكشف الرجل بصراحته الأمريكية عن أنه كان عراب الاتفاق بين الإخوان والأمريكان بل والمجتمع الغربى كله.

وعند هذا المقطع قام عم مغاورى صاحب الحانة ليقول والكلمات تتلعثم في فمه: يُحرمونها ويعاقرونها، يلعنونها وينامون في مخادعها، ونظرا لأن الإخوان يا عم جوسقى لا يعترفون بالزواج العلني، فقد أنكروا ــ وهم يشتمون أمريكا ـ أن اللقاءات مع الأمريكان تخصهم فقال متحدثهم الرسمى عندما “كل شيء انكشف وبان”: هذه اللقاءات لا علاقة لنا بها، ومن حضر من الإخوان فيها حضر بصفته الشخصية “حيث أنه ترك صفته الإخوانية، في مقر الجماعة يا جماعة “!.

عدت مرة أخرى للترنم بالحكاية قائلا: بعد الثورة وقبل أن يصبح “الحكم قبل الدين أحيانا” لم يعد هناك أي مبرر إخوانى لإثارة تظاهرات ضد أمريكا الصهيونية، فقد كان هذا الكلام أيام الجهاد الرخيص، أما الآن فهم أمام الجهاد الأكبر، جهاد السعى نحو أريكة الحكم، وبالتالى لم يعد هناك ما يستحق الإخفاء، أو الخفاء، أو التنديد والتهديد، فطلع الصبح على الأفندي، سعد الكتاتني، وهو يدلى بتصريح لوكالة رويترز بأن: الجماعة ترحب بأى اتصالات رسمية (مذاقها لذيذ كلمة رسمية) مع الولايات المتحدة لتوضيح رؤيتها، وأكمل الأخ حمدى حسن سيمفونية الغزل الرفيع ورحب بالحوار، وفجأة جاء الصباح فإذا السفيرة الأمريكية تزور محمد أفندى بديع مرشد الجماعة البديع الذي اشتهر بقول قاله لوائل الابراشي: ما حدش يقدر يسيء بينى وبين شعبي!.

وبعد زيارات السفيرة يأتى وليم بيرنز “الأمرصهيوني” مساعد هيلارى كلينتون ويجلس مع قيادات الإخوان في جلسة سرية، ومن بعده كيرى ومن بعدهما ماكين، ليصل الإخوان للحكم، ثم يقوم حاتم بجاتو بإعداد نتيجة لانتخابات الرئاسة، ويعلن المستشار فاروق سلطان النتيجة بفوز مرسي، وبعدها يصبح بجاتو وزيرا في وزارة الإخوان، وحين يقوم الشعب بثورة على الإخوان ترفض أمريكا الاعتراف بالثورة، وتقرر قطع المعونة عن مصر، وتمارس عليها ضغوطا كبيرة، ولكن يا سادة يا كرام ترتفع إرادة الشعب فوق كل إرادة، فيجلس أوباما مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ويبيع الإخوان قائلا: إن ما قام به الشعب المصرى ثورة وإن أمريكا تتفهم ما قام به الجيش في 3/7، ولكن السيسي يا أهل الحارة أعطى أوباما درسا، رحم الله الإخوان، فالميت لا تجوز عليه إلا الرحمة.
الجريدة الرسمية