رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وما الذي يدعو للفخر؟


قد تكون لدى رئيس الجمهورية طموحات في صياغة علاقة مباشرة وواضحة بين السلطة ممثلة في شخصه، وبين وسائل الإعلام، لكن هذه الصيغة يريد رئيس الجمهورية أن يطرحها وحده، أن تكون من جانب واحد، حتى ولو كانت هناك مجموعات تم تشكيلها، لتحديد إطار واضح بين الإعلام والسلطة. يرغب السيسي أن يشكل إعلاما ستينيا خالصا، إعلاما شموليا كنظام عبد الناصر، وهذا رأى رأس الدولة في الإعلام، عبر عنه في أكثر من مناسبة.


لكن قبل " قولبة إعلام عبد الناصر في ٢٠١٤ "، يجب على رئيس البلاد أن يدرك أن هناك من يقبض على الجمر، ويتحمل أمورا لم تكن موجودة في عهد عبد الناصر، التهديدات أكثر، والخطر أعم وأشمل، واستهداف الدولة المصرية لم يتوقف منذ عهد الفراعنة، لكن هناك شرخ كبير يمزق أوصال الوطن، لا يدفع ثمنه إلا أبناء الكادحين والفقراء والمهمشين ومحدودى الدخل، حتى ولو كانت هناك إجراءات حكومية لامتصاص غضب هذه الطبقات الناقمة على كل الظروف، الأهم هو استيعاب هؤلاء، لا يهمهم إعلام ولا صحف ولا فضائيات، بعضهم الصحافة بالنسبة إليه مجرد " فرش فطار " ليس أكثر.

هذه المجموعات المارقة، غير واضحة التوجهات، المتباينة في الآراء، غنت لوزير الدفاع وهتفت باسمه في ميادين مصر، على أمل أن يحسن أوضاعهم، ويحركهم للأمام وينالوا نصيبهم العادل من الثروة، لكن رئيس الجمهورية قال في تصريح واضح إنه لم يعد في مصر ما يتم سرقته، هذا قول رئيس البلاد الذي قال وقت إن كان مرشحا لرئاسة الجمهورية، إن مصر مليئة بالخيرات والثروات وإننا من أغنى البلاد.. إلخ.

كيف يفكر مسئول في الدولة لديه شبق للفساد، ويعيش على أمل نهب ما يميله عليه ضميره، أن سرق فقد سرق حقه، فرئيس الدولة نفسه قال " مفيش حاجة تتسرق ". إذن ليس في مصر فاسدون، ليس في مصر من الآن شيء يدعو للفخر. ليس في مصر أراض، ليس في مصر ثروات. مصر المنهوبة اختفى شحمها ولحمها عبر ثلاثة عقود. نحن الآن نعيش في المدينة الفاضلة. إن أردت أن تأتى فليس هناك ما يدعو لأن تقلق. فليس في مصر فاسدون.

هذا تصريح كان يجب أن يتعامل معه الإعلام، وأن يوجه رئيس البلاد، لأن هناك أخطاء تأتى منه شخصيا، حتى ولو لم يكن يقصد، وتلك الشريحة الغاضبة، السهلة التشكيل في الوعى والانتفاض، خطر أيضا يجب أن ينتبه إليها الإعلام، كما يجب أن يدرك رئيس الدولة أن ما كان يصلح في ستينات القرن المنصرم، قد لا يصلح الآن، وعلى الرئيس السيسي أن ينشغل بدور أجهزته التنفيذية ومؤسسات الدولة في رعاية تلك الطبقة والشريحة، فسرعة إشعالها هذه المرة ربما يكون خطرا على الدولة المصرية.

Advertisements
الجريدة الرسمية