رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رامي جلال عامر: الذين يكتبون على "تويتر" يعانون من الفوقية والانعزالية

فيتو

  • الفيس بوك يفتقد أدبيات التعامل الجيد بين البشر
  • صعود العامية على حساب الفصحى لا يليق بكاتب محترم
  • لن أعيش في جلباب أبى 
  • محمود السعدنى جحا عصره

هو الكاتب «رامى جلال»، الابن الأكبر للساخر الراحل «جلال عامر»، ويعمل بجريدة مصرية مستقلة ويكتب لإحدى الصحف العربية، كما أنه معيد بقسم المسرح بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ويعتبره البعض امتدادًا لأبيه في مجال الكتابة الساخرة، ويراه آخرون دون ذلك.

خلال لقاء فيتو مع «رامى جلال»، أكد أنه ضد تصنيفه ككاتب ساخر، فهو كاتب شامل يكتب في كل الألوان والقوالب الصحفية، وأكد أنه على الرغم من تأثره بمدرسة جلال عامر فإنه حريص على أن يخرج من عباءته أو جلبابه ليكون له أسلوبه الخاص وطريقته في الكتابة، وقال إن الكاتب الساخر الذي يصالح السلطة يفقد بريقه ويتحول إلى مهرج في بلاط السلطان.. وإلى نص الحوار:

>لماذا توقع أعمالك دائما باسم رامى جلال فقط ؟
كان هذا اختيار والدى رحمه الله عندما كنت أستشيره في كتابة اسمى الصحفى، هل يكون ثلاثيا أو أكتب رامى عامر أو رامى جلال؟ فقال لى: اكتب باسم رامى جلال لأنه اسم موسيقى مقفول فكانت هذه وجهة نظره ومنذ عام 2003 وأنا أكتب باسم رامى جلال.

> يتم تصنيفك ضمن الكتاب الساخرين.. ما رأيك ؟
الكاتب الذي يصنف في قالب واحد من الكتابة يكون مقصرا في حق نفسه ومن المؤكد أنه لا يمتلك أدواته، فالكاتب يجب أن يكون كاتبا شاملا قادرا على إنتاج أفكار في قوالب مختلف بتقنيات كتابية مختلفة وفيما يخصنى أعتقد أن كلمة «كاتب» وحدها كافية وهى أفضل تعبير عنى.

>لكن ألا يتعارض هذا مع تصنيف الراحل جلال عامر بالكاتب الساخر؟
بالطبع لا، فجلال عامر هو أحد أهم الكتاب في الصحافة المصرية وهو ليس كاتبا ساخرا فقط فهو فيلسوف، وأنتج أنواعا كثيرة وقوالب متعددة في الكتابة فكتب مسرحا، ورواية، وقصة، وشعرا، وكتب دراما ومسلسلات إذاعية، فهو كاتب شامل، صحيح أن كثيرا من هذه الأعمال لم تنتج ولم تر النور على المستوى المرئى وهذا ما نحاول أن نقوم به لاحقا

> لماذا بقيت كلمات جلال عامر خالدة ؟
الكاتب الساخر لابد أن يسخر من الظواهر ولا يسخر ممن وقعت عليهم الظاهرة فهو يسخر مثلا من الفقر ويسخر ممن تسبب فيه ولا يسخر من الفقراء فتبقى أفكاره صالحة طالما بقى الفقر، وكذلك لأن الكتابة تنقسم إلى ثلاثة مستويات، المستوى الأول، أن نكتب عن أشخاص وهو قد يكون مقالا مهما ولكنه ليس قيما لأنه لن يعيش، والمستوى الثانى أعلى قليلا مثل الكتابة عن حدث وهو مهم وقد يكون قيما ولكنه في النهاية لن يعيش لأنه سينتهى أيضا بنهاية الحدث والمستوى الثالث هو الكتابة عن الأفكار والمشكلات وربط الخاص بالعام لأن هذه المشكلات ستظل موجودة كما يجب أن يكون لدى الكاتب رؤية ولو أولية ومبدئية لمداخل حل هذه المشكلات ولا يمكن أن يكتفى الكاتب الساخر بتشخيص المشكلة وإلا فقد جزءا من أهميته لدى المجتمع.

> هل تأثرت بالكاتب الراحل والأب جلال عامر؟
بالتأكيد خاصة أننى كنت قريبا منه وأتابع كل إنتاجه وأناقشه فيه.

> وهل امتد هذا التأثر إلى كتاباتك ؟
الحرفية الحقيقية أن أقدم شيئا خاصا بى وأى مبدع يجب أن يتوفر لديه مقومان أساسيان، الأول: الموهبة والثانى: الدراسة، والحكم على موهبتى متروك للقراء وأساتذتى، أما الدراسة فبعيدا عن دراستى الجامعية فأنا تلميذ في مدرسة جلال عامر، لكن لن أعيش في جلبابه، وهذا لا يعنى إنكارا لفضله، لكن بحثا عن شخصية جديدة، وأنا أذكر جيدا عبارة قالها أبى لأحد الأشخاص قبيل وفاته: « أنا معملتش فلوس في حياتى لكن استثمرت كل ما أملك في أولادى، فلا يمكن بعد كل هذا المجهود الذي بذله أن أقوم بتقليده وأكون نسخة باهتة منه.

>كيف ترى مستقبل الكتابة الساخرة بعد جلال عامر وأحمد رجب والسعدنى ؟
بطبيعة الحال الكتابة الساخرة لا تتوقف برحيل مبدع وإلا كانت توقفت برحيل محمد عفيفى وناجى جورج ومحمود السعدنى الذي أراه جحا زمنه ولكن هذا لم يحدث ولم تنته الكتابة الساخرة بعدهم ولكن هناك مدارس تسلم الراية لمدارس أخرى جديدة.

>ما رأيك في الاتهامات الموجهة لأبناء جيلك بالابتذال والاستظراف والخروج عن اللياقة في الكتابة الساخرة؟
بالفعل هناك نوع من أنواع الابتذال في كتابات البعض لكن في النهاية هذه الطرق في الكتابة موجودة طوال الوقت ولا يمكن أن نتهم الجيل الحالى وحده بالمسئولية عنها، لأنه طوال الوقت كان هناك كتاب لا يملكون القدرة أو الموهبة في الكتابة فيعوضون ذلك باستخدام مجموعة من الإفيهات الجنسية والابتذال وهو ما يجرى على فنون عديدة كالغناء والسينما والمسرح لكن كما يقولون فإن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة.

>هل أنت مع استخدام اللغة العامية في بعض الكتابات الساخرة؟
هناك صعود للهجة العامية على حساب اللغة العربية الفصحى وهذا لا يليق أبدا بكاتب محترم، وبالرغم من أننى لا أطعن في إمكانيات من يكتب بالعامية ولكنى أرى أنه كاتب «إلا حتة» أي أنه منقوص منه، لأن اللغة العربية هي الوسيط الأفضل للعمل الصحفى.

>كيف ترى علاقة الكاتب الساخر بالسلطة؟
الكاتب الساخر إذا تحالف مع السلطة فقد بريقه وفقد جزءا مهما من أدواته، فـ«السخرية لابد أن تنحاز للشعب» حسبما وصفها الراحل محمود السعدنى، فإذا كانت السخرية ضد الشعب وضد المبدأ العام تحول الكاتب الساخر إلى مجرد مهرج في بلاط الحاكم وما أكثرهم هذه الأيام!!

> ألا يؤدى ذلك إلى صدام بين الكاتب الساخر والسلطة؟
لو لم يحدث هذا الصدام تكون هناك مشكلة ما، إما أن تكون السلطة لا تستمع إلى سخريته أو أن الكاتب منافق ورجل السلطة في النهاية.

> ما الفرق بين التنكيت والسخرية؟
النكتة تهدف دائما إلى الإضحاك، والنكتة تتحول إلى شيء ساخر حسبما عرفها الراحل محمد عفيفى أحد أهم الكتاب الساخرين في تاريخ الصحافة المصرية «النكتة تتحول إلى سخرية، حينما يكتسب الشيء المضحك صفة الشيء الذهنى» بمعنى أن الأسلوب يهدف إلى الإضحاك والمضمون يخاطب العقل فإذا أوصل المكتوب رسالة مهمة بشكل مضحك فهذه سخرية أما إذا ضحكنا فقط فهذه نكتة.

> كيف ترى مستوى الكتابة الأخيرة وتحديدا بعد 30 يونيو ؟
حدث استقطاب قوى في المجتمع وتلك أكبر مشكلة للكتاب فلو افترضنا أن مصر كانت مجموعة من الجزر فقبل 30 يونيو كان الكاتب يستطيع أن ينال رضا مجموعة من متابعى كل جزيرة، لكن الآن الأمر مختلف لأن هناك جزرا كاملة يتم استقطابها.

> ما أسباب أزمة الكتابة الساخرة في الوقت الحالى من وجهة نظرك؟
مشكلة الكتابة أنه لا يجوز أن تكتب قبل أن تقرأ كثيرا فلو جاءت لك الفرصة وأنت صغير في العمر للكتابة ولم تكن قارئا جيدا بشكل يحقق الحد الأدنى بالنسبة للكاتب ستفشل سريعا، وأنا أشبه الكتاب الشباب الآن والكتابة الساخرة بمضمار السباق الذي يجرى فيه الجميع، لكن أنا واثق بأن الكثيرين سيقعون في وسط المسافة ولن يكملوا السباق ولن يصلوا لخط النهاية، وهناك نوعان من الكتاب الآن، النوع الأول كاتب غير قارئ، والثانى كاتب قارئ، والكاتب غير القارئ سينتهى، أما الكاتب القارئ ستكون لديه مشكلة واحدة أنه لابد أن يكلل هذه القراءة بالموهبة وهى ليست موهبة الصياغة لأن القراءة الكثيرة تصقل موهبة الصياغة ولكن موهبة الربط أي يتمكن من ربط ثقافته بالأحداث التي نعيشها والواقع الذي نعيشه ويقدم رؤيته ولو لم يكن لديه هذه الملكة فلن يستمر.

> هل أصبحت التويتات والكتابات على موقعى تويتر والفيس بوك أحد أشكال الأدب الحديث ؟
النتاج الفكرى الخاص بتويتر في مصر يتجه إلى الانعزال بمعنى أن هذا النوع من التواصل الاجتماعى عبر تويتر أصبحت له لغته الخاصة وأدبياته وشخصياته المشهورة فهناك من الكتاب من يكتب مقالات موجهة لشعب تويتر ظنا منه أنهم شعب مصر كله وهذا غير حقيقى واختيار سيئ وسينتهى الأمر بالكاتب والمتلقى إلى حالة من الانعزالية والفوقية، كما أن الفيس بوك يفتقد إلى أدبيات التعامل الجيد بين البشر وهو صورة من الشارع وكيف نجعل الفيس بوك أكثر رقيًا من الشارع هذا أمر يحتاج إلى دراسة.
Advertisements
الجريدة الرسمية