رئيس التحرير
عصام كامل

أخطر سرقة لم يتحدث عنها الرئيس


في كلمته القصيرة التي ألقاها الرئيس خلال افتتاح المجمع الطبي العسكري منذ أيام قليلة، أكد الرجل على ضرورة العمل فقط، لأن مصر لم يعد لديها ما يُسرق! كلمات وإن كانت واقعية وصادمة فإنها ليست كل الواقع.


عفوا سيادة الرئيس، مصر ما زال لديها الكثير والذي يُسرق أو يُهدر يوميا.. لن أكرر الحديث عن دعم رجال الأعمال والذين يحصلون على خيرات وطننا المنهوب بإقرار الجميع! لن أتحدث عن نوادي المؤسسات الحكومية التي تنفق الدولة عليها المليارات.
من أجل تدليل لاعبي الكرة والسادة الكبار الذين يحبون الجلوس في بهو تلك الأندية في انتظار كاميرات الكابتن خرابة وأمثاله لتلميع أصحاب السعادة والحديث عن الإنجاز العظيم بإحراز ثلاث نقاط وخاصة إذا كانت مباراة طرفها الأهلي أو الزمالك.

يا الله ! هزيمة قطبي الكرة تستحق تلك المليارات بينما سيدة مسكينة فقيرة بالضرورة والواقع، تُطرد من المستشفى لتلد على الرصيف.. تستحق أكثر من ذلك لأنها اعتقدت أن لها وطنا تحمل جنسيته ويمكنها أن تهب الحياة لجنينها في إحدى مؤسساته ولم تدرك أن المستشفيات الحكومية في مصر في أغلبها وسائل تمهيد للموت أو على أقل تقدير للعجز مدى الحياة.

لن أتحدث سيدي الرئيس عن التفاوت العبثي بين أجور موظفى الدولة حيث البدلات والحوافز التي تمنح الكثيرين (سرقات قانونية)، كل هذا بالطبع سيادتكم تدركونه ولكن سأتحدث عن أهم سرقة تحدث يوميا في مصر التي تتشرفون برئاستها.. إنها سرقة الأحلام والأمال!

أولا لا بد أن أقر بأنكم غير محاسبين عما قد سلف ولكنكم الآن في موضع المسئولية، فكثير من المواطنين والشباب الذين حلموا وظنوا أنهم سيجدون عدالة ومساواة في بلدهم بعد الثورة تبخرت أحلاهم تماما، واغتالتهم يد الإحباط والتمييز السلبي والطبقية التي مازالت بعض أجهزة الدولة تمارسها ضد كل من تسول له نفسه تحقيق ذاته بما يتناسب مع قدراته وإنجازاته ولقد وجهت سيادتكم بأن تكون تعيينات المعلمين الجدد بالعدل والشفافية.. حسنا، كم سيحصل المعلم حديث التعين بالمقارنة بزميله في القضاء أو الشرطة أو البنوك أو قطاع البترول أو باقى الوزارات المحظوظة !

دعكم من هذا، هل نفس معايير الشفافية تراعى في الجامعات التي صارت أغلبها عائلية.. هل المناصب السيادية تقبل بأبناء الفلاحين والعمال أو بوضوح تقبل بمن هم خارج إطار الكبار؟

إن سرقة حلم العدالة والاطمئنان لوجود وطن للجميع جعل غاية طموح الشباب وحتى الكبار هو الفرار من هذا الوطن الذي يشعرون فيه بغربة حقيقية، انظر سيدى لمكاتب العمالة والطوابير المصطفة أمامها سعيا للفوز بتأشيرة دولة أجنبية أو عربية وستعلم بأن الحلم والثقة بوجود وطن عادل يمنح الجميع أملا في الحياة قد تلاشت وسرقها الأوغاد وما يزالون !

هذا هو ما يهم الشعب سيدي الرئيس، سرقة الأموال يعرفها الجميع وحقا ما تم سرقته من مصر جعلها في موقف لا تحسد عليه، بالبلدى الصريح البلد (نشفت) خلاص بح... ولكن بح على الفقراء فقط وهم من يدفعون الثمن اليوم وغدا وحتى آخر العمر ولكن سرقة الأمل والحلم في المساواة والمواطنة الحقة هو ما يؤلم ويضر ويؤدى بنا للمهالك.
fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية