رئيس التحرير
عصام كامل

الشهامة


قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} القصص: 23- 24.


الشهامة هي الإيمان بالقيم وتنفيذها في أرض الواقع فعلا لا قولا وأن علينا تحمل الصعاب من أجل التخفيف عن الآخر ونحببه في الحياة عندما ندرك ذلك لا أن نضيق عليه الحياة ونزيد عليه الأحمال.

الشهامة أن تحفظ بنات الناس كما تحفظ بناتك وتتقى الله فيهم في القول والعمل وأن تتقى شر النظرة التي تؤدى بك إلى السوء ومن السوء إلى النار.. الشهامة أن تغيث المستغيثين ولا تتنصل منهم وأن تمنع باطلا من حدوثه ولا تعين ظالما على ظلمه وتجتهد في إثبات الحقوق.

الشهامة أن تجدك الناس واقفا على أبواب الفضائل بعيدا عن أبواب المفاسد وأن تكون صفات الله الحميدة التي تمشى على الأرض بعيدا عن صفات الشيطان الذي أخرج أبويك من الجنة.

الشهامة أن نعين المحتاج وأن تمنع باطلا من حدوثه وألا تعين ولى أمرك على الفساد سواء حاكما أم مديرا بل تظهر له الصورة التي لا يراها حتى يلم ببواطن الأمور ولا تبعده عن الناس وأن تقاوم حب الظهور من أجل أن لا تخشى في الحق لومة لائم.

لا تخف وأنت تحافظ على القيم خوف الموت فلو وجد حول المخطوف أناس اجتمعت عدة ما حدث اختطاف ولكن الخاطف ينتهز إحساس الناس بالأنانية ويعرف أنهم لن يجتمعوا حوله خوفا منه ويعرف أن كل فرد سيقول "وأنا مالى..خلينى في حالى..أصله ممكن يموتنى أو يجرحنى".

أتذكر في مترو برلين عندما دخلت سيدة في العقد الثامن من عمرها وكانت ترتكز على عكاز وغير قادرة على المشى تركها الناس واقفة وقمت أنا وأخى لنترك لها مكانا متسعا تجلس فيه وبعد أن جلست كان سؤالها من أين أنتم؟ قلت لها من مصر أومأت برأسها وكأنه عمل بطولى ولكنى سارعت بالقول إن ذلك في مصر عادى نفعله ولا ننتظر عليه شكرا...قالت..ليتنى من هناك.

قلت: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.
إن كان قدرك أن تموت دفاعا عن شرف أو ظلم فجمد قلبك ومت عزيزا أبيا..أفضل من الموت على فراشك وقد خسرت صفة الإنسانية.
الجريدة الرسمية