رئيس التحرير
عصام كامل

«التعليم» و«التابلت» و«أشياء أخرى» !


ذهب الطلاب وهم غير مصدقين أن كل واحد منهم سيعود بتابلت إلى منزله، تمت عملية التسليم وسط شد وجذب ما بين ولي أمر لا يرغب أن يوقع على التعهد، وما بين طلاب متشوقين لأن يروا هذا الاختراع العجيب، في النهاية استلم الجميع التابلت، والمفاجأة، استلموا معه الكتب المدرسية أيضا، وبقى المعلمون خارج هذه الدائرة، يرونه في أيدي الطلاب وهم يقفون بحسرتهم من بعيد إلا بالطبع من حالته المادية متيسرة ممن يعطون دروسًا خصوصية ويملكون التابلت والآي باد منذ زمن.


لم يقل لنا أي أحد في الوزارة كم كانت تكلفة التابلت؟ وما الذي يفرق في مواصفاته الفنية عن أي تابلت موجود في السوق، والذي تبدأ أسعاره من أقل من 500 جنيه حتى الـ12 ألف جنيه؟ وهل تمت مراعاة برمجة التابلت بحيث لا يقبل برامج أخرى تشتت عملية التعليم؟ أو حتى هل تم حذف برامج الدردشة والألعاب منه؟

الواقع العملي يفيد أنه تابلت عادي تماما مثل أي تابلت في السوق، يعمل بنظام الأندرويد الذي لا يستقيم مع برامج التشغيل التي تعمل بها وزارة التربية والتعليم في ظل تعاقدها مع شركة مايكروسوفت، وأن التابلت جاء بكل ما يحتويه أي جهاز عادي في السوق من ألعاب ودردشة، ولم تكن هناك أي برمجيات تمكن المعلم في الفصل من الاطلاع على التابلت ومحتوياته وتحميل واجبات أو إحداث أية حالة تفاعل بين هذه التابلتات (وتابلت آخر المفترض أن يكون موجودًا مع المعلم) حتى تصبح له قيمة حقيقية في التعليم، بل لم يتم تدريب المعلمين أساسا على برامج الأندرويد بعكس برامج مايكروسوفت والتي يتم تدريب المعلمين عليها من فترة طويلة من خلال تدريب جاد ورائع يُعرف باسم (أنتل).

في الأيام التالية للتسليم قام بعض الطلاب بحذف ما على التابلت من برامج تعليمية حتى يصبح به متسع للأغاني والكليبات و«أشياء أخرى» أستحي من ذكرها، هناك من يقول إن بعض التابلتات جاءت محملة بمقاطع وكليبات راقصة، لكن الله أعلم بصحة كلامهم، لم يكن في خطة الوزارة أي توقع لسوء الاستخدام، ولا أية عقوبة لمن يفعل ذلك من الطلاب؟ ولا إعداد لأي برمجيات مطلوبة – خاصة أن الأندرويد لا تعمل عليه برامج الأوفيس في حين أن مناهج الحاسب الآلي في المرحلة الثانوية تستخدم حزم الأوفيس - ولا كيفية التعامل مع المواقف الطارئة إذا ما احتاج التابلت لصيانة مثلا – خاصة أن بعض الطلاب قد توقفت لديهم شاشات اللمس عن العمل وسقطت بعض أزرار التشغيل وهذا بالطبع سوء استخدام منهم في ظل عدم تدريبهم عليه !

أتمنى أن تشكل لجنة من رئاسة الوزراء ووزارة التربية والتعليم وفريق من الباحثين التربويين والتقنيين، ويقومون بزيارات مفاجئة على أرض الواقع ليروا: هل كان التابلت مفيدًا أو معينًا في العملية التعليمية؟ أم هل يمثل عبئًا جديدًا على العملية التعليمية؟ وبالطبع أنا مع كل ما هو جديد في التعليم والتعلم، لكن شريطة أن تكون التجربة مصحوبة بتغذية راجعة تمكن من تعديل الأخطاء قبل فوات الأوان!  لذا السؤال الآن: ما الذي تحتاجه تجربة التابلت من تعديل قبل فوات الأوان؟
الجريدة الرسمية