رئيس التحرير
عصام كامل

نحن في حاجة لعقل جـــديد (2)


لكل العوامل التي أوجدتها الإدارة الأمريكية على مدى تعاقبها طيلة هذه السنين ومعها إسرائيل وأوربا والدول العربية المعتدلة، لم يحاولوا جميعهم إقامة دولة للفلسطينيين أو حتى الاعتراف بهم كدولة شرفية في الأمم المتحدة، لأن ذلك يتنافى مع إقامة الدولة اليهودية الكبرى من النيل إلى الفرات، وخاصة بعد أن اصطدمت كل هذه الدول بالحائط المنيع المتمثل في دول الممانعة والمقاومة، حيث إنها أصبحت عقبة وعرة في تمكين هذه الدول من بسط نفوذها في الشرق الأوسط.


من هنا نستطيع القول إن الإدارة الأمريكية المتمثلة في الكونجرس ومجلس الشيوخ، وكل الحكومات الأوربية والعربية، مازالوا يحكمون شعوبهم بعقل قديم – عقل لا يتعدى القرن الخامس عشر - فهل توقف نمو العقل عند هذا القرن..؟ هل أصبحنا غير قادرين على حل المشاكل لأنها أصبحت مستعصية على إيجاد أي حلول لها ونحن في القرن الواحد والعشرين..؟ نحن بالفعل في حاجة لعقل جديد يساعدنا على الخروج من الكوارث الرهيبة التي تحيط بنا وتلاحقنا وتتعاظم كل يوم عن سابقه، ولم نجد الحلول المناسبة لها؛ ومن أمثلة هذه الكوارث (الأسلحة النووية، ثقب الأوزون، المطر الحمضى، ارتفاع درجة حرارة الأرض، الإيدز، السرطان، الجرثومة الفتاكة إسرائيل) كل هذه الظواهر التي ساهم العقل القديم في اختراعها، أصبح اليوم عاجزًا عن إيجاد الحلول لها.

حتى الدول العظمى التي تنفق ملايين الدولارات في البحث العلمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تنفق على تسليح جيوشها أكثر من تريليون دولار سنويًا، وما يعادل 400 بليون دولار سنويًا على الأبحاث الطبية بالمؤسسات الصحية، أي بقيمة 13 % من الموازنة العامة، وكذلك تنفق 100000 دولار على مريض واحد من مرضى الإيدز، أي أنها تنفق 50 بليون دولار على كل المصابين بهذا المرض، ولقد أنفقت على الحرب في العراق وأفغانستان 6 تريليونات دولار حتى سنة 2011، تاريخ انسحابها من العراق، ورغم هذا الإفلاس الذي منيت به واشنطن ودول أوربا بعد العاصفة التي عصفت باقتصاد بلدانهم، للأسف لم يستطع العقل القديم إيجاد حلول تخرجهم من هذه الكارثة الكبرى.

وبدلا من الاجتهاد في البحث عن حلول، نجدهم مازالوا يفكرون بشن الحروب على البلدان التي تملك الثروات النفطية لنهب وسلب هذه المقدرات واغتصابها بالقوة أو بالطرق الدبلوماسية الناعمة، بأن تتفق مع حكام هذه الدول بالحفاظ على كراسيهم من إخراجهم من براثن هذا السونامى العاصف للمال والاقتصاد اللذين أصبحا في مهب الريح، لذلك هم يبذلون كل جهدهم بالاتفاق مع حكام قطر والحجاز وتركيا، لمساعدتهم في رسم خارطة العالم الجديد بعد تمزيق سوريا وإيران، وأعتقد أن هذا غير ممكن اليوم؛ لأننا في حاجة إلى عقل جديد يستطيع أن يخلصنا من هذه المشكلات.
Dr_hamdy@hotmail.com
الجريدة الرسمية