رئيس التحرير
عصام كامل

برومو أفلام العيد والفن الغائب!


كل عام وكل الأمة الإسلامية والعالم العربي وكل أهل مصر بخير، عيد أضحى سعيد، ومع العيد يحلو للكثيرين الاحتفال بالذهاب للسينمات، ورغم أن هناك قاعدة نقدية تقول، إنه لا يجوز الحكم على القيمة الجمالية لأي عمل فني إلا بعد المشاهدة الكاملة له، وهي قاعدة صحيحة تماما فيما يخص الجانب الفني الجمالي للعمل الإبداعي، لكن ماذا عن التأثير الاجتماعي لفقرات الدعاية فيما يعرف بالبرومو لهذه الأعمال؟، علما بأن ملايين المصريين لن يشاهدوا الأفلام نفسها، وستؤثر فيهم هذه الفقرات الدعائية ذاتها، على ماذا اعتمدت هذه الفقرات؟، أظن أنه من حقنا تماما نقد هذه الفقرات الدعائية ذاتها من منظور فني اجتماعي.


وإلى الآن، خلال ما تابعت، انطلقت 8 فقرات دعائية لـ8 أفلام مختلفة، تتراوح محاور أحداثها ما بين تجارة المخدرات وصراع السيادة بين الرءوس الكبيرة للمخدرات، فيلم «الجزيرة 2»، وما بين عالم الليالي والسهرات وفرق الأفراح، وطموح الصعود للقنوات الفضائية، التي يبدو الفارق بين مهارات مقدمي الفقرات الشعبية في تلك الأفراح، ومقدمي بعض البرامج بها، من منظور فيلم «النبطشي»، هو فارق في الحظ فقط، وتفاصيل السجون والعلاقات داخلها، في فيلم «وش سجون»، والحرب بين رجال الأعمال على خلفية حب غير متكافئ في فيلم «حديد»، والتقديم التقليدي للصعيدي غير المدرك لواقعه، والذي تقوده المفارقة للذهاب لمكان مختلف عما اعتاده فيتورط في جريمة قتل، في فيلم «واحد صعيدي»، والنمطية المتناهية في قصة «عمر وسلوى» بعدما استهلكت من قبل في عمر وسلمى، وعلى غرار مسلسل طبيب نساء، يأتي فيلم «حماتي بتحبني» مع عودة لحمادة هلال للسينما، والعرض التقليدي للعشوائيات بنمطيتها دون غوص لحقيقتها مع «المواطن برص».

وبطبيعة الحال تفنن كل برومو باستثناء الجزيرة في عرض مقدار ما في الفيلم من عري، ومن تجاوزات، على غرار السؤال المشهور لعلاء ولي الدين رحمه الله: الفيلم قصة ولا مناظر؟ فأرادت الفقرات الدعائية لكل فيلم التأكيد على أن الفيلم المقدم «مناظر».

توقعي الشخصي أن الفيلم الذي سيحرز أكبر قدر من المشاهدة هو فيلم (الجزيرة2)، لأنه أكثر الأفلام جدية، ومع ذلك، ورغم أن عيد الفطر الماضي لم تنجح الأفلام التي تم تقديمها في تحقيق إيرادات تعادل مصروفاتها، يبدو أن المنتجين لا يريدون أن يستوعبوا الدرس، فالحقيقة أن تقديم أفلام تعتمد على المناظر المثيرة في زمن الفضائيات التي تتيح ذلك 24 ساعة وعالم الإنترنت المفتوح هو قدر من جنون الانعزال عن الواقع.

السؤال الآن: هل هذه مصر؟ أين القضايا التي يعاني منها الكثيرون من الناس الآن؟ أين تلاحم المجتمع وإصراره على مواجهة الإرهاب؟ أين الحث على العمل والبناء؟ أين التنوير؟ أين التثقيف؟ أين التبصير؟ أين الموضوعات التي يمكن لها أن تغير أرض الواقع لو تم فعلا تناولها؟

يؤسفني أن أقول أنني كناقد غير راض عما ينفق في إنتاج هذه الأعمال، وأنه يتم ابتزاز المجتمع المصري تحت بند حرية التعبير بأعمال لا تؤدي إلا لتكريس تعظيم شأن المخدرات والبلطجة والانحراف والتحرش، وأنه ليس لدينا إلى الآن ما يعبر عن واقعنا تعبيرا فنيا حقيقيا، ورغم ذلك، فإن الفرصة مهيأة لمصر بعد ما تعرضت له ريادتها الإعلامية الخبرية، الفرصة مهيأة لأن تستعيد ريادتها السينمائية، فقط مجموعة من السيناريوهات الجادة، وإنهاء الاعتماد على نجوم الصف الأول وتقديم نجوم جديدة يكفي لتحقيق هذا الغرض، إني أدعو وزارة الثقافة، بما يتوفر لديها من فرق مسرحية وفنية أن تقوم بإنتاج أعمال سينمائية جادة تعالج قضايا الوطن وهموم المواطن وتعيد روح المسئولة والالتزام، هل نشاهد في أفلام عيد الفطر المقبل إن شاء الله شيئا من ذلك؟.
الجريدة الرسمية