رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قاض يراهن على أبوة السيسي


أبكاني ما قرأتُ من حديث أحد السادة قضاة مصر من مجلس الدولة عن موقف ابنه الصحيِّ وقد غلَّ مستشفى سرطان الأطفال يده عنه نتيجة تدهور حالته الصحية واحتياجه للعلاج خارج البلاد، عقب اجتهاد المستشفى في علاجه لشهور خلت ما بين جرعات كيماوية ثم عملية زرع نخاع، بعدما فصلوا بعض الخلايا الجزعية لابنه الآخر وزرعوها في نخاع أخيه المريض، مستغيثًا لإنقاذ حياة طفله ذي السنوات الخمس.


أبكاني لأن أصعب شيء على المرء أن يقف عاجزًا أمام المرض أيًا كانت الأسباب أو الأحوال أو التواريخ، هذا الوحش المُدرَّب على سلب مشروعكَ المستقبلي، وحرمانكَ مِن حقكَ الشرعي وأُسرتكَ في الحلم، واستبدال جُل أوقاتكَ تفكيرًا بعيدًا عن دُنياكَ الروحية أو العملية، دون أدنى ملكية حقيقية لمنظومة دفاعية تواجه هذا الهجوم الضاريِّ.

أبكاني انكسار القلب النابض في جوف من ينتمي إلى مؤسسة القضاء المصري الشامخ، التي تسعى بكل ما لديها من فكر وعلم وحياة وفق إمكانياتها للوثوب بالنزاعات المختلفة إلى حضن العدالة، وما زالت صامدة برجالها العدول وسط أجواء تاريخية تلقى فيها سهامًا مُمنهجة للتأثير فيها وتشويها صورتها أمام الرأي العام، سواء مِن بعض وسائل الإعلام أو الجماعة الإرهابية ومَن والاها مِن الأهل والعشائر وما ملكت أيمانهم!

أبكاني لأن المأساة ليست شخصية تتمثَّل في أب يسعى لعلاج ابنه وما تداعبه الطفولة وبراءتها من أشجان مُضاعفة في قلب أبيه، وإنما كما قال صاحبها هي أزمة عامة لقاضٍ متوسط الحال غير قادر على دفع تكاليف علاج ابنه في الخارج، لغلِّ يده ودخله الذي يُعينه على العيش وأسرته حياة كريمة مُطمئنة دون السماح بمواجهة مرض مفاجئ يحتاج إلى ملايين الجنيهات لمُجابهته.

والموضوع في ظني لم يخرج من أسقف الصلاحيات المالية للسيد وزير العدل، والحق أن وزير العدل السابق كان متعاطفًا مع الحالة وقت علاجها في داخل البلاد، لكن لن يسعفنا الوقت لمتابعة مسرحية هزلية جديدة تكررت إبان الرئيس الرئيس الأسبق حسني مبارك بين نادي قضاة مجلس الدولة وبين وزير العدل الأسبق المسكوت عنه ممدوح مرعي في واقعة علاج أحد قضاة مصر في الخارج، وتَرَك النظام مشاهدها حينئذ تتوالى على مدى شهور والوزير المرعي يتصدر الشاشة رافضًا رفع السقف المالي العلاج عن حد معين كان لا يكفي أصلًا لعلاج الحالة المَرَضية، حتى أن انعقدت الحبكة الدرامية وارتفع زروة الصراع والأحداث، فخرج علينا الرئيس الأسبق مثل شجيع السيما في أفلام المقاولات الأبيض والأسود مُعلنًا علاجه كلية على نفقة الدولة في الخارج، وكأنه كان مُغيَّبًا طوال فترات سيناريو المرسوم بمقاطعه النهارية والليلية!

وأعتقد أن الوضع الآن مختلف بعد ثورتيْن عظيمتيْن أعجزهما الشعب المصري في أقل من عاميْن ونصف العام، وفي ظل حرص الرئيس السيسي خلال مائة يومٍ من ولايته على إرساء شكل جديد لمعالم الخير بين أجهزة الدولة المختلفة، ومتابعاته الدورية لأداء الحكومة المَحلبيَّة، وهو ما يتطلب سرعة وقوف الدولة بجوار أحد قضاتها لإنقاذ حلمه ومستقبله المتمثل في ثمرة حياته الفطرية وفلذة كبده وعلاجه في الخارج على نفقتها، بعدما فشلت الاجتهادات الطبية المصرية في شفائه وعادت الخلايا السرطانية تهاجمه من جديد بكل أسلحتها الفتَّاكة بلا تحالفات أو اتفاقات، وأمام مرأى من أجهزة الجسم المتحدة في سكون تام دون دفاعات أو خِلافه!
وتبقى في النهاية إرادة الله فوق الجميع، فهو الرحمن الرحيم ونِعم المولى ونِعم النصير، له الأمر مِن قبل ومِن بعد...
Poetgomaa@gmail.com


Advertisements
الجريدة الرسمية