رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«العبيد».. رواية مدهشة بتقنية سينمائية لـ«محمود الغول»

 رواية العبيد
رواية العبيد

صدر مؤخرا للكاتب محمود الغول رواية «العبيد» عن دار رهف للنشر والتوزيع، التي تتناول السيرة الذاتية لقرية مصرية من فترة الثمنينات حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي.


والعمل في مجمله يرصد الحياة اليومية لسكان تلك القرية وعاداتهم وطقوسهم في مختلف شئونهم، بداية من الميلاد وحتى مواراة الأجساد الثرى، وما بينهما استعراض لمشاعر وانفعالات بشرية تفضي بنا إلى عقدة أساسية عن ماهية الحرية والعبودية في إطار واقعي سحري.

ويتميز أسلوب الكاتب بدقة الوصف والاستغراق في التفاصيل لدرجة تنقل معها القاريء من مجرد القراءة إلى المشاهدة، إذ تتجسد أمامه شخوص بشحمها ولحمها ما بين شيخ العرب، وبلال ذلك الفتى الأسود وشقيقته فاطمة، وكذا شيخ الجامع وحلاق القرية والباحثين عن الكنوز والمشعوذين، وشخصيات أخرى.

ولا يكتفي الغول في روايته "العبيد" بسرد حاياته العجائبية عن أناس يسكونون الجبل وآخرين يقطنون القرية، فيتطرق إلى "البغل"، ذلك الحيوان صاحب الماساة الكبرى الذي يقبع في منطقة وسطى بين الحمير والاحصنة، فلا هو ينتمي لهذه الفئة ولا تلك، ما يجعل بينه وبين بطل الرواية "بلال" تشابه، فكلاهما يبحث عن هويته.

ولا يرتكز الغول على عقدة الرواية كأداة مهمة للتشويق وربط القاريء بالرواية، إذ ترتكز رؤية الكاتب على عناصر أخرى لجعل القارئ شغوفا بالعمل ومتابعته حتى النهاية، ومن هذه العناصر زخم الأحداث وتتابع الشخصيات وتتداخل العلاقات فيما بينها التي تغرق القارئ في الدهشة.

أيضا يرتكز محود الغول في "العبيد" على عنصر السرد واللغة الغرائبية ثم الحوار المتدفق بسلاسة بين الشخصيات، ليكشف أسرار عالم ربما يجهل معظمنا ما يدور فيه.

تبدأ الرواية بمقولة للزعيم الهندي غاندي، عنونها الغول بـ"الفصل الأول والأخير"، إذ يقول غاندي: "حين يقرر العبد ألا يكون عبدا تسقط عنه القيود".

ويستخدم الكاتب تقنية سينمائية في روايته، إذ قسمها إلى مشاهد مترابطة يغلب عليها الإيقاع السريع، ويمثل كل مشهد ما يشبه القصة القصيرة، التي تشكل في مجملها رواية كاملة وحبكة مشوقة.

تلك التقنية تجعل رواية العبيد عمل أدبي أقرب إلى الأفلام السينمائية، ففيها شخصيات من لحم ودم، واحداث غنية بالمشاعر الإنسانية والانفعالات البشرية المتباينة، كما لا ينقصها الإيقاع السريع.

ومن أجواء الرواية: "في هذا الأسبوع المشئوم، فقدت البلدة الصغيرة تسعة من سكانها، وسبحان الخالق، فهذه عادة تتكرر سنويا، فلا يكاد أول الغيث يسقط حتى ينهمر السيل، منذ وعيت على الدنيا وناموس الموت في العرب لا يتغير: يموت أحدهم فيتبعه ثان ثم ثالث ورابع حتى يموت التاسع. حدث ذلك العام الماضي، وفي الأعوام السابقة له. وقد سمعت العجائز في جلساتهن يقلن أن عزرائيل يأتي لنا في العام مرة واحدة ولا يرحل إلا بصحبة تسعة أرواح! في العام الماضي، مثلا، ذهبت "صديقة" زوجة شعبان أبو مرزوق قاصدة الوحدة الصحية بقرية المنيا المجاورة بحثا عن علاج لوجع ركبتها فعادت في صندوق خشبي، إذ دهسها اتوبيس الكافوري، ولم تمر ساعات على وفاتها، إلا وتعالت الصرخات من بيت الحاج عبد اللطيف، الصياد، فقد مات ابنه، أحمد، غارقا في مياه الترعة القبلية، وتلى ذلك وفاة الجدة أم السعد، آخر ورقة في شجرة عائلة أبو إبراهيم، ثم عيد أبو سليمان، وكامل البناء، ومحسن أبو عدوي، وجمالات ابنة راشد العصايمي، وسيد أبو خميس، وتاسعهم رضيع ولد لعائلة أبو مليجي، لا اتذكر اسمه، فقد غادر الدنيا وعمره يوما أو بعض يوم".


Advertisements
الجريدة الرسمية