رئيس التحرير
عصام كامل

مهرجانات وترامادول وبانجو في كتب التاريخ


بالطبع هناك فبركة واختلاق وكذب في موضوع وضع شخصيات بعينها في كتب التاريخ، فلقد تناثرت شائعات أو ربما البعض القليل من حقائق حول وضع شخصيات شهيرة في كتب التاريخ في مراحل التعليم قبل الجامعى وغضب الكثيرون من هذا وتناولوا معظم تلك الشخصيات بصفات لا يصح ذكرها وإن كان بعضها صحيحا بكل أسف وهنا.. يجب أن أوضح صراحة أننى مع وضع تلك الشخصيات والأسوأ منها في مناهجنا.. نعم دون تهكم أو سخرية أو تورية فأنا أقصد ما أقول!


فهل من الصحيح والمفيد لطلابنا معرفة النماذج المثالية فقط في حياتهم وفي تاريخ الوطن في المراحل الأصعب؟! لا أعتقد ذلك بل إن العبرة تُستخلص من النماذج السيئة خاصة إن كانت درجة فسادها مؤثرة ومدمرة للأجيال ومثالا لا يحتذى به في الخيانة وتدمير الأوطان، فمع قدوم الحملة الفرنسية، وفقا لما ذكره الجبرتى، قام عدد غير قليل من المصريين بموالاة الغازى المحتل بونابرت وغفروا له دخوله الأزهر الشريف بالخيول وذبح المصريين في الشوارع ليل نهار وللاشمئزاز أنه كان من بين هؤلاء شيخ أزهرى يسمى الشيخ البكرى والذي باع دينه وشرفه ودنياه أيضا بعرض من حذاء نابليون ولكن المصريين نسوا هذا الشخص لأسباب ربما دينية وتمسكوا بخيانة المعلم يعقوب !

والمعلم يعقوب هذا خائن أيضا مثل البكرى وآخرين ولكنه كان مسيحيا فأعلن صراحة موالاته للفرنسيس وجاهر بعدائه للمصريين ولدينهم وقاتل مع المحتل وكان نصيبه أن مات محموما مهملا منبوذا مع الحملة الفرنسية في إيابها لفرنسا وألقى به جنودها في البحر !

كم من يعقوب وبكرى يعيش في وسطنا الآن، كم من مخرب للوطن ومقدراته يحيا على أرضه ويكيد له بأشكال عدة، نفاقا وسرقة وتدليسا وإرهابا؟.. كل تلك النماذج الوقحة يجب أن تُدرس لأبنائنا ولكن الإشكالية تكمن في مصداقية وشفافية عرض دور هؤلاء في تاريخ الوطن.

فعن نفسى أتمنى وضع الإعلامي توفيق عكاشة في كتب التاريخ... دون تهكم أو سخرية من شخص الرجل الذي نادرا ما أسمعه ولكنه عظيم التأثير في فئات عديدة من الشعب، ليسوا فقط الأميين بالضرورة، فكثيرا يستشهدون بأحاديثه وتنبؤاته وحكمه التي تملأ صفحات امواقع لتواصل الاجتماعى وتعكس الثقافة الجديدة في مصر، فلقد فاق الرجل تأثيرا كل مفكرين مصر حتى صاروا جميعا عديمى الذكر بالمقارنة به !

أتمنى أن يدخل التاريخ أيضا الـ... لا أدرى بالضبط كيف أصفهم، فما يقدمونه لا يمت للغناء بصفة أو لمعايير الفن الإنسانى بأدنى علاقة ومع ذلك هم ناجحون ومنتشرون بين فئات كثيرة مما يؤكد وجودهم ويعكس مدى تدهورنا ثقافيا وإنسانيا، أقصد من يصفون أنفسهم بمطربى المهرجانات الذين حولوا حياتنا لصخب شديد غير مفهوم المعانى أو المفردات ولكن تواجدهم الفعلى في الواقع يستحق أن يكتب بمداد من سواد في كتب التاريخ وهل لا يعرف أحد أوكا وأورتيجا مثلا؟!

أخيرا وليس آخرا فإن البانجو والترامادول تفوقا بكثير على باقى المخدرات التي تستحق أن تتضمنها كتب التاريخ لكن... لن يفوق تأثيرهما بعض مقدمى برامج التوك شو ودكاكين مدينة الإنتاج الإع.... لامى ! (يُتبع )
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية