رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مليون ونصف متسابق من أجل "شبشب" !


لا فائدة ترجى من أي إصلاح للدولة المصرية التي ينخر الفساد في عظمها إذا لم يكن التعليم مشروعا قوميًا واقعا لا تمنيًا وفعلا لا شعارًا، و للأسف عندنا فى مصر مهزلة تسمى تعليمًا ! ولقد نشرت الصحف المصرية على لسان وزير التعليم أن وظيفة معلم مساعد التي أعلن عنها رئيس الجمهورية يوم عيد المعلم، قد تقدم لها ما يقرب من مليون ونصف المليون شاب وفتاة من خريجى الجامعات المختلفة ! يالله.. كل هذا العدد يتسابق للحصول على شبشب... لا تصدم أو تندهش.


ففى نفس يوم عيد المعلم الذي احتفل به مشكورا الرئيس قال سيادته لأحد الإعلاميين الذي حاول التجارة بقضية الدروس الخصوصية إن بعض المعليمن يذهب للمدرسة بالشبشب ولا يستطيع شراء حذاء أو دفع أجرة المواصلات ! صراحة مرة وحقيقة مؤلمة لورثة الأنبياء لكنها ناقصة وتفتقر للحلول الممكنة والإبداعية من الرئيس وإدارته.

لا أدرى في الواقع هل شعر المعلم المصرى بأى تكريم منذ مسخرة مدرسة المشاغبين في السبعينيات ومنذ وضع راتبى المعلم والطبيب في أدنى درجات الوظائف الحكومية وكأن الدولة تتعمد هدم نفسها بتقويض أهم شيئين في حياة الشعوب، التعليم والصحة، وكأن السادات قد وجد أن أفضل علاج لهذا الشعب المشاغب هو تجهيله وتعذيبه بالمرض حتى لا يقدر على الانتفاضة ضده مرة أخرى بعد انتفاضة الخبز الشهيرة.

فالتعليم ليس مجرد مشكلة في مصر بل هو في الواقع أزمتها الكارثية التي تلقى تبعاتها على الاقتصاد والتقدم والأخلاق والوعى الذي يعتقد الكثيرون أنه وليد بعض القراءات البسيطة أو الاستماع لبرامج التوك شو الموجهة بشكل فج لتدمير ما تبقى من مزايا قليلة في الشخصية المصرية.

المحزن في الأمر أن الرئيس قال تلك العبارات القاسية والمهينة في حق المعلم ولم يطرح حلولا للنهوض بالمعلم والتعليم والأكثر حزنا وكارثية هو تسابق ما يزيد على مليون ونصف المليون شاب... بالطبع فقراء جدا أو تحت خط الفقر...للحصول على عمل غير مُجدٍ ماديا أو معنويا، فبكل أسف ليس المعلم المصرى هو المعلم في ألمانيا الذي يحصل على مبلغ يفوق القضاة !!
تخيل، فوق الباشا القاضى وطبعا فوق الباشا الضابط وطبعا يفوق أجر المحاسب في بنك بينما عندنا العامل الأمى في شركات البترول أو الكهرباء الخاسرة يفوق دخله دخل مدير مدرسة قارب على المعاش !

من أين... طبعا ستدافع عن الرئيس الذي أصبح انتقاده عند الكثيرين أو مجرد الاعتراض على أي شىء يطرحه خيانة وخروجًا على الوطنية وربما الدين أيضا... أقول لك إن مصر بها 18 مليون طالب يدفعون أكثر من 60 مليار جنيه للدروس الخصوصية تذهب لبعض من يمتهنون تجارة الدروس وأغلبهم ليسوا معلمين، هل من الصعب صدور قرار يجرم العمل بالتعليم خارج أسوار المدارس مع تحصيل مبلغ شهرى ولو 100 جنيه فقط من كل طالب !

قبل التشدق بمجانية التعليم أسألك هل التعليم مجانى ! فأصغر تلميذ في نجوع مصر يدفع الكثير شهريا لتجار التعليم في المراكز، بينما طالب الثانوى يدفع ألوفًا شهريًا، أدرك صعوبة القرار ولكنه ليس مستحيلا ويحتاج لرئيس قوى مثل السيسي و... لديه شعبية لا أنكرها مع معارضتى كثيرًا من سياساته !
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية